الرأي
نيوز- خالد فخيده
في خضم الربيع العربي الذي طل على المنطقة مع مطلع عام 2011، ظل تسامح الهاشميين بارزا في المشهد السياسي مع كل الاساءات التي صدرت بحقهم من الذين اطلقوا على انفسهم الحراك الشعبي. فالذين راهنوا على ان يصبح " الدم للركب " في عمان وشقيقاتها من المحافظات بسبب قلة قليلة هتفت ضد النظام والملك، انقلبوا على انفسهم خائبين بعدما امر القصر بحماية الحراك للتعبير عن رأيه وعدم الاساءة او الاعتداء على اصحابه لان الانسان اغلى ما يملكه الهاشميون.
ومع ذلك استغل البعض هذه الحماية وارتفع منسوب تمردهم، وردوا الجميل بمزيد من التطاول على امن واستقرار البلاد وعلى جلالته شخصيا.
الحراك الذي فهم الخلق الهاشمي من زاوية الضعف، فاته ان غضبا اجتاح جلالته يوم اوقف اشخاص في السجون بتهم اطالة اللسان قبل سنوات من الربيع العربي، فامر بالافراج عنهم ووجه الحكومات على تواليها الى تحسين اوضاع المواطنيين حتى يشعروا بالتغيير الذي يحفزهم ليكونوا شركاء في صناعة القرار الوطني.
اصحاب الاجندات الضيقة لم يتوقفوا برهة للبحث في الرؤية الملكية للاصلاح الشامل. فكل ما يهمهم مقعد في البرلمان واغلبية ووزارة لممارسة انتقامهم وامراضهم النفسية التي عجت بها شوارعنا لعجزهم الذاتي بان يكونوا رقما في معادلة التنمية الاردنية.
كل ما يهمهم حصد حساباتهم الضيقة، على حساب رؤية شاملة همهها توفير لقمة الخبر لعائلة كنت طاقاتها بسبب الفقر ومنح حق العلم والتعليم والعلاج والمسكن لمناطق ظلمها الفساد الاداري في ما مضى من زمان، ومن ثم تخليص عقل المواطن من ارهاصات الخوف من المستقبل ليتفتق ذهنه في كيفية وضع لبنته في عملية البناء السياسي والاقتصادي والاجتماعي والثقافي.
ومن تابع تصريحات احد قيادات المعارضة قبل ايام يتأكد حرصهم على مصالحهم حينما قال ان عدم مشاركتهم في الحكومة سببه عدم افشال الحراك امام المسجد الحسيني.
واذا كان الحراك في مصر واليمن وليبيا وسوريا وتونس سببا في سقوط الانظمة وزعزتها، فانه في الاردن ساهم في ارتفاع منسوب الالتصاق بالقيادة عند غالبية الاردنيين لعدة اسباب اهمها ان الهاشميين ناضلوا من اجل حماية الديمقراطية والحرية بعدم اراقة الدماء كما حصل في الدول التي اجتاحها الربيع العربي، ومضوا في ركب مشروعهم لتعزيز اواصر بنيان الاردن الجديد.
والذين اعتقدوا بان الربيع العربي سببا في التعديلات الدستورية التي اقرها مجلس الامة ووشحها الملك بارادته السامية، فهم لم يجانبوا الصواب. ولكن الصواب جانب الذين فاتهم ان هذا الربيع الذي اقتلع الانظمة المستبدة في الوطن العربي هو الذي مكن جلالة الملك عبدالله الثاني من تنفيذ رؤيته وبرنامجه الاصلاحي الذي حاربه اصحاب مراكز القوى والفاسدين منذ وجه جلالته قبل خمس سنوات الاردنيين على كافة اطيافهم ومشاربهم السياسية والاجتماعية الى الاندماج في تيارات سياسية ثلاث تتداول السلطة وتحكم عبر حزب الاغلبية.
ولو كان الحراك هدفه الاردن ومصلحة الاردنيين لوجه سهامه الى غرب النهر الذي يقبع على ارضه محتل صهيوني غاصب كل همه ان يترجم عنصريته على الارض الفلسطينية بطرد اهلها الى الاردن ليحققوا حلمهم الازلي باقامة الدولة اليهودية الخالصة من اي عرق او دين اخر.
ومن تسنى له الاطلاع على السم الذي بثته صحيفة ايدعوت احرنوت على موقعها الالكتروني قبل يومين من عيد الاضحى المبارك واضطرت الى سحبه بعد ساعات لخطورة ما ورد فيه سيكتشف اي هاوية يقودنا اليها الحراك بقصد او دون قصد.
وخطورة التقرير العبري انه بدأ يبث سموم فتنته علنا بين ابناء الشعب الاردني الواحد. فهذا التقرير قال ان لدى دوائر صناعة القرار الاسرائيلي والصهيوني من خلفها قرار بالخلاص من الملك عبدالله الثاني لانه غدا عقبة بين هذه الدوائر وبين مخططها في ان يكون الاردن الوطن البديل للفلسطينيين. وجلالته الذي اعلن في اكثر من مناسبة ان الاردن لن يكون وطنا بديلا حتى لو اضطرنا ذلك الى القتال.
والغريب ان قيادات الحراك راحت تروج بان هذا التقرير ما هو الا دعم لشعبية الملك بدلا من ان تأخذ هذا التقرير على محمل الاهمية لدراسته والتدقيق في تفاصيله التي تقول ان المخطط سيتم تنفيذه بايدي اردنية حتى تثير الفتنة بين ابناء الشعب الاردني الواحد الذين احبطت وحدتهم الوطنية كل مخططات بني صهيون ضد الاردن وفلسطين، وبالتالي وصول اصحاب المخطط الى مرماهم.
حتى الاعلام الاردني انهكه الحراك ومسيراته التي زادت عن 3000 مسيرة واعتصام، وانشغل عن مواجهة الصهيوني الارعن الذي كان دوما له بالمرصاد.
الى اين نسير، الى الموت من اجل استقرار الاردن وامنه وحماية هويته، والحفاظ على مشاعل الهاشميين ورسالتهم مضيئة في هذا العالم المظلم.