التاريخ : 2019-10-27
عن سد النھضة ومستقبل مصر المائي والخیارات المتاحة لمتغیرات سیاسیة
الرأي نيوز :
الدكتور حازم الناصر
رئیس ومؤسس منتدى الشرق الاوسط للمیاه
وزیر المیاه والري السابق/ الأردن
وزیر الزراعة السابق/ الأردن
عضو مجلس النواب الأردني سابقا
27/10/2019 :التاریخ
منشورات منتدى الشرق الأوسط للمیاه
مؤخرا من ً بالنظر إلى ولوج الأمن المائي العربي مرحلة جدیدة من الاھتمام، خاصة في أعقاب ما شھدت المنطقة العربیة ،
ً من الدول العربیة، وخاصة كل من؛ العراق
مشاكل واضطرابات سیاسیة؛ نتیجة للشح المائي الذي أصبح یھدد كثیرا
ً لارتباط مواردھم المائیة الرئیسیة بدول الجوار التي تحاول الاستحواذ على أكبر كمیة من المیاه داخل
ومصر، نظرا
أراضیھا، بحجج التنمیة الشاملة وبدون اعتبار الى مصالح دول الحوض الأسفل، مثل؛ مصر والعراق.
ً تحدیات
ً لسبل العیش في تلك الدول التي علیھا ان تواجھ أیضا
ً حقیقیا
وفق ھذه المعادلة، غدا الأمن المائي، وشح المیاه مھددا
توفیر میاه الشرب لمواطنیھا، وإنتاج الغذاء، وتلبیة الاحتیاجات الاقتصادیة، لخلق فرص للحیاة تواجھ بھا أزماتھا المائیة
التي تفاقمت مع الأیام وانتقلت إلى مرحلة من التھدید للحیاة العامة وعدم الاستقرار.
ً، ویشمل
في البدء، لا بد من شرح مفھوم خط الفقر المائي الذي وضعتھ الأمم المتحدة، وھو ١٠٠٠ م٣ ،للفرد سنویا
الاستخدامات الحیاتیة كافة، ونسوق ذلك لكي یقف القارئ على أبعاد نقص المیاه في المنطقة العربیة، عامة، وفي مصر
خاصة.
تعرف حصة الفرد من المیاه على أنھا ناتج قسمة موارد المیاه المتجددة في بلد ما؛ من انھار وینابیع ومیاه جوفیة وحصاد
في العام) الحد مائي على عدد السكان، كما ویعتبر خط الفقر المائي الذي حددتھ الأمم المتحدة ( وھو ١٠٠٠ م٣ للفرد
الأدنى من المیاه المطلوبة لتوفیر میاه الشرب وكذلك الاحتیاجات المنزلیة، إضافة الى انتاج الغذاء من؛ حبوب وخضروات
ولحوم، والتي تكفي الحد الأدنى لاحتاجات الفرد لمدة عام.
ا في إنتاج الغذاء، وبالتالي لا بد من استیراد النقص الحاصل، ً إن أي نقص في الحد الأدنى لتوفیر المیاه یعني نقص
وبالعملة الصعبة والذي یترجم لاحقآ إلى غلاء بالأسعار والمعیشة، وھو ما یقود إلى مزید من الفقر، یتجلى على شكل
اضطرابات سیاسیة، كما نشھد حالیا في كثیر من دول منطقتنا العربیة، ولیس أدل على ذلك مما یحدث في البصرة ولبنان
والیمن.
