التاريخ : 2018-05-23

الراي نيوز

صالح الراشد

يعيش وزراء الأردن في غالبيتهم في قصور عاجية وكأنهم لم يكونوا يوما من أبناء الشعب, وكأنهم لا يعرفون هموم هذا الشعب ولم يلتصقو به في المدارس والجامعات وحتى في الاعراس والافراح, ونشعر بأن هؤلاء لا يعرفون الأردن بمدنة وقراه ومخيماته وباديته, حيث إنحصر تواجدهم في عمان الغربية التي تعتبر الملاذ المفضل والآمن لأصحاب المال والنفوذ, فهناك لا يشاهدون الفقراء ولا الباحثين عن العمل الشاق لأجل بضعة دنانير, وهناك المطاعم الفخمة التي لا يجرؤ غالبية أبناء الشعب من المرور أمامها لأن اسعارها مرتفعة جدا.

هؤلاء الوزراء بين الفينة والأخرى يخرج علينا أحدهم بحديث لا معنى له, بل نشعر إنه إستفزاز لمشاعر فقراء الوطن, وكان اخرهم وزير خارجية أسبق والذي قال ان المواطن يستطيع بدينارين أن يتناول طعامه ويتسوق في وسط البلد, ولا أختلف من الوزير الأسبق بأن كلامه صحيح, فالمواطن يستطيع ذلك لوجبة واحده, وحسب النظام الغذائي فإنه بحاجة الى ثلاث وجبات بقيمة ستته دنانير يوميا, واذا كانت له اسرة من اربعة افرد فيصبح ما يحتاجه يوميا الى اربع وعشرون دينار وهذا يشير الى أنه بحاجة الى سبعمائة وعشرين دينار شهريا, وهنا دعني أسأل الوزير كم مواطن اردني ينفق هذا المبلغ على الطعام.؟!!.

معالي الوزير ان إنفاق المواطن مبلغ دينارين على الوجبة الواحدة هو مبلغ ضخم وكبير بالنسبة لفقراء وعمال والطبقة الوسطى في الوطن القائم على أكتافهم, فيما هذه المبلغ واضعافه يخجل أبناء الجاه والمال من منحه الى أبنائهم كمصروف يومي, فلا تجعلونا نشعر بأنكم تشاهدون الوطن من برج عال وأن هناك فاصل كبير بينكم وبين المجتمع, ولا زالت كلمات رئيس الوزراء أن الرفع فقط بقيمة سيجارة, ووقتها صدق الشعب ليصل الارتفاع ثمن باكيت من السجائر ونحن ننتظر المزيد.

الحكومة الحالية وغيرها من الحكومات تجعل المواطن يشعر بغرابة ما تقوم به, فعندما يكونون خارج الوزارة نشعر أنهم أبناء الشعب وعندما يصبحون وزراء يتغير الموقف ويصبحون فوق الشعب في النصح والارشاد, وفي نهاية الأمر نكشتف أن هذه النصائح بلا فائدة كونهم لا ينفذونها بل يطالبون الشعب بذلك, وأصبحنا نتذكر ماري أنطوانيت في تصرفاتهم حين أخبروها بأن الشعب لا يجد خبزا حتى يأكل قال : 'يوكلو بسكوت' , فهل عاد بعض وزرائنا الى عصر ما قبل الثورة الفرنسية في فكرهم, وهنا نقول ان على كل وزير قبل أن يتحدث عن الشعب أن يضع نفسه مكانه ثم يتحدث .