التاريخ : 2018-09-26
شلة الرزاز ..وبقايا مدينة الدولة
الراي نيوز
فارس الحباشنة
جماعة الدولة المدنية ' شلة الرزاز ' يطالبون بالمناصفة بالسلطة و لربما ما هو أكثر يريدون زيادة حصتهم في المواقع العليا بالدولة ، ويريدون حصة تمثيل أكبر في مجلس الاعيان الذي يقال أنه سيعاد تشكيله قريبا ، وعينهم تحدق واسعا على صوب رئاسة الاعيان .
الصلاح السياسي مهما كان منمقا ، ومهما أصلحت الواجهات الخارجية لديكوره فاني يخفي خرابا عظيما أتيا من نفوس حاسدة و حاقدة و منتقمة . وأيا كانت محاولات الرهان على بديل ما يطرحون من افكار وعناوين وشعارات منمقة و مزينة فهي تزييف للحقيقة والرغبة والنوايا والارادة .
فحتى لا نقنع نفسنا أكثر بوهم إسمه الدولة الجديدة ، والدولة المدنية وحاكمية رشيدة وعدالة اجتماعية وغيرها ، فلا أولئك الصلع و الهواة يملكون المفاتيح والادوات . الأردن ليس مستعد بعد لمزيد من العبث و التجريب و التخريب و الافساد .
الانتقال من عقلية الدولة الرعوية الى الدولة الحديثة ليس كلاما فقط ، ولا ليس من كلام اليوم ، الشهيد وصفي التل دفع روحه فداءا لمشروع وطني أردني في بناء الدولة . فما الذي تغير من نصف قرن تقريبا ؟
في وطن التعويذات والمباخر الأردني يشبه كل شيء الا أنه مواطنا ، وبالمعنى الوطني والانساني من شأنه العيش بوفر بيولوجي ، ويحدد مصيره ، ويملك ما قل من الحرية والكرامة ، و يقدر التفكير بالمستقبل براحة و أمان .
الأردني أصبح محكوما بنيويا بكل أنواع القيود المسبقة التي تولد معه و لا تموت . ترافقه الى حتفه و يورثها أولاده من بعد ، تمنع عنه أمكانية أن يكون مواطنا حرا : الفقر و البطالة و التهميش و الجهل و الاقصاء والانتهازية و الفساد والضريبة و الجباية ، عقليات بالية موروثة تطبق بسيطرتها ، وتنتج تبعية وزبائنيه تبتز الفقراء و الضعفاء و تحولهم الى محكومين بالسخرة ، وترسخ حكم السماسرة الكبار .
بلد كل شيء بها عجيب غريب ، مصمم لينزع عنك صفة المواطنة والأنسانية . يجعلك محاربا من أجل نعيم طبقة متنفذة ، و شاة في قبلية ، رهينة لمنظومة من الاعتبارات و الحسابات والاغراءات و الابتزازات و العصبيات .
مواطنون بائسون يهرجون بتخبط وفي دونية . أعذروني على هذه التوصيفات الجارحة ، ولكني لا أظلم بالأردنيين ، فهو أدانة لعجز و تقصير وركوع وخنوع . تشاؤم قد يبدو ظالما تعطيل حركة سير قوى وطنية مجتمعية تشق طريقها الى القواعد الشعبية والرأي العام و تقلق نخب السلطة التقليدية ' وهي لا يحجب علاقتها مع الشعب قوى مجتمع مدني ممولة اجنبيا وتحت وصاية ورحمة السلطة واذرعها .
الحقيقة مرة و صعبة و خانقة في بلد ما زال سؤال البناء الوطني ملتبسا ، بلد يراوح مكانه منذ ستين عاما على الاقل ،وهو عمر الاستقلال كلما أوشكنا على التحول من رعايا الى مواطنين تتشابك عوامل موضوعية وذاتية معطلة ، ولتعيدنا الى خانة الصفر .
تتغير حكومات ومجالس نيابية و يثور الأردنيون أحتجاجا و يبقى الواقع البغيض على نفسه . لربما هي لعنة التاريخ ؟ و هي الشخصية الأردنية الملعونة بالتواطيء و الاحتكام الى المؤامرات و افتعال الازمات و جلب الخيبات اليها .
دعوكم من الشعارات الرنانة وما شنفت أذاننا طوال الاعوام الاخيرة ، شعارات على أختلافها ، هي خدمة لسياسات عامة تأكل الأخضر واليابس ولاتعرف الرحمة . قلاع سرطانية مشيدة يحرسها بصلابة تحالف البونس و السلطة و قطاع الطرق والحرامية و السماسرة و تجار الهيكل .
هل نتوقع من بارونات السلطة أن يتخلوا عن الدجاجية الذهبية ولو بطيب خاطر ؟ فمن يراهن على الاصلاح و التغيير يأتي بارادة الشعب و من الشارع و من غضب الأردنيين ، فأظن انه مخبول ومعتوه .. والله أعلم .