إذا أسقطنا مفاھیم خطوط الفقر المائي على منطقتنا العربیة، نجد أن ١٧ دولة من أصل ٢٢ دولة تقع تحت خط الفقر
ً المائي، أي أن حصة الفرد فیھا أقل من ١٠٠٠م٣ ،منھا ١٢
حقیقیا في المیاه (تحت خط الفقر المآئي ً دولة تعاني شحا
ٍق)، بمعنى اقل من ٥٠٠ م٣ للفرد ،
سنویا لجمیع الاستعمالات، وھذه الدول ھي الأردن، فلسطین، الیمن، قطر، ً المطل
السعودیة، البحرین، الامارات، الكویت، لیبیا، عمان، تونس والجزائر، مقابل خمس دول، تحت خط الفقر المائي، بمعنى
سنویا ھي مصر، لبنان، المغرب، سوریا والسودان. ً اقل من ١٠٠٠ م٣ ، وھي؛
وعودة الى موضوع ھذه الورقة، فإن الإجھاد المائي في مصر مرتبط بالزیادة السكانیة، وھذا ما یجعلھ یشكل تھدیدا
ً في ظل تأثیرات سد النھضة
ً لحیاة المصریین وسبل عیشھم واستقرار أعمالھم، ومن المتوقع أن تزداد الأمور سوءا
خطیرا
الاثیوبي، ما لم یتم اتخاذ الإجراءات المطلوبة على المستوى الوطني والإقلیمي؛ في محاولة حقیقیة للتصدي لأیة تھدیدات
قادمة، وھو ما تقوم بھ الحكومة المصریة حالیا وبكافة السبل والامكانیات المتاحة لدیھم.
علینا أن نسأل بعضا تكف عن تھدید شعوب منطقتنا العربیة، نبدأھا بـ: ً من الأسئلة في إطار من المعالجة العلمیة لأزمة لا
ً على نھر النیل الأزرق؟
ما ھو سد النھضة الاثیوبي الذي یتم انشاؤه حالیا
وبالمناسبة، علینا أن نتذكر أن لنھر النیل الذي یزید طولھ عن ٤٢٠٠ میل رافدین أساسیین، ھما؛ النیل الأزرق، الذي ینبع
من أثیوبیا والنیل الأبیض الذي یبدأ من بروندي.
Copyright © 2019. All rights reserved.
MEWF Publications, October 2019, www.mewf.de
Middle East Water Forum
یلتقي الرافدان في مدینة الخرطوم السودانیة؛ لیشكلا معا ما یعرف بنھر النیل والذي یجري شمالا باتجاه مصر؛ فیشكل دلتا
النیل قبل ان یصب في البحر الأبیض المتوسط، كما ویتشاطئ في حوض النیل الأكبر ١١ دولة بما في ذلك مصر
والسودان، إلى جانب دولة جنوب السودان حدیثا.
لقد بدأت أثیوبیا عام ٢٠١١ ببناء سابع أكبر سد على مستوى العالم، وبسعة ٧٤ ملیار متر مكعب على نھر النیل الأزرق،
وتعتبر سعة السد أكبر من الجریان السنوي لنھر النیل الازرق بحوالي مرة ونصف، وسط أحادیث عن لغز تزامن توقیت
بناء السد مع الوضع السیاسي الجدید الذي دخلتھ مصر منذ نحو تسع سنوات.
بالنسبة للمختصین وخبراء الطاقة، فإنھم یرجّ حون قدرة السد المائیة على تولید الكھرباء، بنحو 6000 میغاوات، وتخطط
الحكومة للاستفادة من سد النھضة بعد الانتھاء منھ في زراعة نصف ملیون ھكتار، وتخفیف ُمشكلة الجفاف المتزایدة التي
- یعیشھا شرق إثیوبیا، علما بان فكرة بناء السد لیست بالجدیدة، وتعود للأعوام ١٩٥٦ ١٩٦٤ ،عندما تم تحدید موقع السد
من قبل مكتب استصلاح الأراضي الأمریكي، وقد تكون بدایة الخلاف ھناك، بسبب غیاب تنسیق الجھات المعنیة مع
مصر، وحسب اتفاقیة عام ١٩٢٩ والتي أكدت ضرورة التنسیق مع مصر في حال بناء أي مشروع من شأنھ الاضرار
بكمیة میاه النیل باتجاه مصر. وقد تضمنت الاتفاقیة إقرار دول الحوض بحصة مصر المكتسبة، وان لمصر الحق في
الاعتراض في حالة إنشاء ھذه الدول مشروعات جدیدة على النھر وروافده.
