التاريخ : 2020-10-17
نشأة وتطور المجالس التشريعية والنيابية في الأردن 6
د. فيصل الغويين
(عهد المملكة)
المجلس النيابي الأول: (20/ 10/ 1947 – 1/ 1/ 1950)
1
بعد حل المجلس التشريعي الخامس، وصدور الدستور الجديد كلف الملك عبد الله سمير الرفاعي بتشكيل حكومته الثانية في 4 شباط 1947، وتمهيدا لإجراء انتخابات المجلس النيابي وضعت حكومة الرفاعي قانون انتخاب جديد نشر في 16 نيسان 1947، حيث تم رفع عدد أعضاء المجلس من (16) إلى (20) عضوا، ينتخبون لمدة أربع سنوات ، ونص القانون لأول مرة على تشكيل مجلس للأعيان لمدة ثماني سنوات، وبذلك أصبحت السلطة التشريعية يمارسها مجلس الأمة المكون من مجلسين: النواب والأعيان. وقسمت البلاد بموجب القانون الجديد إلى تسع دوائر انتخابية.
2
جرت انتخابات المجلس النيابي الأول يوم 20 تشرين الأول 1947. وقد جاءت النتائج على النحو التالي: دائرة عمان: هاشم خير، محمد المنور، سعيد المفتي، وصفي ميرزا، فرح أبو جابر. دائرة السلط: عبد الحليم النمر، صالح المعشر. دائرة الكرك: معارك المجالي، فارس المعايطة، خليل حجازين. دائرة الطفيلة، صالح العوران. دائرة معان، محمود كريشان. دائرة عجلون، فهمي العلمي. دائرة جرش، محمد العيطان. دائرة مادبا، علمي النابلسي. دائرة اربد: عبد القادر التل، شفيق ارشيدات، أمين أبو الشعر. وعن بدو الشمال عاكف الفايز، وعن بدو الجنوب حمد بن جازي.
نشطت المعارضة في عهد هذا المجلس من خلال كتلة أطلقت على نفسها اسم (كتلة المعارضة المستقلة)، وهي أول كتلة معارضة، عرفتها الحياة النيابية حتى ذلك الحين. تشكلت من عدد من المستقلين المقربين من سليمان النابلسي، ممن عرفوا بجيل الشباب، وهم: سعيد المفتي، وعبد الحليم النمر، وشفيق ارشيدات ، وصالح المعشر.
وقد حملت هذه الكتلة على عاتقها برنامج الحركة الوطنية، وغدت محط أنظار الشعب وقواه السياسية. وطالبت في بيان لها بتعديل معاهدة 1946، و إلغاء ملحقها العسكري. وتخليص البلاد من الأحكام والامتيازات الاقتصادية التي أوجدتها ظروف الانتداب، كما هاجمت الكتلة القوانين الاستثنائية، وأحكام الطوارئ.
وهاجم نواب الكتلة مواقف الأنظمة العربية من القضية الفلسطينية، محذرين تلك الأنظمة، مما سيترتب على الوجود الصهيوني في فلسطين، من خطر علىها، وعلى الأمة العربية جمعاء.
4
اجتمع مجلس الأمة الأردني في جلسة مشتركة لدراسة قرار تقسيم فلسطين الصادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة في 29 تشرين الثاني 1947، وأعرب النواب عن استنكارهم لقرار التقسيم، الذي وصفوه بالجائر، كما استنكر مجلس الأمة تواطؤ الدول الغربية في صدور قرار التقسيم. وأصدر توصية بمقاطعة البضائع الصهيونية.
وطالب المجلس الحكومة باتخاذ قرارات حاسمة للدفاع عن عروبة فلسطين، وفي خطوة عملية اقترح عاكف الفايز وضع برنامج عملي لإنقاذ فلسطين، وذلك بتنظيم جبهة شعبية للقتال على ثراها، وأعلن الفايز عن تبرعه بالتطوع الشخصي مع رجال عشيرته ليكون في طليعة المتقدمين لمذبح الحرية في فلسطين.
5
ومن القضايا التي ناقشها المجلس حالة الجفاف التي ضربت المملكة، ونتيجة لضغط المجلس اتخذت الحكومة عدة اجراءات كان من بينها قرار منع تصدير الحبوب، ووضع اليد على كل ما هو موجود عند التجار وكبار المزارعين من القمح والشعير بأسعار مقبولة، وخزنتها في مستودعاتها.، كما شجعت استيراد الحبوب من أجل تخفيض أسعارها في الأسواق، ومنعت بيع الأراضي خشية تسربها إلى كبار الملاك والتجار، وخفضت الفوائد على المزارعين المقترضين، وأجلت تحصيل الديون على الفلاحين الذين أمحلت أراضيهم.
6
وفي مجال التعليم طالب المجلس بجعل التعليم مجانيا، والغاء الرسوم المدرسية التي تحصلها وزارة المعارف من الطلبة، وزيادة حصة المعارف في الميزانية العامة، والمطالبة بإرسال بعثات علمية كل سنة إلى الجامعات، وتعيين أربعة مفتشين لمراقبة العملية التربوية في المملكة.
7-
كما كان من بين القضايا التي عرضت على المجلس قرارات مؤتمر اريحا سنة 1948، حيث قرر المجلس الموافقة الجماعية على سياسة الحكومة لاستكمال عناصر الوحدة مع الضفة الغربية.
وبتاريخ 13 كانون الأول 1949 أصدر الملك عبد الله إرادته بحل مجلس النواب اعتبارا من 1 كانون الثاني 1950، قبل انتهاء مدة ولايته؛ نظرا للمعطيات الجديدة التي أوجبت تعديل قانون الانتخاب، ليتوافق مع القرارات التي اتخذت بشأن وحدة الضفتين.... يتبع