تمر العلاقات الأردنية الإيرانية بمنحى هام في تعزيز هذه العلاقة, وبالذات على الصعيد الاقتصادي في ظل المصالح المشتركة بين البلدين في شتى المجالات, بعد ان عانت من ضعف في الميزان التجاري واختلاف المواقف السياسية في العديد من القضايا.
وكالة 'رم' استضافت السفير الإيراني في عمان مجتبى فردوسي بور للحديث عن مستقبل العلاقات والقواسم المشتركة بين البلدين ومواقع الاختلاف وعن الدعم الإيراني للقدس والوصاية الهاشمية التي اعتبرها السفير ثابته ولا مجال للمزاودة عليها, وكان لنا معه الحوار التالي:
كيف تقيمون العلاقات الأردنية الإيرانية اقتصاديا وسياسيا؟
هي علاقات تاريخية وراسخة تمتد منذ سبعة عقود من العلاقات الدبلوماسية , وهذا أمر هام من أجل البناء عليه لمستقبل الأيام بفضل القاسم والتاريخ المشترك على الرغم من مرور هذه العلاقات ببعض التغيرات من رفع وخفض مستوى التمثيل.
وجاءت هذه التغيرات في اتجاهين قبل وبعد الثورة الإيرانية, فقبل الثورة كانت علاقات وطيدة وقوية وتفاهم كبير في المجال العسكري والاقتصادي, أما بعد الثورة فقد كانت مرحلة ظهر فيها الفكر العقلاني, وكان عقل بلتاجي ممثلا للراحل الملك الحسين بن طلال في نقاش العديد من الملفات ومنها الملف الأمريكي.
بعد ذلك ما الذي حصل في هذه العلاقات؟
الحقيقية جاءت زيارة الملك عبدالله الثاني بن الحسين الى طهران والالتقاء بالرئيس محمد خاتمي بعد مرحلة من ركود العلاقات حيث تم تبادل السفراء, وشكلت هذه الزيارة قمة العلاقات بين البلدين حيث تم توقيع العديد من مذكرات التفاهم وكانت زيارة جامعة للعديد من الأطر.
هل هناك خلافات في العلاقات؟
ما حصل في الإقليم من أزمات كالعراق ثم سوريا أثرت على العلاقات, ورغم ذلك فان لدينا قواسم مشتركة تصل الى '80%' وفي جميع الاتجاهات مما يعني ان الاختلاف ليس كبير, ولو افترضنا ان يتم تأسيس تبادل زيارات بين الدولتين على أعلى مستوى فان الأردن وايران جاهزين لهذه الخطوة , وهذا ما شعرت به خلال تقديم أوراق اعتمادي الى جلالة الملك حين قلت لجلالته اننا ما زلنا نشم رائحة زيارتكم للرئيس خاتمي .
اقتصاديا هل هناك تفاهم وتناغم؟
طبعا , حيث لن يكون هناك أي اختلاف فالعلاقات بين القطاع الخاص وايران تسير بقوة كون السوق الإيراني كبير ومفتوح والحديث هنا عن '80' مليون مواطن ومن المهم ان يستفيد رجال الاعمال من هذا السوق, وقد تم التفاوض من أجل إقامة معارض اردنية في ايران وايرانية في الأردن.
كم يبلغ حجم التبادل التجاري بين البلدين؟
هو ليس بالكثير فعندما توليت عملي عام 2013 وصل الى '35' مليون دولار وهو مبلغ قليل جدا يكفي ليكون بين تاجرين, وحاليا وصل الى '200' مليون وهو مبلغ ضئيل ونسعى الى زيادته.
كيف يتم رفع حجم التبادل التجاري؟
من خلال إزالة العقبات امام رجال الاعمال بتسهيل التأشيرات وعدم إضافة أي ضرائب إضافية حيث وقعنا ' اتفاقية الاجتناب الضريبي' وتمت الموافقة عليها في مجلسي الشعب والنواب في ايران والأردن.
كما ننتظر ان تزودنا الأردن بالأختام والتواقيع حتى يتم تسهيل الأمور , وللعلم نحن نستثمر في بورصة عمان حوالي '123' مليون دينار وتأتي الاستثمارات الإيرانية في المركز السادس, ولولا المعوقات لربما كانت أفضل, وحتى نقوم بتجاوز المعوقات علينا إعادة اللجنة الاقتصادية العليا المشتركة بين البلدين وتجديد وتنشيط الاتفاقات المتفق عليها, ولن يكون هناك معضلة في التطور اقتصاديا مع وجود بعض الاختلافات السياسية في المواقف.