الاتفاقیة المبرمة كانت بین مصر وبریطانیا، حیث كانت بریطانیا تمثل السودان واوغندا وتنزانیا وكینیا، وتم تخصیص ما
نسبتھ ٣.٩٢ ٪من التدفق لمصر في حین تم تخصیص ٧.٧ ٪ للسودان، وھنا لا بد من الإشارة الى ان الموقف المصري
یتفھم الرغبة الاثیوبیة في حمایة أراضیھا من الفیضان، وتولید طاقة كھربائیة نظیفة تقوم علیھا بعض الصناعات وتخزین
ً، إلى جانب استخدامھا
كمیات كبیرة من میاه النیل، نظرا لموجات الجفاف التي تجتاح وسط القارة الأفریقیة شبھ سنویا
للزراعة؛ للنھوض في الاقتصاد الوطني لأثیوبیا، ولكن دون ان یكون ھنالك تأثیر كبیر على الوضع المائي المصري
شریطة التشاور والتعاون مع مصر خطوة بخطوة، وھذا ممكن من خلال الحوار واتفاق ثلاثي یضم مصر والسودان
وأثیوبیا.
تعود أسباب الخلاف الى ان مصر والتي تقع على مصب النھر او ما یسمى الحوض الاسفل تعارض إقامة ھذا السد الذي
من المؤكد أنھ سیقلل من كمیة المیاه التي تحصل علیھا من میاه النیل، إذ تعتمد مصر بشكل كبیر (أكثر من ٩٠ (٪على میاه
النیل؛ لتلبیة میاه الشرب والري، ولھا حقوق تاریخیة في النھر بموجب اتفاقیتي 1929 و1959 اللتین لا تمنحان مصر
حق الموافقة على مشاریع الري في دول المنبع فقط، لا بل لھا حق استخدام الفیتو على أي مشاریع من شأنھ التأثیر على
كمیة المیاه المتدفقة باتجاه مصر.
في العام 1929 تم توقیع اتفاقیة لتقاسم المیاه بین دول حوض النیل وبریطانیا بصفتھا الاستعماریة، وأعطت لمصر حق
النقض الفیتو لمنع إقامة أي مشروعات على نھر النیل یھدد حصة مصر المائیة، وقد حددت حصة مصر المائیة طبقا
لاتفاقیة 1929 بحوالي 48 ملیار متر مكعب وحصة السودان بحوالي 4 ملیار متر مكعب، الا انھ وفي العام 1959 وقع
الرئیس الراحل جمال عبد الناصر في القاھرة اتفاقیة مكملة وتم إیداعھا في الأمم المتحدة مع السودان لزیادة حصة مصر
والسودان لتصبح حصة مصر 5.55 ملیار م٣ ،مقابل 5.18 ملیار م٣ ،حصة السودان، وكذلك حق مصر في إنشاء
السد العالي، وإنشاء السودان خزان الروصیرص واحتفاظ كل من مصر والسودان بحقھما المكتسب في میاه النیل، وتم
إیداع تلك الاتفاقیة بالأمم المتحدة ایضا كإحدى وثائقھا.
بالنسبة لجمھوریة مصر العربیة فان أمنھا المائي قضیة استراتیجیة محسومة، ولن تسمح لأي جھة بتھدید أمنھا المائي او
تناقص كمیة تدفق میاه النیل باي شكل او كمیة من شأنھا التأثیر على توفیر المیاه، لاسیما وان الدراسات تشیر الى ان
الاحتیاجات المائیة بتزاید كبیر في ظل ثبات وتناقص الموارد المائیة المتوفرة.
