جلالة الملك أمر بنقل الأم الى المدينة الطبية للعلاج ..

اعداد : فريال البلبيسي

تصوير: تهاني أبوصالح

مونتاج : قصي الدعجة

لعل أكثر ما يحزن القلب ويدمي الفؤاد تلك الحوادث أو الجرائم التي تطال أطفالا أبرياء , ففي مشهد حزين ومرعب أدمى القلوب لقي ثلاثة أطفال مصرعهم تباعا بعد استنشاقهم احدى الغازات السامة وهم نيام , ولم تنجح محاولات اسعافهم بأي شكل من الأشكال , فيما خيمت حالة من الحزن الشديد على مدينة العقبة وعلى الشارع الأردني بأكمله , وعلى ذوي الأطفال الثلاثة , وعلى كل من تابع هذه الحادثة المأساوية .

الحادثة ..

توفيت طفلة تبلغ من العمر 7 سنوات متأثرة باصابتها جراء استنشاق مبيد حشري في عمارة بمنطقة العاشرة في محافظة العقبة ليصل عدد الوفيات الى ثلالثة أطفال واصابة والدتهم .

وقال الناطق الاعلامي باسم الدفاع المدني المقدم اياد العمرو ان المديرية تلقت بلاغا من قبل مديرية شرطة العقبة بوفاة ثلاثة أطفال ووالدتهم نتيجة استنشاق مادة كيماوية سامة , وعلى الفور تحرك فريق المواد الخطرة التابع لمديرية دفاع مدني العقبة الى موقع الحادثة للتعامل مع المادة واستخراجها من المنزل بارتداء جميع مستلزمات الوقاية الشخصية .

وأضاف الناطق الاعلامي أنه وبعد الكشف على المادة تبين أنها مادة سامة " فوسفات الألومنيوم " الناتجة عن غاز الفوسفين والتي تستخدم كمبد حشري , وهي تعتبر من المواد السامة ولا تستخدم الا من قبل مهندس زراعي مختص , حيث تم التحفظ على المادة وتسليمها للجهات المختصة ؛ علما بأنها منتهية الصلاحية .

وأكد الناطق الاعلامي للدفاع المدني أنه قد تم تطهير المبنى بالكامل من قبل فريق المواد الخطرة , حيث نتج عن الحادث وفاة ثلاثة أطفال , فيما وصفت حالة والدتهم بالمستقرة , حيث تم تمرير اسم المادة الى مستشفى الأمير هاشم العسكري ليسهل تعامل الأطباء مع الحالات التي أدخلت لتلقي العلاج .  

وأشار الناطق الاعلامي الى انه تم تشكيل لجنة من الجهات المختصة للوقوف على هذا الحادث .

ويذكر ان مادة فوسفات الألومنيوم هي عبارة عن غاز شديد السمية يستخدم لعمليات التبخير وتعقيم الأماكن من الحشرات , وتدوم فاعليته 48 ساعة , ويتم اغلاق جميع المنافذ عند استخدامه لاعطاء فاعلية أكبر , ويستخدم من قبل مختصين بعد ارتداء أدوات الوقاية الشخصية كاملة وخاصة جهاز التنفس المزود بفلتر خاص .

مايقوله النواب في المبيد ..

في أول أيام عيد الفطر توفي ثلاثة أشقاء في العقبة جراء استنشاقهم مبيد حشري ؛ فاستوجبت هذه الحادثة التحقيق الوافي كما هو متوقع , ووضع الرأي العام الذي هزته الحادثة في صورة ما حدث .

وقد بلغنا ان عددا من النواب تبنوا القضية , ويعملون بجد للتواصل مع الحكومة من أجل احاطتهم بتفاصيلها , وسبب اهتمام النواب في القضية كما كشف أحدهم هو ان هذا المبيد الحشري المسبب لحادثة الوفاة تلك متوفر في الاسواق ويسهل الحصول عليه , ويقول النائب ذاته ؛ انه اذا ثبت ذلك فان هذا يعتبر مصيبة , لكون وفاة الأطفال كانت بسبب هذا التساهل .

وأكد أهل الأطفال المتوفين أن من استخدم هذا المبيد هم الجيران في منطقة العاشرة التي يقطنونها , وكانوا يستخدمونه في بيتهم ليطهروه من الحشرات وغيرها , وقد غادروا منزلهم بعد ذلك لقضاء العيد مع اهلهم في عمان ..

