احذروا المؤامرة على قانون الإنتخابات
كتب / د. محمد أبو بكر
حاولت في الأيّام الماضية قراءة مابين سطور الأحداث والأخبار المتعلّقة بقانون الإنتخابات النيابية ، ومتابعة ما يجري ، والإتّصال بجهات لها علاقة بالموضوع ، فوجدت بأننا كأردنيين أمام مؤامرة كبيرة فيما يتعلّق بالقانون من قبل جهات تحاول فرض أجندتها ونفوذها وسطوتها .
هناك إصرار من قبل عدد كبير من النواب والقوى السياسية والحزبية المختلفة بضرورة إجراء تعديلات جوهرية على القانون لإخراجنا من ( الصوت الواحد ) وتطوير القانون بحيث يعمل على تحقيق مشاركة أوسع في الإنتخابات ، خاصّة وأنّ الإنتخابات الماضية استنكف عنها أكثر من ستين بالمئة من الأردنيين .
رئيس الوزراء عمر الرزاز من المتحمّسين جدا لإدخال تعديلات هامّة على القانون ، ولا مانع لديه من صياغة مشروع جديد يحظى بموافقة مختلف القوى ، ولكن الرئيس يصطدم بمراكز قوى ، ليس داخل الحكومة فحسب ، بل ومن خارجها ، وهم الأقوى ، حيث يمثّل هؤلاء مجموعة من الشخصيات التقليدية من سياسيين واقتصاديين ، ومنهم رؤساء حكومات وأصحاب نفوذ .
هذه الشخصيات تريد أن تحكم الأردنيين وفق مصالحها وأهوائها ، يريدون أن يتحكّموا بمصائرنا ، سواء كانوا فوق التراب أو تحته ، وبعضهم وصل إلى مشارف التسعين من العمر ، وما زال يبحث عن تكوين مستقبله القادم !
هؤلاء ؛ لا يريدون أبدا ، لا للأحزاب ولا للوجوه الجديدة الوصول إلى البرلمان ، يريدونه حكرا لهم ولجماعاتهم ، باختصار .. هم يرغبون ببقاء الصوت الواحد كما هو ، وعدم ادخال أيّ تعديلات ، سوى تخفيض سنّ المترشّح .
هذه الشخصيات لها أهميّتها ونفوذها وسلطتها ، حتى لو كانت خارج الحكم ، فهي ما زالت مسيطرة على الكثير من المفاصل ، في ظلّ وجود أحزاب هشّة وضعيفة ، وقوى سياسية متناحرة لا تعرف موقع أقدامها .
يستطيعون إدارة دفّة الأمور كما يريدون ، والرئيس الرزاز ليست لديه القدرة أو النفوذ الذي يتمتّعون به منذ عقود لمواجهتهم ، ولذلك نحن أمام مؤامرة كبيرة بحقّ قانون الإنتخابات ، الذي نريده قانونا يليق بالأردنيين بعد العديد من التجارب الفاشلة على مدى ثلاثين عاما .
نريد قانونا يحترم هذا الشعب وتطلّعاته ، لا قانونا يتمّ تفصيله على مقاس البعض ، فمن حق الأردنيين أن يعيشوا حالة ديمقراطية حقيقية لا مجرّد سراب ديمقراطي يمتدّ منذ العام 1989 .
هم يرغبون بالمحافظة على مكتسباتهم ومصالحهم وثرواتهم ونفوذهم وأزلامهم ، ونحن نريد مكتسبات للوطن وأبنائه من خلال قانون نجمع عليه ، يشكّل مقدّمة لدخولنا الحياة الديمقراطية الحقّة والتعددية السياسية التي نريد .
من سيقف في وجه ما يجري في الخفاء بحقّ قانون الإنتخابات ؟ وهل المسألة وصلت إلى حدّ الخطورة والتضحية ؟
لا شكّ أنّ جلالة الملك يراقب ما يجري ، يلاحظ ويدقق ، وكثيرا ما تحدّث جلالته حول الأحزاب والتعددية والحكومة البرلمانية ، أيّ أنّه باختصار يرغب بنقل الأردن لمرحلة هامة في الممارسة الديمقراطية مع وجود أحزاب فاعلة وقويّة ، وهذا ما يواجه بحرب ضروس من تلك القوى التي تحدّثنا عنها ، وبذلك فإنّ الأردنيين على ثقة بأنّ جلالة الملك سيكون له القول الفصل ،لأنّ ما يرغب به جلالته على الصعيد الديمقراطي والتعددية والإنتخابات وتفاصيلها يتناغم مع رغبات المواطنين بأجمعهم .