قلتم ان مهمتك في الأردن صعبة, فهل طلبتم لقاء رئيس الوزراء أو وزير الخارجية وتم رفض اللقاء؟
العلاقات الدبلوماسية كالسير على 'الأوتوستراد' وهي طريق باتجاهين , وهذا يعني ان للاردن سفير في ايران فاذا كانت مهمتي سهلة ستكون مهمته تحمل ذات الصفات, وقد التقيت جلالة الملك عند تقديم أوراق اعتمادي وتحدثت عن تطوير العلاقات وتعزيزها , عندها طلب جلالة الملك من وزير الخارجية ناصر جودة بضرورة الالتقاء مع السفير الإيراني لهذا الموضوع, وبعد ذلك التقيت مع الوزراء المختصين في مجال التفاهم الذي نسعى اليه نحن الطرفين وبالذات الاقتصادية.
والتقيت مع وزير الخارجية ناصر جودة وبحثنا جميع متطلباتنا في المجال الاقتصادي والتقيت في حكومة الدكتور عبد الله النسور بالعديد من الوزراء, وعندما حصلت أزمة مع السعودية وتم تأطير العلاقات مع السعودية والأردن, والعلاقات ليس مغلقة والطريق ليس مغلق ولكننا في الفترة الأخيرة لم نطلب الالتقاء مع وزراء ونتمنى إزالة المعوقات حيث نبحث عن لقاءات ذات فائدة ولن يكون هناك لقاء بلا فائدة.
وقد اتفقنا على إعادة إقامة لجنة مشتركة عليا في ابريل 2015 وكان الاتفاق مع وزير الصناعة لكنها لم تقم, وعلاقاتنا مع الخارجية موجودة مع الأمين العام لوزارة الخارجية التي تقوم بتسهيل الأمور لاجراء لقاءات مع الوزراء الاخرين وفتح العلاقات.
وجع الأمة الإسلامية القضية الفلسطينية, ما هو رأيكم وموقفكم من قرار الرئيس الأمريكي بنقل السفارة الى مدينة القدس؟
فلسطين والقدس هما البوصلة التي تجمعنا سويا رغم الخلافات الموجودة, وقد صرح المرشد وهو قرار وموقف ايران خلال اتحاد البرلمانات الاسلامية بان قرار الرئيس الأمريكي خطأ 'غلط' بلا شك وعليه ان يتراجع عن قراره , وان فلسطين والقدس أراض محتلة وانه لا يوجد قدس شرقي وغربي وانها يجب ان يتم تحريرها ونحن واثقون من ذلك.
كيف؟
ان المقاومة والانتفاضة هما الحل الوحيد لتحرير القدس وفلسطين ومن الضرورة ان يدرك عدونا بان يد المسلمين قوية حتى يتراجع عن احتلال القدس, ونتمنى ان تتوحد الصفوف لأننا جميعا في خندق واحد وعلينا دعم الشعب الفلسطيني في نضاله , ونحن منذ بداية الثورة الإسلامية وشعارنا هو الدفاع عن فلسطين, وكان شاة ايران أول حليف لإسرائيل وكان يزودهم بالنفط والغاز مجانا وقد تسلمنا سفارتهم في طهران وستكون سفارة لفلسطين حتى يرفرف العلم الفلسطيني عليها.
وعلينا ان نحارب أي قرار جديد حتى لا يستغل الطرف الاخر سكوتنا لايجاد وعد جديد بعد وعد بلفور وعلينا الغاء جميع هذه القرارات .
كيف تقيمون الموقف الأردني من قضية القدس؟
نحن ندعم الموقف المشرف والمحترم للاردن في الدفاع عن المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس, وما زلنا ندعم هذا الموقف, ونحن كرئيس حالي لاتحاد البرلمانات الإسلامية وبطلب اردني تم عقد اجتماع في طهران , وطرح الجانب الأردني بان تكون قمة الرؤساء للدفاع عن القدس وان تكون قضية أساسية وليست هامشية, والجانب الإيراني أكد على هذا الطلب, وندعم الوصاية الهاشمية على الأماكن المقدسة في القدس.
