التاريخ : 2013-12-09
الطراونة : الإصلاحات بطيئة ...!!
الراي نيوز - هل يمكن العثورعلى سياسي أردني واحد لديه الجرأة أو المزاج أو قدرة التحكّم بلسانه بحيث يكتفي بالحديث «بعيداً عن السياسة»وفي هذا الوقت بالذات؟ نقصد في فصل «الربيع العربي « الذي أصبح فيه كل شيء سياسة، وسياسة تعوم في فائض الشك ونكهات الريبة ومحفزات رفع الصوت.
في السنوات الماضية وحتى فترة غير بعيدة ،كان الحديث «بعيداً عن السياسة «مغرياً وممتعاً للسياسيين المحترفين. فما يعرفونه ويجهله الشارع، هو أكثر بكثير مما يودّون الخوض فيه. الآن تغير الوضع واختلطت بعض الاشارات الحمراء بالصفراء بالخضراء.. حديث السياسي «بعيداً فعلاً عن السياسة» بات وكأنه تهمة بالغياب عن الصورة أو انعدام الموقف أو شبهة بجفاف الذاكرة .
ذوات سبق وتحدثوا «بعيداً عن السياسة « وكانوا ممتعين في سردهم الهادئ، اختلفت نبرة الكثيرين منهم هذه المرّة. حديثهم أضحى أكثر إثارة بالمواقف وأثرى بالتفاصيل التي وإن كان عمرها أكثر من خمسين سنة إلا أنها تأتي موصولة بالذي نراه الآن ويفاجئنا .
الحكي «هذه المرة « له ميزة أخرى. فهو يكشف أن العديد من رجالات الدولة الذين لم نكن نرى منهم سوى صفحة التجهم واليباس، هم بعد التقاعد أصحاب بديهة رائقة وتسعفهم النكتة عندما تحرجهم الأسئلة.
ملك التل
في طموحه الواضح بأن يحتل مجلس النواب السابع عشر مكان مميزاً في مسيرة العمل التشريعي والرقابي الوطني، فإن رئيسه المهندس عاطف الطراونة اعتمد على أداتين محوريتين في العمل المؤسسي: الأولى وضع خارطة طريق للمرحلة التي يراها «استكمال البناء وتراكمية الإنجاز». والثانية استراتيجية إعلامية بالتعاون مع «السلطة الرابعة» التي يعتقد معظم النواب أنه لم تف حقها في تبيان المنجزات.
في خطاب فوزه برئاسة المجلس في الدورة النيابية الحالية التزم الطراونة بتمتين بناء الكتل النيابية ومنحها ميزة الاستقرار السياسي حتى تستطيع أن تنهض باستحقاق فكرة الإصلاح البرلماني الذي يؤهل هذه الكتل للمشاركة التنفيذية أيضاً على طريق الحكومات البرلمانية.
ألزم الرجل نفسه أيضاً بالعمل على استكمال مكافحة الفساد والرقابة على الأداء وسدّ الثغرات والتوافق على مدونات النزاهة والسلوك.
برنامج عمل يطمح إلى تكريس مكانة السلطة التشريعية شريكاً دستورياً في المسؤولية. وفي ذلك كله ألزم نفسه بحق الشعب في محاسبة نوابه على أساس الثقة هي التزامات وطموحات ستكون على المحك في ظروف راهنة لا يستطيع أحد أن يقلل من وطأتها. ففجوة الثقة بين الشارع والمجلس أوسع مما يتصور الكثيرون.
• الثقة بين الشارع والنواب «أعضاء وسلطة» هي فجوة عميقة نلمسها بالحديث والكتابة والكاريكاتيرات. كيف ترون الطريقة لتقليص فجوة الثقة هذه وهي التي تعيق الاصلاح المرتجى؟
بداية نحن نعول على السلطة الرابعة/ الصحافة/ والتي هي شريكتنا بالرقابة على الحكومة بأن تكون على الأقل منصفة وعادلة.لا أريد أن أخفي الوجه المظلم للنواب أو ألمع فقط الوجه المشرق. فكما تعلمون لهم عمل من خلال دورتهم العادية ومن خلال مراجعتهم اليومية لدوائر الدولة، جهدهم كبير جداً، فأتمنى على الإعلام الحر النزيه بأن ينصف ما لهم وما عليهم حتى يستطيع الناس أن يحكموا عليهم بعدل. أما اليوم فالأحكام تصدر من خلال كاريكاتير أو من خلال حادثة لا سمح الله أخفق بها مجلس النواب يبرزها على الصفحات الأولى وفي المواقع الالكترونية ويخفي جميع العمل الإيجابي.. هذا غير عادل، وهنا أريد أن أسأل ما هو العمل الإيجابي الذي قام به مجلس النواب وأثاره الإعلام؟!