ً في حال تم تشغیل السد دون موافقة مصر على برنامج تشغیل وملء السد، اذ یحاول الجانب المصري
ویزداد الامر سوءا
ومنذ سنوات اقناع الجانب الاثیوبي بضرورة ملء السد على أطول فترة زمنیة ممكنة والتي یجب ان لا تقل عن خمس
سنوات، وفي حال الجفاف یتم تمدیدھا لسنتین اضافیتین؛ لیصبح المجموع سبع سنین بدلا من ثلاث، وكما یطالب الجانب
الاثیوبي، وبعد المرحلة الأولى من التعبئة الجانب المصري بتدفق ما لا یقل عن 40 ملیار متر مكعب من میاه السد سنویا،
بینما تقترح إثیوبیا 35 ملیار متر مكعب.
وتشیر البیانات أدناه (شكل رقم ١ (الى كبر حجم مشكلة نقص المیاه في مصر خلال السنوات العشر القادمة؛ نتیجة
للأعمال التي تقوم بھا دول الحوض الأعلى، ومدى تأثیرھا على استمراریة التزوید والعجز الكبیر المتوقع، وما ستحمل
معھا من تبعات سیاسیة واقتصادیة كبیرة على مصر، ما لم تتخذ الإجراءات اللازمة لحمایة الحقوق المائیة لھا.
Copyright © 2019. All rights reserved.
MEWF Publications, October 2019, www.mewf.de
Middle East Water Forum
شكل رقم (١:(المصدر: منشورات منتدى الشرق الأوسط للمیاه ٢٠١٩ شكل رقم (٢ :(خارطة تبین دول المنبع والمصب لنھر النیل
وقد بین الخبیر المائي الدكتور محمود أبو زید خلال ندوة المیاه المعنونة بـ 'مستقبل المیاه في مصر' والتي عقدت بجامعة
عین شمس في شھر اذار الماضي، بان حصة مصر من المیاه انخفضت بمعدل 5.7 ملیار متر مكعب؛ بسبب بناء سد
النھضة الاثیوبي وھو ما یتفق مع البیانات اعلاه.
ولا بد من الإشارة الى ان النقص الحاصل في المیاه مستقبلا في مصر لابد وان یعوض جزئیا، بالاعتماد على الضخ من
المیاه الجوفیة وما یتبعھ من كلف مالیة وبیئیة عالیة، إضافة الى التوجھ لتحلیة المیاه وضرورة الاستثمار برفع كفاءة أنظمة
الري لتقلیل فاقد المیاه؛ ما یزید الأعباء المالیة على المواطن والمزارع المصري، وما یتبع ذلك من نقص في امدادات
الغذاء، وبالتالي حتما سنكون أمام خیارین؛ إما رفع الأسعار او زیادة الدعم الحكومي، وھو ما تحاول الحكومة المصریة
تجنبھ من خلال الإبقاء على مواردھا المائیة دون تناقص من خلال أي تأثیر خارجي.
للسودان الشریكة في میاه نھر النیل مصالح في میاه النھر، من حیث تولید الطاقة الكھرومائیة، أو لدرء خطر فیضاناتھ،
كما ولھ علاقات اقتصادیة وسیاسیة مع دولتي الخلاف مصر واثیوبیا، الا ان التغیرات السیاسیة التي یشھدھا السودان منذ
نھایة عام 2018 والتي أدت إلى سقوط نظام الرئیس السابق عمر البشیر، بدأت تظھر تداعیاتھا على علاقات السودان
الخارجیة، وبالتحدید فیما یخص علاقتھا بجیرانھا وفي مقدمتھم إثیوبیا التي لعبت دورا مباشرا في المصالحة السودانیة
الأخیرة بین المجلس العسكري وقوى الحریة والتغییر، وأصبحت اثیوبیا بالنسبة للسودان الجدید دولة جوار، تحظى
باحترام قوى الحكم الجدیدة بالسودان، إضافة الى ان السودان أصلا لم یكن موقفھ ضد بناء السد الاثیوبي كون السودان
ستتخلص بشكل كبیر من فیضانات نھر النیل التي تضرب المناطق المنخفضة في جنوب الخرطوم (وسط البلاد) وبعض
الأجزاء من ولایة الجزیرة (إلى الجنوب من الخرطوم)، وكذلك ولایة القضارف جنوب شرق السودان.