هل هناك اختلاف بينكم وبين الأردن في القضية الفلسطينية؟
نحن في ايران لا نعترف بإسرائيل وشرعية وجودها وفي خطاباتنا لا نتعامل مع الإسرائيليين كدولة بل كمحتلين, وندعو الى إقامة الدولة الفلسطينية على كامل الاراض الفلسطينية, وبالتالي نحن لا نعترف بقدس شرقية أو غربية أو بحل الدولتين.
أما معنويا فنحن ندعم موقف ودور الأردن والهاشمين على الوصاية في القدس, وفي جميع لقاءاتي أطالب بان تكون هناك موسوعة لاسماء كل ما في فلسطين كون الصهاينة يسعون الى تغيير هذه المسميات, ونحن نريد تعزيز القيم الإيجابية في فلسطين للفلسطينين .
ونقول القدس وفلسطين بوصلتنا لكن دور الأردن كبير, ومثلا لو لم يحضر جلالة الملك الى إسطنبول لكان الوضع مختلفا, فحضور جلالة الملك زاد من قوة منظمة المؤتمر الاسلامي
قلتم بان أمن الأردن من أمن ايران, وما هي الخطوات التي تقومون بها لترسيخ هذه المقولة؟
عندما تسلمت مهامي صرح الرئيس الإيراني الدكتور روحاني بان دوري تعزيز العلاقة بين البلدين وان أمن الأردن هو أمن ايران وأمن ايران هو أمن الأردن, وهذا يعني ان نظرتنا للاردن كمملكة ذات سيادة مستقلة وقيادة حكيمة, ونعزز العلاقات لأجل الأردن في العديد من المجالات الكثيرة.
كيف تنظرون الى علاقات ايران مع مجلس النواب الأردني؟
الدبلوماسية البرلمانية من ادوارها تعزيز العلاقات بين الدول, ومنذ انتخابات مجلس النواب الأردني أرسل رئيس المجلس الإيراني رسالة بأنه تم تشكيل لجنة الاخوة في طهران, والتقيت رئيس المجلس الأردني عاطف الطراونة وأوصلته الرسالة, لكن لغاية الان لم يتم تشكيل اللجنة في الأردن كما حصل في ايران.
والبرلمانات لا تمثل الحكومات وهي مراقب للحكومة ونتمنى ان يكون دور للبرلمانات في تبادل الزيارات, ونحن منفتحين بكل ما يتطلب من قبل الأردن سياسيا واقتصاديا.
احتجاجات حصلت في طهران كيف تقيمون الموقف الأردني منها؟
ما حصل في ايران سحابه صيف وأمن ايران ينشأ من مواقف الشعب الإيراني, وما حصل بدعم أمريكي صهيوني لايجاد توتر بفضل بعض أعمال الشغب في عدد من المدن الإيرانية, وما حصل تم فبركته إعلاميا والصور التي تم نشرها وما تم كتابته جاءت من أرشيف 'منافقي' ايران وهم ليس لهم دور وهم 'مجاهدي خلق', ونحن نسميهم 'منافقي خلق', وقد قتلوا أكثر من '7000' ايراني من الشعب والقيادات, وقد عاد اعداد منهم الى ايران للعيش بسلام بعد اعلانهم للتوبة وليس كالبقية الذين تم نقلهم الى دول متعددة.
ثم ما هي قيمة مريم رجوي ومجاهدي خلق لقيادة ايران وهؤلاء يعقدون في باريس اجتماعات مدفوعة الثمن من قبل الولايات المتحدة الامريكية وليس لهم دور في المجتمع الإيراني داخل وخارج البلاد, كونهم لا يملكون فكر موحد, وهم داعشيو ايران.
لكن ما الذي حصل في ايران؟
ما حصل لا شأن له في أي تطرف, والقصة انه قبل عقدين تم تأسيس بعض المؤسسات غير بنكية, وهذه المؤسسات حصلت على أمول من مليوني مواطن من الشعب الايراني مقابل فائدة مالية مرتفعة , وهذه المؤسسات ليست متخصصة بالحصول على أموال الشعب وهذه الشركات قامت بمنح المؤسسات الإنتاجية بقروض مالية مرتفعة الربحية, لكن في ظل الركود الاقتصادي فشلت الشركات في رد الأموال, عندها قامت السلطة الإيرانية بالسيطرة على الشركات لأجل إعادة هذه الأموال للأشخاص, وبدأت مظاهرات سليمة بما يتناسب مع الدستور الإيراني.