• في موضوع الصحافة والنواب، على سبيل المثال هل تعتبرون ان نشر القائمة عن القضايا الجزائية والجنائية المسجلة على أكثر من 70 نائب امر مقصود ضد المجلس؟، ما هو حقيقة الأمر؟ وهل تشاركون الذين يعتقدون أن تسريب ذاك التقرير قبل بضعة شهور جاء لإخضاع النواب في حساب العلاقة بين السلطتين ومراكز القوى؟
أنا لم أسمع بأن هناك 70 قضية مسجلة على النواب، النائب هو مواطن يمارس حقه، قد يكون هناك مخالفة مرورية على نائب ولم يقم بتسديدها وبالتالي قد تكون قد سجلت قضية على هذا النائب، لم يصل تبليغ إلى مجلس النواب بأن هناك 70 قضية عليهم، ولم يطلب رفع حصانة على نائب حتى يقدّم، وإذا طلبت بالتالي مجلس النواب سيكون جريئاً بأن يسهل مهمة القضاء إذا كان هنالك قضية جزائية على أي نائب.
واكرر انه لا علم لي عن التقرير وما هدفه، لكن لا يوجد أي مطالبة برفع حصانة عن نائب حتى يقدّم إلى القضاء، هذا أهم ما في الموضوع، اليوم التهم الجزافية والمبالغة هي التي تسيء إلى سمعة مجلس النواب.
• نقل عنكم القول بما معناه أن حكومة الرئيس عبد الله النسور ستواجه مع النواب فترة صعبة ماذا بالضبط تقصدون بهذا الانطباع؟ وما هي القضايا التي يمكن أن توترالعلاقة خصوصاً وأن المجلس مقبل على أربع أو خمس مشاريع قوانين من الدرجة الأولى في الأهمية بالنسبة للناس وللاقتصاد الوطني؟
حاليا مجلس النواب هو في دورته العادية الأولى، لكنه قضى دورة غير عادية ودورة استثنائية، وكان هنالك تراكمات من الاحتقانات شاهدتها في العام الماضي من عمر المجلس، النائب هو مرآة الشارع وهو المنبر الذي يتحدث منه المواطن، هناك قرارات صعبة اتخذت وقرارات صعبة ستتخذ، لكن ستكون هذه ليست محل دعم وتأييد بالتأكيد من أغلبية النواب، فهذا هو الذي قصدته بأن الأمور ليست يسيرة بما يتوقع الآخرون.
كل القوانين التي تقدم لمجلس النواب مهمة. كل قانون يهم قطاع وكل قانون يهم شريحة، وكل قانون بالنسبة لنا محل اهتمام، عندما نتحدث عن القوانين الصعبة هناك قوانين جدلية، فقانون الانتخاب ليس بقانون سهل، وقانون الأحزاب ليس بقانون سهل، وقانون الضمان الاجتماعي، والتقاعد وقانون الضريبة أيضاً، فهذه جميعها قوانين جدلية، لها مؤيدوها ولها معارضوها، وبالتالي سيكون هناك سخونة في مناقشة مثل هذه القوانين، والمجلس يدرك ذلك والحكومة أيضاً تدرك ذلك.
• في موضوع العلاقة بين السلطتين فان زيارة جلالة الملك لمنزلكم قبل بضعة شهور كانت – كما قيل – بهدف أساسي وهو التركيز على تعاون وتكامل السلطتين في مسيرة الإصلاح والاستقرار. هل تعتقدون أن هذه العلاقة المتذبذبة كما هي في كل الدول الديمقراطية تحتاج إلى ميثاق جديد؟
زيارة جلالة الملك لمنزلي تشريف وتكريم وخير من يقدم لاستقبال جلالة الملك زملائي أبناء هذه المؤسسة، فوقع الخيار على رؤساء اللجان البرلمانية، وأيضاً أعمدة البرلمان وهم رؤساء البرلمان السابقين، فدائماً وأبداً جلالة الملك لم يبخل على مؤسسات الدولة بالتشاور، الكثير من الكتل واللجان البرلمانية التقت بجلالته، واللقاءات الحوارية لم تحضرها الحكومة، وجلالته للجميع، لجميع السلطات، للمؤيدين والمعارضين، ومنفتح على غالبية مؤسسات الدولة.
• في كلمتكم لدى الفوز برئاسة مجلس النواب أشرتم الى ضرورة تكريس مكانة السلطة التشريعية شريكاً دستورياً في المسؤولية بمحاسبة المؤسسات، وأن على النواب حق محاسبة الشعب لهم على أساس الثقة. ما الجديد في هذا الطرح النظري وكيف ستحققونه؟
مجلس النواب سوف يضع كل المواثيق موضع اهتمام دائماً لعملية المراجعة الإيجابية، لجان المجلس ستأخذ كل لجنة حسب اختصاصها في المواثيق التي تعني هذا العمل، ومن السابق لأوانه التخمين بعمل لم نقم بإنجازه.
• في كلمتكم أيضا بعد الفوز بالرئاسة وعدتم بتمتين بناء الكتل النيابية ومنحها ميزة الاستقرار السياسي وخدمة الإصلاح السياسي. لكن ذلك لم يتحقق كما أن منطومة العمل الداخلي للمجلس جاءت حسب الكثيرين أقل مما هو مطلوب.