وعادة ما تتسبب السیول في السودان بخسائر بشریة في العدید من الولایات السودانیة، خاصة خلال أشھر فیضان النھر،
الذي یؤدي الى أضرار مادیة بالغة، من ھدم لعشرات من المنازل، وطمر الطرقات في العدید من المناطق، وتعطیل
المرافق العامة؛ لتزید من معاناة المواطنین؛ ما جعل موضوع الفیضانات من اھھم المواضیع في الاجندة السیاسیة السودانیة
الداخلیة جنبا الى جنب مع السلام وإعادة تسكین اللاجئین.
إضافة الى الحمایة من الفیضانات التي ستستفید منھ السودان، فان السودان یطمح في الحصول على الطاقة الكھربائیة
الرخیصة من محطات كھرباء السد الاثیوبي، وھي أكبر محطة للطاقة الكھرومائیة في أفریقیا وسابع أكبر سد في العالم
عند اكتمالھ، وقد تم بالفعل توقیع أكثر من اتفاق بالخصوص بین السودان واثیوبیا، كما وتتضمن الفوائد السودانیة من بناء
السد ري دائم طول العام للمشاریع الزراعیة، وزیادة المساحات المزروعة، وكذلك زیادة مساحة تخزین المیاه في سد
روصیرص وسنار لإنتاج الكھرباء وتوفیر ثروة سمكیة وحیوانیة ومرا ، إضافة إلى استیراد الكھرباء من اثیوبیا. ٍع ال
موقف الجانب المصري واض ٌح ولا یحتاج إلى تفسیر، فتخفیض ح ّصة ِمصر من المیاه یعني ”إعلان حرب" لا یُمكن أن
ُر ّوج لحتمیّة الحل العسكري وتدمیر
یمر دون التصّدي لھ ُبكل الوسائل"، وبدأت أصوات سیاسیّة وعسكریّة دا ِخل مصر ت
م یتم احترام المطالب ِ المصریّة، لأ ّن 100 ملیون نسمة تحتاج إلى ِمصر التي زاد عدد ُس ّك السد الإثیوبي في حال ل انھا عن
حص ٍص 95 بالمئة من أراضیھا صحراء قاحلة، ومیاه النیل میاه أكبر، ولیس تقلیصھا، بسبب الزیادة السكانیّة الھائلة، و
ّسبة إلیھا، ُومواطنیھا، مسألة حیاة أو موت.
بالن
وحسب الدراسات المصریة، فان مصر ونتیجة لقیام إثیوبیا بملء السد، فأنھا ستكون 'عرضة لفقد أكثر من ملیون وظیفة
و8.1 ملیار دولار من الناتج الاقتصادي سنویا، كما ستفقد كھرباء بقیمة 300 ملیون دولار سنویا'.
0
100
200
2010 2015 2020 2025 2030
الحتاجات والوارد والعجز الائي
في مصر للستعمالت الختلفة
لغاية العام ٢٠٣٠ -مليار متر مكعب
التزويد BCM الحتياجات BCM
العجز الائي BCM
Copyright © 2019. All rights reserved.
MEWF Publications, October 2019, www.mewf.de
Middle East Water Forum
كل ذلك فاقم من التخوف المصري، وخاصة بعد ان قامت خمس دول افریقیة في العام 2010 وفي خطوة مفاجئة لمصر
والسودان بالتوقیع على اتفاق مائي أولي جدید، وفي العام 2011 ،وقعت الدولة السادسة، وھي بورندي على الاتفاقیة مع
انشغال مصر بأحداث الثورة.