لكن الحرب الإعلامية ضد ايران حورت الموضوع وحاولوا استغلال هذه الفرصة لضرب الحكم في ايران وقامت هذه القنوات بارسال رسائل لضرب مناطق محددة في طهران, لكن بذات يوم الشغب في طهران تم احراق '1500' سيارة في باريس وتم القاء القبض على '1200' فرنسي فيما تم احتجاز '240' في ايران , فقامت منظمات حقوق الانسان بالهجوم على ايران, مع العلم انه يوميا في أمريكا يتم قتل الف شخص من قبل القوات الأمنية.
وأشكر الدور الرسمي الأردني لانها تعاملت باحترام مع الاحداث على الرغم من ان بعض الدول حاولت استغلال هذا الموضوع, أما داعش فهي منظمة إجرامية يجب الخلاص منها وليس دعمها بالمال.
ما أسباب تدخلكم في سوريا والعراق؟
سوريا والعراق دولتين مستقلتين وبينهما وبين الدول العربية علاقات, وقد ذهبنا اليهما بدعوة من الدولتين وهذا ليس تدخل, وأحد الشخصيات الخليجية صرح بان انتخابات في دولة عربية سينتهي بفوز الرئيس بنسبة '99%' إضافة الى التدخل في اليمن, أليس هذا تدخل.
ونحن كايران وفي حال طلبت منا حكومتي العراق وسوريا الخروج من الدولتين سنخرج وقد ساندناهما من أجل مكافحة الإرهاب وهذا الوجود منع الإرهاب من الوصول الى حدود الأردن.
ثم لماذا لا نجد انتقادات لامريكا التي صرحت بانها سترسل '35' الف جندي ويصل الى '60' الف عسكري لاقتطاع جزء من الحدود السورية مع وعد امريكي الى إسرائيل بان هذه القوات باقية لاجل حمايتها, أليس هذا تدخل؟!!
السياحة الدينية هل هي مطلب إيراني؟
لندعم السياحة العامة ومنها السياحة الدينية والمقامات لكن ان يكون معها زيارة البتراء والعقبة وقد قمنا بهذا الامر قبل سنوات دون تأشيرات , ولو قام الجانب الأردني بفتح ملف السياحة الدينية ففي البداية تكون الحاجة الى طيران مباشر إضافة الى فتح معبر طرابيل, وهناك نصف مليون سائح الى سوريا سنويا يقومون بالانتقال الى لبنان لمدة يوم , والمطلوب ان يتم فتح الحدود بين سوريا والأردن للانتقال الى المقامات الموجودة في الأردن.
أما ان يقوم الإيرانيون بزيارة المقامات بشكل مباشر الى الأردن فهو صعب كون غالبية من يقومون بهذه الزيارات من الطبقة المتوسطة ولا يملكون المال الكافي لذلك والايرانيون لن يأتوا للأردن للسياحة الدينية.
الخوف من التشيع الا تراه سببا في رفض الأردن للسياحة الدينية؟
لدينا سنويا أربعة ملايين إيراني يقومون بزيارة الاناضول في تركيا ولم يقوموا بتشييع الاتراك وهنا ثلاثة ملايين يذهبون الى دبي ومليون ونصف حاج يذهبون الى السعودية, فهل اثروا في تشييع تلك الدول, ان كل معتقد محترم .
ما هو بديل الإرهاب, وكيف نتصدى للارهاب؟
تعزيز العلاقات وايجاد نادي اقتصادي مشترك , وقمنا بهذه التجربة من الدول الواقعة على الحدود الشمالية لإيران, ولدينا طرق اتصالات مع الصين ومع تركيا لدينا سكة قطارات متطورة تتصل مع جميع دول أوروبا, ولو قمنا بعمل مشترك مع الأردن بهذا المجال سيتم التصدي لقضية البطالة .
وهنا فاننا لو قمنا بعمل أنبوب الغاز بين الأردن وعراق لأصبحت شبكة مترابطة بين ايران والعراق والأردن وكذلك الامر في مجال النفط والكهرباء, ولو اصبحنا شبكة مترابطة سنؤمن بعضنا البعض.
كيف مستقبل العلاقات الإيرانية الأردنية؟
نحن ايادينا ممدودة للاردن ولدينا اتفاقية وايران ستعطي'15' منح في الهندسة وسنحصل في المقابل على '5' منح في مجال اللغة العربية والاتفاقية من عام 2011 ولا مانع لدينا من تجديد الاتفاقية, وعملت جهودا حتى يكون بين جامعيتن في ايران ومؤسسة خاصة لمنح شهادات في اللغة العربية.