" الراي نيوز " زارت ذوي الضحايا الثلاثة , والتقت بوالد الأطفال , والذي كان حزينا جدا على ابنائه الذين ماتوا بدون ذنب اقترفوه , وكانت وفاتهم بسبب جيران لم يدركوا حجم الماساة التي سببوها بجهلهم بخطورة هذه المادة .

والد الأطفال ..

قال عماد الدين علي أبو طربوش " أنا لغاية الآن غير مصدق بأنني فقدت أبنائي جميعهم , وأنا أعيش مأساة حقيقية , لقد كسروا ظهري برحيلهم , أطفالي كانوا جنتي وعالمي الجميل الذي أعيش لأجله , لقد قتل الجيران أطفالي وقتلوا معهم فرحتي في أول أيام عيد الفطر المبارك " .

الحادثة ..

قال عماد " توفي أطفالي الثلاث تباعا , أولا ؛ ابنتي رهف عماد الدين 11 عام , يارا عماد الدين 8 سنوات , ثم مراد عماد الدين عامين .. الحادثة بدأت بتاريخ 5/ 6/2019 آخر أيام شهر رمضان المبارك , عندما استيقظت صباحا للذهاب الى عملي , وأحوالي الصحية لم تكن على مايرام , فقد كنت أشعر بغثيان ودوار واختلال في توازني الجسمي وعدم القدرة على الوقوف أوالحركة , وأخذت أحبو على ركبتاي ويداي الى أن وصلت الى الشرفة " البرنده " , فجلست لألتقط أنفاسي وأستعيد قواي وأعاود الحركة , ثم قمت بايقاظ زوجتي والتي كانت تشعر بنفس الأعراض وكانت تتقيء بشكل ملفت للنظر , ولاحظت أن اولادي يعانون من الأعراض ذاتها أيضا , أخذت مراد ويارا الى المستشفى , وعندما وصلت أخبرني الطبيب أنهم يعانون من نقص في السوائل ووضع لهم " الغلوكوز " , والغريب في الأمر أن الطبيب لم يقم بفحصهم أبدا معتمدا على كلامي , وعدت بهم الى المنزل , ولكن حالتهم ازدادت سوءا في المساء , فعدت بهم للطبيب مرة أخرى فأعاد التشخيص ذاته وكرر وصف العلاج نفسه أيضا , وفي اليوم التالي يوم عيد الفطر لم يكن الحال بأفضل صحيا لدى أبنائي , فقد نامت ابنتي الكبرى بجانبي وأيقظتني بضربة منها على كتفي لتخبرني بانها لا تستطيع التنفس فحملتها مسرعا الى المستشفى , ولكنها توفيت قبل وصولي الى هناك , وعند وصولي اتصلت بي زوجتي وأخبرتني بأن يارا ومراد أيضا في حالة سيئة , فعدت الى البيت وأخذتهم برفقة زوجتي الى المستشفى , مراد توفي في طريقنا الى هناك , ويارا أدخلت فور وصولنا الى العناية المركزة , بالاضافة الى ادخال زوجتي أيضا الى العناية المركزة , وفي صباح اليوم التالي ساءت حالة ابنتي يارا الى ان توفيت مساء يوم الجمعة , وبعد ذلك تم نقل زوجتي الى العناية المركزة في المدينة الطبية بأمر من جلالة الملك عبدالله الثاني ومكثت هناك مدة عشر أيام ".

وطالب والد الأطفال بمعاقبة من تسبب في وفاة أطفاله , وأكد بأنه مؤمن بقضائنا النزيه والعادل .

كيف تم الكشف عن الجريمة ..

قال عماد " لقد حضر فريق من البحث الجنائي الى المبنى , بالاضافة الى فريق متخصص من الدفاع المدني للكشف على الحالة , ليتبين فيما بعد بأن سبب الوفاة هو مادة سامة تم استنشاقها , وهذه المادة هي مبيد حشري سام غير متداول بين المواطنين الا باشراف فريق متخصص من قبل الدفاع المدني , وعندما حضر الفريقان الى المبنى , قاموا بخلع باب منزل الجيران الذين أقدموا على رش هذه المادة داخل بيتهم وخرجوا منه لقضاء عطلة العيد , وتم التحفظ على علبتين لنفس المادة وجدتا داخل المنزل , وتم تحويل تلك المادة الى المدعي العام والنائب العام , وتم توجيه تهمة القتل الغير متعمد , وعليه صادق النائب العام والمدعي العام بتهمة القتل والايذاء للأم .