تقرير وإعداد : منى نعلاوي
تصوير : محمد شاهين
مونتاج : محمد الجبر

 

هي جريمة بالرغم من أنها لا تندرج تحت هذا المسى ، هذا أقل ما يقال عنها وحتى لو تمت المحاسبة تندرج تحت أبسط المسميات " إهمال ، تقصير ، لامبالاة " ، أصبحنا ننأى بأبنائنا خوفا من كوارثها التي تودي بحياتهم ، وهذه حلقة جديدة من مسلسل فواجع المستشفيات تنضم إلى قائمة طويلة بدايتها كنهايتها ، الألم والحسرة ، عنوانها أرواح المواطنين الرخيصة ، كما يظنونها ، الطبيب والذي جعله الله سببا في الحياة هو في قضيتنا هذه أكبر أسباب الموت ، طفلة بعمر الورود لم تكمل عامها الخامس تدفن في القبور بريئة طاهرة بعد أن فارقت الحياة بذريعة الخطأ الطبي ، إنها الطفلة لين أبو حطب أحدث ضحايا مستشفى البشير الحكومي والتي توفيت جراء انفجار الزائدة الدودية نتيجة الإهمال والتقصير الطبي بتاريخ 5 / 9 / 2021 ، وبعد أن هزت قضيتها الشارع الأردني ، كنا في قلب الحدث والتقت عائلتها في منزلهم ليروون تفاصيل مأساتهم الموجعة ...

الرواية الرسمية :
توفيت طفلة تبلغ من العمر (5 سنوات) بمرض التهاب الزائدة الدودية بعد أيام من "التشخيص الطبي" الخاطئ لحالتها ، بحسب ذويها.
وأكد مدير المركز الوطني للطب الشرعي، حسن الهواري ، أن سبب وفاة الطفلة "يعود إلى تجرثم الدم نتيجة التهاب غشاء البطن ما بعد إجراء عملية جراحية لاستئصال الزائدة الدودية".
وزارة الصحة، في بيان لها قررت إجراء تحقيق حول حادثة الوفاة من قبل فريق طبي وإداري خاص على أن يعمل بشكل منفصل عن لجنة التحقيق التي أسستها إدارة المستشفى.
من جهته توعد مدير مستشفيات البشير الدكتور عبد المانع السليمات بمحاسبة كل من قصّر في قضية الطفلة ، مشيرا إلى تشكيل لجنة تحقيق حيادية .
وفي يوم الثلاثاء 14 / 9 أدان تقرير لجنة تحقيق مستشفى البشير الحكومي التي شكلها وزير الصحة فراس الهواري 5 أطباء في المستشفى بالتقصير في تشخيص حالة الطفلة لين أوبو حطب.
ووفق التقرير أخطأ الأطباء في تشخيص حالة عند مراجعتها لليوم الأول والثاني 2 / 3 /9 /2021 ، وعادت الطفلة لمنزلها دون تقدير حالة الخطورة.

والد الطفلة لين " حسبي الله .. الطبيب خيط الجرح ورماها على السرير دون رحمة " ...
ماهر أبو حطب والد الطفلة لين يبدأ كلامه ب " حسبي الله ونعم الوكيل ، في تاريخ 2 / 9 / 2021 كانت الطفلة تعاني من آلام في أسفل البطن ، وعند مراجعة مستشفى البشير لم يتم تشخيص الحالة بالشكل الصحيح ، وخلصت نتيجته إلى التهاب في المسالك البولية وقد وعادت إلى المنزل ، في اليوم التالي وعندما لم نلمس تحسنا عدنا بها إلى هناك والمرة الثانية شخصت بالتهاب في الأمعاء ، لاحقا عرضناها على طبيب خاص خارج المستشفى ، وأقر بأنها " الزائدة الدودية " ، حصلنا على كتاب منه يقضي بضرورة إجراء عملية لها داخل البشير ، وما كان من الطبيب الذي اطلع عليه سوى أنه رفض هذا التشخيص مدعيا بأنهم هم المخولون بذلك ، عادوا لفحصها مرة أخرى مدعين بأنها لا تحتاج إجراء عملية ، وآلام الطفلة تزداد ، فعدنا إلى طبيب خاص ليؤكد لنا بكتاب آخر بضرورة إجراء عملية استئصال للزائدة والتي شخصت بالتهاب حاد ، ومرة أخرى تم تجاهل ذلك و ترك الفتاة واقفة في الممرات دون النظر لها وهذا مثبت بالفيديو الذي انتشر على مواقع التواصل الاجتماعي وهي تصرخ من ألم معدتها ، ولا حياة لمن تنادي ، وعندما جلبنا أحد الأطباء بصعوبة وبعد فحصها مع الممرضة التي أكدت صحة تشخيص الزائدة ؛ وإذا به يرد عليها " استثني ذلك " فصدمت من رده ، وعندما تم تصويرها بالأشعة أقر إدخالها لإجراء عملية ، وكل هذا استغرق ساعات طويلة ، وبعد أن أجريت لم يتم التنبه بأنها ونتيجة التأخير في إنقاذها أصيبت بتسمم في الدم ، وبعد الاستئصال الطبيب الذي تسبب في موتها قام بإغلاق الجرح دون اتخاذ إجراءات معينة مثل سحب عينة من دمها والتنظيف داخل معدتها قبل الانتهاء ، فقط كل ما فعله " خيط الجرح ورماها على السرير " ، فالزائدة كانت قد انفجرت وسببت كوارث داخل جسد المرحومة ، ما حصل بعد ذلك هو انتفاخ في بطنها ، وعندما استفسرت والدتها عن ذلك قيل لها بأن هذه أعراض طبيعية تعالج بالمشي ، فطلبت أنا من الطبيب المقيم النظر في حالتها ، وكانت هنا الصاعقة وهي أن الإجراءات الطبية المتخذة بعد العملية كانت خاطئة بطريقة فادحة ، وبعد تصويرها على " الإيكو " مرة أخرى اكتشفت الكارثة وشوهد داخل معدتها " قيح وسوائل وغازات والتهابات " يفترض أن تعالج قبل إغلاق الجرح ، وكان ذلك في تاريخ 5 / 9 / 2021 ، تم إجراء عملية أخرى للطفلة استمرت ساعة ونصف وبعد أربع غيرها في انتظار خروجها ، كانت الصدمة هي أنها كانت متوفية في هذه الأثناء ولم يتم إبلاغنا بذلك ، وحتى عندما كنا نتساءل عن سبب التأخير كانت مبرراتهم بأنها يجب أن توضع على أجهزة تنفس لمراقبة حالتها ، ولكن طبيب التخدير أخبرني حرفيا قائلا لي " بنتك وصلتني خالصة " ، مدعين بأنهم يبحثون لها عن سرير في قسم العناية الحثيثة ، وبعد أن تم نقلها لم تمض 5 دقائق حتى تلقينا نبأ وفاتها ، وباعتراف الممرضة أيضا " البنت وصلتني ميتة " ، وهذا يثبت بأن كل ساعات الانتظار وهي داخل غرفة العمليات كانت قد فارقت الحياة ولم يتم إخبارنا حينها ، أنا لا أعلم لماذا كل هذا الاستهتار والإهمال والتلاعب بأرواح البشر ! ، أما عن مدير المستشفى والذي وضعت في مواجهة هاتفية معه عبر إحدى الوسائل الإعلامية فلم يكن منطقه مقنع لي و لغيري ، وأسلوبه معي كان مستفز وقاسي جدا ، وكل ما أشيع عن اعتذاره لنا عار عن الصحة و لم يتم التواصل معنا من أي جهة كانت لا وزارة الصحة ولا المستشفى ، ابنتي ذات الخمسة سنوات كانت أحن وأقرب أولادي إلي ولوالدتها " ، ولم يستطع أبو حطب أن يتابع حديثه عن علاقته بها متأثرا بعبرة تخنقه مبتعدا عن عدستنا التي رصدت الفاجعة في وجهه قبل انسحابه .

