جعل عصر التكنولوجيا الرقمية المتقدمة الكثير من الأجهزة والأدوات والبرامج حياتنا أسهل وأكثر راحة. فى حين أن بعض الابتكارات التكنولوجية الحديثة صممت لهدف واحد وهو المتعة والترفيه، إلا أن العديد منها كان إنسانياً قبل كل شيء، خاصة تلك الاختراعات التى اهتمت بذوى الاحتياجات الخاصة لتحدث فرقاً فى حياتهم.

لكن المثير أن يتمكن شخص بمفرده من تسخير التكنولوجيا لتسهيل حياته اليومية، فقد تمكن مهندس تركى ضرير من ابتكار عصا ذكية تساعد رفاقه من فاقدى البصر. كورسات تشيلان هو الرئيس التنفيذى لمؤسسة "أكاديمية يونج جورو" غير الربحية فى تركيا.

وكانت التحديات اليومية التى يواجهها تشيلان فى الانتقال من مكان إلى آخر دون الاعتماد على الآخرين الدافع الرئيس لابتكاره. إذ يعلم أنه - كالكثيرين مثله من المكفوفين - محروم من ثورة التكنولوجيا الحالية، وهو ما عمل على تغييره من خلال ابتكاره عصا أسماها "WeWalk" على أمل تغيير حياة المكفوفين وتحسينها بشكل كبير.

عن ذلك يقول المهندس المكفوف فى مقابلة مع شبكة "سى إن إن" الأمريكية: "لسوء الحظ لا توجد مدينة واحدة فى العالم ملائمة للمكفوفين تماماً. وهذا هو السبب الذى دفعنى لخلق نوع من الاستقلالية للمكفوفين".

وتستخدم العصا الذكية خرائط "جوجل " وجهاز استشعار لتنبيه فاقدى البصر إلى العوائق والحواجز القريبة. ومن المتوقع أن تحدث هذه العصا الإلكترونية ثورة فى طريقة تنقل المكفوفين عندما يكونون بمفردهم. كما تستخدم عصا "WeWalk" الذكية أجهزة استشعار بالموجات فوق الصوتية لتحذير المستخدم من العوائق القريبة من خلال إصدار اهتزازات فى المقبض.

كما يمكن ربط العصا عبر تقنية "بلوتوث" بالهاتف الذكى لتسهيل عملية التحكم فيها وتوجيهها. ويمكن كذلك دمجها ببرنامج المساعد الصوتى، إذ يتم استخدام مكبرات صوت مدمجة لإبلاغ المستخدم بالمتاجر القريبة وتفاصيل المبانى الأساسية التى قد يتعذر عليه رؤيتها.

وفى هذا السياق يوضح كورسات: "بصفتى شخص ضرير، يتعذر على الوصول إلى المخرج عند وجودى داخل محطة قطار الأنفاق، كما لا يمكننى أن أعرف وجهة الحافلة التى تقترب من موقعى ولا المتاجر التى من حولي. اليوم يمكننى الاستفادة من هذه المعلومات وغيرها من خلال العصا الذكية".

وتقدر منظمة الصحة العالمية عدد المكفوفين حول العالم بنحو 36 مليون شخص، وهنا يمكننا أن نتخيل التغيير الكبير الذى سيطرأ على حياتهم باستخدام هذه العصا التى يعتزم خبراء تطويرها لتشمل خدمات أخرى.