الدكتورمحمود الدباس

اظهرت دراسة تحليلية وجود حالة من الانقسام الشديد بين الأسرائيلين حول القرارالاردني والمتمثل بالغاء العمل بملحقي الباقورة والغمر مع اسرائيل بموجب اتفاقية السلام التي وقعت بين البلدين في العام 1994م . حيث عرضت الصحافة الأسرائيلية ، ردتين فعل ، الاولى ، الرسمية الايجابية ، حيث اكد رئيس الوزراء الأسرائيلي ، على اهمية معاهدة السلام مع الاردن لكلا البلدين ، خاصة وانها ساهمت في تعزيز الامن الاقليمي .

اما ردة الفعل الثاني ، فكانت قاسية ، حيث قال وزير في الحكومة الاسرائيلية ، ان هذه الخطوة من الاردن ، غير مقبولة وهي تشكل عقوبة لأسرائيل ، حيث أن اسرائيل قد ساعدت العائلة المالكة في الاردن كثيرا ، ايضا ، فأن اسرائيل قدمت للأردن 45 مليون متر مكعب سنويا من المياة ، وانه بناء على طلب الأردن تم زيادة الكمية الى 55 مليون متر مكعب ، لمساعدة الأردن على تلبية احتياجاته الاضافية من المياة بسب تدفق مليون ونصف سوري الى الاردن نتيجة الازمة السورية . في ذات السياق ، كان موقف المزراعين الاسرائيلين في الغمر غاضبا ، حيث اعتبروا ان القرار الأردني غير مقبول، وهو يمثل حالة انقلاب من الاردن على اسرائيل ، حيث انهم قد قاموا عبر السنوات الماضية بزراعة 4000 دونم في وادي عربة . كانت تلك النتيجة ،هي ابرز النتائج التي توصلت اليها الدراسة التي حملت عنوان (اتجاهات الصحافة الأسرائيلية نحو القرار الاردني بوقف العمل بالنظام الخاص بملحقي الباقورة الغمر في معاهدة السلام الاردنية الاسرائيلية ) ، والتي قام بها الباحث الدكتور محمود عواد الدباس.

حيث شمل مجتمع الدراسة 16 مقالة ،في ثلاث صحف اسرائيلية،هي صحيفة (y.net ) سبعة مقالات، صحيفة (اسرائيل اليوم ) 4 مقالات ، صحيفة (هارتس ) خمس مقالات . والتي كتبت خلال فترة ( 21-10 الى 26-10-2018م ). منهجيا ، تم اتباع منهجية تحليل المحتوى – وحدة الموضوع -. وكانت اداة الدراسة هي الاستمارة المفتوحة ، حيث تم رصد اراء كل كاتب مقالة على حدا ، بعد ذلك تم تحليل مقالات كل صحيفة في جدول واحد ، ليصار بعد هذا الى تجميع كافة مضامين المقالات جميعها وتنظيمها في جدول واحد وتحليل تلك الاراء بشكل عام .

حول حقيقة معرفة اسرائيل المسبقة بمضمون القرار الاردني . بينت الصحافة الاسرائيلية أن هنالك رأيين ، الرأي الأول يقول بوجود مفأجاة،ودليل ذلك أنه لم تصدر عن الأردن أية اشارات مسبقة رسمية تشير الى عدم التجديد ، مع تحميل الحكومة الأسرائيلية مسؤولية عدم التنسيق المسبق مع الأردن لتفادي اتخاذ هذا القرار . فيما كان الرأي الثاني، يقول بعدم وجود مفأجاة تجاه القرار الأردني ، ودليل ذلك علم اسرائيل المسبق بعدم نجاح الجهود الأمريكية التي حاولت اقناع الأردن بالتراجع عن توجهه بالغاء العمل بالملحقين .

حول مضمون وتسلسل خطوات القرار الرسمي الاردني . عرضت الصحافة الأسرائيلية للمراحل المتعددة للقرار الرسمي الاردني ، و قد تمثل ذلك اولا بقرار الملك عبدالله الثاني والذي اعلن عنه في اجتماع لمجلس السياسات في قصره ، حيث اعلن وقف العمل بملحقي الباقورة والغمر مع اسرائيل في 2020م ، ملغيا بذلك الحق الذي تم منحه الى اسرائيل قبل 24 سنة بموجب معاهدة السلام باستخدام اراضي الباقورة والغمر ، في المقابل سيتم تطبيق القوانيين السيادية الاردنية على هذه الاراضي ، مع طلب الملك من الحكومة الاردنية ابلاغ اسرائيل بذلك القرار رسميا .ثم جاءت المرحلة الثانية من القرار الاردني ، والمثملة برفض الاردن على لسان وزير الخارجية لأعادة التفاوض مع اسرائيل حول تجديد وتمديد العمل بالملحقين، مع تأكيده احترام الاردن للملكية الخاصة للأسرائيلين، والتعامل مع ذلك وفقا للقوانيين الاردنية التي تحترم الملكية الخاصة .