عم الطفلة لين " سنحاسب كل من تسبب في موت ابنتنا "...

 

نمر أبو حطب عم الطفلة لين والذي كان شاهدا على تفاصيل المأساة التي رواها والد الضحية قال " إن معاناتها مع الألم استمرت ثلاثة أيام ، ابنة الخمس سنوات تعرضت لعمليات وتخدير خلال يومين و هذا تعذيب لا يقو على احتماله الكبار ، عندما توفيت لم يبلغونا بذلك ، وبعد دقائق من دخولها قسم العناية الحثيثة وقد فارقت الحياة حينها وقبل علمنا بذلك شاهدت بعيني الأجهزة متوقفة دون أية إشارات ، عندها أدركت حجم الكارثة ، وعندما تلقينا صدمة موتها أودعناها في الثلاجة إلى اليوم التالي ، وبعد الدفن توجهنا فورا لاتخاذ كافة الإجراءات القانونية لمحاسبة كل من قصر في علاجها ، وعند التواصل مع مدير المستشفى من خلال إحدى وسائل الإعلام المحلية للاستفسار منه عن ما حصل ، أجاب ؛ بأن تقرير الطب الشرعي ستعلن نتيجته ظهر الثلاثاء 14 / 9 ولكنه تأخر إلى المساء ، مسؤولية ما حصل لابنتنا يجب أن يتحملها أولا مدير البشير ،وثانيا وزير الصحة بسبب الترهل والمخالفات الموجودة في القطاع الصحي وأهمها الأخطاء الطبية ، والتجاهل الذي لقيته قضيتنا أثر بنا سلبا لدرجة كبيرة ، وسنحاسب كل شخص قصر في حق الطفلة من لحظة دخولها الطوارئ و حتى خروجها جثة حملت على الأكتاف ، لين كانت محبوبة من الجميع ، يتعلق بها قلب الغريب قبل القريب مميزة عند ذويها ، اجتماعية لأبعد الحدود ، والدتها انهارت من شدة الفاجعة ، وقد وكانت تتحضر للالتحاق بالمدرسة لأول مرة رحمها الله ليس لها نصيب في ذلك ، موقف وداعها كان أقسى ما عشناه وكل هذا بسبب "خطأ طبي " ".

عائلة الطفلة لين  وبعد التقرير الأولي للتحقيق " ننتظر النتائج النهائية للتحقيق "...
في أول تعليق لعائلة الطفلة لين أبو حطب بعد ظهور نتيجة تقرير لجنة تحقيق مستشفى البشير الحكومي الذي شكلها وزير الصحة فراس الهواري يوم الثلاثاء 14 / 9 وإدانة خمسة أطباء بتهمة التقصير في تشخيص حالتها ، صرح ذوو الطفلة  بأنهم ماضون في إجراءاتهم القانونية وسينتظرون النتائج النهائية للتحقيق وبناء عليه سيتم محاسبة كل من تسبب في وفاة ابنتهم ، وهم على ثقة بنزاهة وعدالة القضاء .