وھما رفضت مصر والسودان الاتفاقیة وتمسكتا بحصتھما المائیة بناء على اتفاقیة تقاسم میاه النیل 1929 ،والمكملة لھا
اتفاقیتان مودعتان بالأمم المتحدة وتنصان على منح مصر 5،55 ملیار متر مكعب، و 5،18 ملیار متر مكعب للسودان،
- فیما رفضت إثیوبیا والدول الموقعة على اتفاقیة عنتیبي 1929 1959 لأن بریطانیا التي وقعت علیھا كانت بصفتھا
الاستعماریة.
إضافة الى ان البعض یرى أن مفاوضات السودان حول سد النھضة في السنوات الأخیرة من عھد البشیر كانت 'غیر
واضحة وتستند إلى تكتیكات سیاسیة، ولا تنطلق من ثوابت فنیة، فكانت متذبذبة ومتحولة من موقف إلى آخر، فتارة مع
مصر وتارة مع إثیوبیا، وھذا ما ضیع الموقف السوداني وھي من اھم دول الحوض.
الا ان المتغیرات السیاسیة الحدیثة في كل من السودان واثیوبیا ابتداء بالثورة السودانیة وانتھاء بحصول رئیس الوزراء
الاثیوبي على جائزة نوبل للسلام، وكذلك تعیین عبدالله حمدوك رئیسا لوزراء المرحلة الانتقالیة في السودان، وكلاھما
ّم على مصر المزید من الصبر والثبات بالموقف، وحشد الدعم الدولي للموقف
یتمتعان باحترام وعلاقات دولیة كبیرة، یحت
المصري لان مصر لیست دولة صغیرة، وعدد سكانھا یفوق ١١٠ ملیون نسمة، ولا توجد مصلحة لاحد في ان یكون
الملف المائي ملفاَضاغطا، بدلا من كونھ ملفا للتعاون الإقلیمي وللتنمیة الاقتصادیة والاجتماعیة المستدامة في ظل معدلات
فقر غیر مسبوقة في دول الحوض الثلاث.
ولا بد من الإشارة أیضا الى ان قضایا المیاه المشتركة والانھار الدولیة مسائل غایة في التعقید، نظرا للتدخلات السیاسیة
والفنیة والتوترات الإقلیمیة التي تنعكس بشكل سلبي على إیجاد السبل والحلول التي ترضي كافة الأطراف، وھنا لا بد من
الإشادة بالموقف المصري دبلوماسیا وتكتیكیا على الرغم من حساسیة الموضوع، وكما ذكر سابقا، فالجانب المصري
موقفھ واضح في خلاف كثیر من الدول في مثل ھذه القضایا، والموقف والمطلب المصري محق بكافة المقاییس السیاسیة
والفنیة، مع تفھم كبیر للحاجة الاثیوبیة والتي لدیھا موارد بدیلة، وبعكس الجانب المصري التي أصبحت بدائلھ المائیة
للتزوید شحیحة ومكلفة.
وعلى الرغم من أھمیة ملف میاه النیل للجانب المصري، الا ان الخیارات المصریة قد تكون قلیلة، ولا بد من العمل على
عدة جبھات داخلیة وخارجیة؛ لتوفیر مزید من المیاه لسد العجز المائي نتیجة لظروف خارجیة مثل؛ التأثیر على كمیة میاه
النیل او داخلیة من حیث تلبیة احتیاجات القطاعات المختلفة في ظل تنمیة اقتصادیة قادمة وزیادة في عدد السكان.