حول قانونية القرار الأردني . بينت الصحافة الأسرائيلية ان القرار الأردني سليم من الناحية القانونية ، من حيث ان المعاهدة بين البلدين ، قد اعطت الحق لكلا الطرفين، بعدم الرغبة في الاستمرار في العمل بالملحقين بعد انتهائه- 25 سنة ، شريطة ان يتم تبليغ الطرف الاخر بذلك قبل سنة من انتهاء العمل بالمحلقين . وهذا ما تم وفعله الاردن .
فيما يتعلق بأسباب القرار الرسمي الأردني .

بينت الصحافة الاسرائيلية .

تعدد الأسباب التي توقف وراء القرار الاردني .كان السبب الأول ، أن معاهدة السلام مع اسرائيل غير شعبية في الاردن ، دليل ذلك ، أن غالبية الاردنين اعتبروا الجندي احمد الدقامسة الذي قتل سبعة طالبات اسرائيليات في العام 1997م انه بطل .

ثم جاء الاحتجاجات الكثيرة في السنتين الاخيرتين المطالبة بالغاء العمل بملحقي الباقورة والغمر مع ضرورة اعلام اسرائيل بهذا قبل انتهاء الموعد النهائي المحدد وفقا للمعاهدة ، كما استمرت في ذات الوقت ، الاحتجاجات الشعبية التي طالبت بالغاء كامل معاهدة السلام مع اسرائيل ، وقد جاء هذا المطلب من الاردنيين من اصول فلسطينية . في ذات الاتجاه ، اشارت الصحافة الأسرائيلية الى العريضة التي وقعها 80 نائبا والتي طالبت رئيس الوزراء بعدم تجديد العمل بملحقي الباقورة والغمر والمتفقة مع المطالب الشعبية .

اما الاسباب الاخرى وراء القرار الرسمي الاردني ، فكان غضب الملك من مشروع صفقة القرن الذي يسير به كوشنر، و الذي ستكون نتائجة على حساب الأردن من وجهة النظر الاردنية خاصة في موضوع الكونفدرالية مع الضفة الغربية . اضافة الى الغاء امريكا للدعم المالي الامريكي الذي تقدمه الى وكالة الاونروا ، و حيث أن الاردن يعتبر المستضيف الأكبر للعد الأكبر من اللأجئين الفلسطينين والذين يقدر عددهم بمليوني لاجىء . فيسؤدي ذلك الى زيادة المشاكل المالية التي يعاني منها الاردن . ايضا هنالك سبب اخر ، وهو عدم التزام اسرائيل باتفاقية السلام مع الاردن . ومن ذلك ، التعدي على الولاية الهاشمية على المقدسات الدينية في القدس ، ومماطلة اسرائيل في السير بمشروع قناة البحر الاحمر – البحر الميت ، والتي ستساعد الاردن على حل مشاكله المالية . وهنالك ايضا حالات التعدي الأسرائيلي على حياة عدد من الاردنيين ، كحادثة السفارة الأسرائيلية في عمان 2017م ، عندما اقدم حارس السفارة على قتل اردنيين اثنين . اما السبب الاخير الذي طرحته الصحافة الأسرائيلية ، فهو سعي الملك الى تغيير اتجاهات الرأي العام الساخط على الأوضاع الاقتصادية نحو الصراع مع اسرائيل وتقديم نفسه انه الحامي لمصالح الاردنيين .

حول التوقعات المستقبلية . فقد تعددت التوقعات التي عرضتها الصحافة الأسرائيلية . منها أن وقف العمل بملحقي الباقورة والغمر لن يزعزع العلاقة مع الاردن ، دليل ذلك ان الازمات التي وقعت مع الاردن في السنوات الماضية قد تم تجاوزها . ومثال ذلك ، ما حدث في العام 2017م حينما اقدم حارس السفارة الاسرائيلية على قتل مواطنيين اردنيين ، لكن تم تسوية الازمة ، وعين الأردن سفيرا جديد في اسرائيل . وهنالك ايضا حادثة قتل جندي اردني لسبعة طالبات اسرائيليات 1997م .حيث تم تسوية الازمة، و تم محاكة الجندي الاردني امام المحكمة الاردنية. اما التوقع الاخير الذي اشارت اليه الصحافة الأسرائيلية ، فهو أن القرار الاردني سيؤدي الى تخفيض حجم المعاهدة بين البلدين .
فيما يتعلق بالمقترحات المقدمة ، فقد تعددت تلك المقترحات.

منها ، رفض ممارسة أي ضغوطات على الاردن عبر الضغط على الجهات الدولية لتقليل الدعم المالي الذي تقدمه للأردن ، وذلك بسبب اهمية الاردن الى اسرائيل من الناحية الاستراتيجية والامنية . اما المقترح الثاني، فكان اعادة الاراضي الى الاردن اذا لم يقبل الاردن تجديد العمل بالملحقين .

فيما دعى الاقتراح الثالث الى الاعتماد على سنة المفاوضات مع الاردن للوصول الى حل مناسب .واخيرا كان الاقتراح الرابع ، بعدم تزويد الاردن باحتياجاته المالية كردة فعل على قيامع بالغاء العمل بملحقي الباقورة و الغمر .