هذا الطرح في كلمتي لم يكن نظريا، هذه خارطة الطريق من وجهة نظري. في الخطاب حددت مرتكزاتي وبدأنا تنفيذها. وضعنا جميع تشريعات مجلس النواب على موقعنا الالكتروني حتى نسمع ردود الفعل من جميع مؤسسات الدولة ومن الأحزاب والنقابات ومن كليات الحقوق في الجامعات الأردنية، التقيت مع نادي القضاة المتقاعدين، وأيضاً التقيت وزير الإعلام ومديري التلفزيون ووكالة الأنباء «بترا» حيث يجب أن يتعاملوا مع مؤسسة البرلمان بندية. كانت لقائاتي للزملاء الإعلاميين في مجلس النواب، حتى نضع استراتيجية إعلامية لمجلس النواب في الأيام القادمة، كل هذا العمل بدأنا بدفع زملائنا الجدد والذين كان لديهم مواقف قوية جداً وتثري النقاش في مجلس النواب بأن يندفعوا إلى اللجان. أيضاً وضعنا خطة بابراز عمل هذه اللجان، المطبخ الحقيقي لمجلس النواب. قد يجتمعوا ساعات كل يوم، ولكن لم يظهر في الاعلام سوى بضع ثوان للنواب لغايات التسويق. كان هنالك تركيز مع الاعلام بأن هذه الثغرة داخل هذه القاعات يجب معالجتها، وستبرز مداخلات النواب حتى يبرز ما لهم وما عليهم. هذا جزء من عملية رفع سوية العمل في المجلس، الزملاء تفاجأوا بسرعة التنفيذ لأول مرة بأن يشترك رؤساء الكتل بصنع القرار والإطلاع على بعض هموم المجلس وأخذ رأيهم مباشرة.
مضى علينا وقت قليل جداً وإن شاء الله في جعبتنا الشيء الكثير.
• مازلنا نتحدث عن الإعلام أيضاً ما زالت علاقة المجلس معه متذبذبة وتعتريها الكثير من الهواجس والشكوك المعلنة او المكتومة. أين تكمن المشكلة والعقدة ؟ في النواب أم الإعلام أم كليهما «
عندما يكون هناك مشكلة يكون فيها أكثر من طرف. لست قاضيا لابدي حكما. هناك قصور أحيانا من المجلس كونه لم يوصل الفكرة الناضجة عن عمله، وهناك قد يكون قصور من الإعلام كونه لم يبرز الجانب الحقيقي لهذه القضية. هناك قصورمن جميع الجهات وعلينا جميعاً أن نوحد جهودنا، ونحاول أن نختصر السلبيات ونبني على الإيجابيات.
• علاقة النواب مع الحراك الشعبي هي الاخرى اعترتها شكوك وصلت حد التراشق بالاتهامات ومنها اتهامات الشد العكسي أو اتهامات المزاودة والتفريط بالأمن الوطني، أين هي المشكلة؟
لم أسمع بأن هناك مشكلة مع الحراك. بالعكس هناك مجموعات كبيرة جداً من النواب تحت القبة كانوا حراكيين، أتوا من خلال الحراك، فقدمهم الحراك ودعمهم وهم الآن موجودون ويؤازروننا. بالنسبة لمجلس النواب بشكل عام كمؤسسة فانه عند استلامي وأيضاً من سبقني كان منفتحاً على جميع من يرغب بأن يطرح وجهة نظره. إذا اعترفنا بأن مجلس النواب هو الحامل للهم الوطني وهو الممثل الشرعي ودخلنا من هذه البوابة، فلا أتصور ان هناك فجوة في الثقة بين الحراكات والمجلس لا في الماضي ولا الآن. بالعكس نحن سنتقدم لجميع الجهات التي لها مطالب سواء الحراك أوغيره لنتبني ما هو إيجابي وممكن، وهذه دعوة عامة بأن أي جهة ترغب بالتواصل مع مجلس النواب سنكون جاهزين وعلى أتم الاستعداد للالتقاء بهم.
• بالمناسبة هل ترون أننا في الأردن اجتزنا عشوائيات الربيع العربي ونزقه ومخاطره، أم ان النار ما زالت تحت الرماد؟
بالعكس أقول أننا استفدنا استفادة كبيرة جداً من الربيع العربي، وقطعنا شوطا لا بأس به من الإصلاحات. قد تكون الإصلاحات بطيئة لكنها مهمة، وتركت أثرا جيدا على الحراك. الآن يجب أن تستغل الساحة الخالية بمزيد من البناء والإصلاحات، لكن لا توجد نار تحت الرماد.نحن والحمد لله في وضع آمن، وكنا في أيام زخم الربيع العربي بوضع مستقر أمنياً. لا أتصور أن هناك مشكلة أمام الأردن من خلال مخاوف مستقبلية، فالإصلاحات مستمرة، وهذا المجلس سيتبني جزءا كبيرا جداً من القوانين المكملة للقوانين الإصلاحية بالدرجة الأولى.. الراي