التاريخ : 2017-10-22
العم ابو صخر : زاده البشاشة بعد الغضب
الراي نيوز
كتب : عمر كلاب
سعد ابو عنزة , هكذا من دون القاب , اسم ظهر في الصحافة مرتين , يوم نعى ابنيه ويوم نعيه , ليس وارثا ولا من كبار الملاكين , سر قوته في بساطته ولسانه الذي لا يهادن , خبرته من حياته الصعبة وكلامه عميق كشجر الزيتون وبساطته , ممشوق كرمح دمشقي وابيض مخلوط بحمار الشمس ولهيب الحياة , هكذا رأيته اول مرة في مكتب الصديق صخر الابن البكر للعم سعد , يومها كنا وصخر في محراب شيحان الذي جَروحنا وجرحناه .
مضت الايام وتعمقت العلاقة مع العم سعد ومع صخر , وكان مساء فرح ابراهيم , يومها رجوته ان يقبلني ابنا ويقبل ان يكون حمام العريس في منزلي رغم المسافة بين السلط وجبل النصر المجبول بالسلطية وطيبهم , قبِل , وليلة العرس غضب لسلوك طائش من شباب العشيرة بقيادة المرحوم مصطفى , احد الحبات التي سقطت من عنقود العنب السلطي مبكرا , زادت حُمرته وغضبه , قبل ان اقول له ” يا عم , إن طلع زادك إلحقُه بشاشة ” ضحك بملئ شدقيه وقبل وساطتي .
لم يكن فقيرا بالمعنى الاقتصادي , لكنه فقير , كان ينظر الى صخر وكأنه ينشد منه الترقي , فيجذبه ويجذب اخوته الى اعلى , كان رهانه على صخر قاتلا لصخر وموجعا , فالابن البكر نجح في اختراق المجتمع العماني , وعكس نجاحه على المدينة التي لا تذعن ابدا , ففارسها مذبوح , ولا تقبل القسمة الا على نفسها , فهي المدينة البكر للاردن , وهي ربوته التي يطل منها على القدس وجبالها وعلى نابلس وصابونها .
كان يرجع به العمر كلما تقدم صخر في المجتمع , واظنه في لحظة وجد عاد شابا , وظل يردد على الدوام ” يا رب ان أموت في حياة صخر ” كان الدعاء سرياليا لكثيرين , لكنه واضح لي , ربما بحكم شغب يساري وقليل من ماركسية اعانتني على التحليل , فالرجل كان موقنا ان جنازته سترد له ما خسره في الحياة الصعبة , وسيكون بيت العزاء شهادة على النجاح الذي غافله في حياته فكان صخر هو التعويض عن كل الخسائر .
لم اشأ ان اكتب قبل ان يكتب ابنه الأحب الى قلبه , او قصة نجاحه للدقة , رغم الهاتف الذي بيني وبين صخر , وهو هاتف اعتاد صخر ان يقوم به قبل مهمة تحليلية بقليل , لكنه كان هاتفا بطعم الملح الذي انداح على وجنتي صخر , فهو ما زال على حزنه وما زال على دموعه القليلة , فالحبيب صخر له من اسمه نصيب , ولا اظنه بكى احدا بعد مصطفى الا اباه .
للعم ابي صخر الرحمة والمغفرة الواسعة وللحبيب صخر العزاء أوفره , فخسارة الاب في هذا العمر صعبة , بعد ان بات الاب صديقا واعلم يا صديقي ان طعم اليُتم على الشيب ماسخ ولكنه قضاء الله .