خارجیا لا بد من الاستمرار بالتفاوض مع السودان واثیوبیا حول حمایة الحقوق المائیة السیادیة لمصر في نھر النیل وقد
یكون الاتفاق القادم على 'برتوكول' تشغیل السد، ولابد ان یكون 'دینامیكیا' في تلبیة احتیاجات الطرفین، مع الاخذ بعین
الاعتبار فترات الاحتیاج القصوى الموسمیة في البلدین، وھي مختلفة وقد تساعد مصر في الحصول على كمیات إضافیة
خلال فترة احتیاجات الذروة الموسمیة.
ونظرا لان المفاوضات دخلت مرحلة جدیدة في ظل المتغیرات سابقة الذكر مع كل من السودان واثیوبیا، فقد أصبح من
ا لتسھیل مھمة التفاوض، ضمن ما اتفق علیھ سابقا ً ا او رابع ؛ ً ا ثالث ً الأھمیة 'الجیواستراتجیة' إدخال وسیط، باعتباره طرف
مع الاستمرار بالتركیز على الجوانب والحقائق الفنیة، وتعظیم الفوائد لكافة الاطراف.
في الحقیقة، تشتد الحاجة المصریة لإقناع اثیوبیا بان تعبئة السد بین ثلاث وخمس سنوات، لا تغیر الكثیر على ارض الواقع
بالنسبة لھم، لاسیما وان بناء السد قد بدأ منذ حوالي ٨ سنوات، وسیستمر للأعوام الثلاثة القادمة، وھناك تأخیر في برنامج
بناء السد سیمتد للعام ٢٠٢٣ ،وقد تكون ھنالك فرصة للأثیوبیین للاستفادة من الخبرة المصریة في إدارة وتشغیل السدود
الكبیرة وكیفیة صیانتھا والمحافظة علیھا.
لا بد من الاستعانة بلجنة خبراء دولیین لوضع التقاریر الفنیة الصحیحة امام كافة الأطراف دون محاباة لأي طرف،
واعتقد ان ھنالك مصلحة للجانب المصري في ان یكون المجتمع الدولي والدول المانحة على اطلاع ودرایة في أي اضرار
قد تلحق بالاقتصاد المصري، كما وانھ لا بد للحكومة المصریة من العمل مع الدول العربیة للحصول على الدعم السیاسي
المطلوب، لا سیما وان اثیوبیا ترتبط بعلاقات اقتصادیة كبیرة مع أكثر من دولة عربیة، وخاصة الخلیجیة منھا
أضف الى ذلك ان العلاقات المصریة السودانیة في ھذا الملف تحتاج الى المزید من المصارحة والوضوح ولا بد من تلبیة
المصالح السودانیة في ِظل وجود تقارب في الموقفین السوداني والإثیوبي.
اثیوبیا التوصل الى اتفاق مرضي مع مصر سیساعد اثیوبیا في جذب التمویل الدولي لنفیذ المشاریع التنمویة كما وان راس ً
مال القطاع الخاص لن یأتي في ظل ظروف التوتر والخلاف على الموارد المائیة والاتفاق في ھذا المجال سیجلب لأثیوبیا
المزید من الاستثمارات الخارجیة خاصة في مجال الزراعة والصناعات الزراعیة.
الرزاز: ملتزمون بصرف علاوة الموظفين في العام المقبل .. والدولة الأردنيّة لا تُختزل بشخص ولا بنقابة - فيديو 
الرزاز يتحدث للأردنيين عن دولة القانون واخلاقيات الموظف العام
الأردن يبحث بدء تسيير الرحلات مع قائمة الدول الخضراء
اغلاق جزئي لجسر الثامن الجمعة
التعليم العالي: بدء التدريس في الجامعات الحكومية اعتباراً من 27 أيلول
الافراج عن الملثمين الذين ظهروا في فيديو "اجتماع الكرك"
هام من التربية لطلبة البرامج الدولية في امتحان التوجيهي2020
ضبط مدارس خاصة تجبر معلمين على التوقيع على كمبيالات للتنازل عن حقوقهم