التاريخ : 2022-10-17
كورونا وجَّهت "أكبر لطمة" لجهود الحد من الفقر والحرب في أوكرانيا ستزيدها سوءا
الرأي نيوز - يحيي الأردن والعالم، الاثنين، اليوم الدولي للقضاء على الفقر، وسط توقعات بأن ترفع جائحة كورونا والحرب في أوكرانيا وما رافقهما من ارتفاع أسعار الغذاء والطاقة، عدد الذين يعيشون في فقر مدقع إلى 685 مليونا بنهاية العام الحالي.
الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، قال في هذه المناسبة، إن الفقر المدقع يتزايد "لأول مرة منذ عقدين"، موضحا أن قرابة 120 مليون شخص وقعوا العام الماضي في براثن الفقر، حيث تسببت جائحة كورونا في دمار الاقتصادات والمجتمعات.
وأشار إلى أن "التعافي غير المتوازن" يؤدي إلى تعميق التفاوتات بين شمال الكرة الأرضية وجنوبها. ولذلك، أصبح الهدف الذي وضعته الأمم المتحدة للقضاء على الفقر المدقع بحلول 2030 "أبعد منالاً". فقرابة 7% من سكان العالم أو قرابة 574 مليون نسمة سيكابدون على الأرجح الفقر المدقع في عام 2030، ويزيد هذا على ضعفي نسبة 3% اللازمة لبلوغ هذا الهدف.
ويقول البنك الدولي في دراسة جديدة له إنه من غير المحتمل أن يحقق العالم هدف القضاء على الفقر المدقع بحلول عام 2030 بدون تحقيق معدلات نمو اقتصادي تتحدَّى التاريخ خلال ما تبقَّى من هذا العقد.
وتخلص الدراسة إلى أن جائحة كورونا "وجَّهت أكبر لطمة" لجهود العالم للحد من الفقر منذ عام 1990 وأن الحرب في أوكرانيا تُنذِر بأن الأوضاع ستزداد سوءا.
ويأتي اليوم الدولي، الذي يصادف 17 تشرين الأول/ أكتوبر من كل عام، في العام الحالي بموضوع "الكرامة للجميع"، حيث قالت الأمم المتحدة إن "كرامة الإنسان ليست حقا أصيلا وحسب، بل هي الأساس للحقوق الأساسية الأخرى".
وأضافت أن "الكرامة ليست مفهوماً مجردا؛ فهي حق إنساني لكل فرد على هذه الأرض. واليوم، يعاني عديد من الذين يعايشون الفقر المزمن من الحرمان من كرامتهم وغياب احترامها، فيما أشار البنك الدولي، إلى أنه " إذا تحققت توقعات ارتفاع الفقراء، فسوف يكون هذا ثاني أسوأ عام لجهود الحد من الفقر منذ بدأ العالم تسجيل هذه البيانات".
وقدّمت دراسة البنك الدولي توصيات للحد من مشكلة الفقر حول العالم من أهمها؛ التحول من تقديم الدعم الموجه للسلع إلى الدعم النقدي الموجه إلى الفئات المستهدفة، ضرورة العمل على تحقيق مستويات نمو اقتصادي عالية ومستدامة على المدى الطويل، وزيادة الإيرادات المحلية دون المساس بالفقراء من خلال توسيع قاعدة الضرائب وكفاءة تحصيلها.
- تحسّن في آداء الأردن -
وتطرقت ورقة سياسات أصدرها منتدى الاستراتيجيات الأردني، إلى مؤشر الالتزام بالحد من اللامساواة للعام 2022 الصادر عن منظمة أوكسفام البحثية بالشراكة مع مؤسسة التمويل الدولية، والذي يعد أداة قياس تهدف إلى تقييم الإجراءات التي تتخذها الحكومات للحد من اللامساواة من خلال ثلاثة محاور رئيسية هي الخدمات العامة، والضرائب، والعمل.
وبيّن المؤشر بأن أداء الأردن شهد تحسناً ملحوظاً في مؤشر الالتزام بالحد من اللامساواة، إذ حصل على الترتيب 54/ 161 في العام 2022 مقارنة بالترتيب 66/ 158 في العام 2020.
وبحسب المنتدى فيما يخص أداء الأردن على المحاور الثلاثة في المؤشر، فقد كان ترتيبه الأضعف في محور الخدمات العامة (99/ 161). أما في محور تصاعدية الضرائب، فقد كان ترتيب الأردن متوسطاً (65/ 161). في حين أظهر الأردن أداءً جيداً على محور حقوق العاملين ومستوى الأجور (36/ 161).
وقدّر وزير التخطيط والتعاون الدولي ناصر الشريدة في حديث سابق لـ"المملكة"، في آب/ أغسطس 2021، نسبة الفقر في الأردن بـ24% "مرحليا"، في ارتفاع بلغ قرابة 6% بسبب تداعيات فيروس كورونا.
الحكومة، أعلنت في نيسان/ أبريل 2019، أن نسبة الفقر المطلق بين الأردنيين وصلت إلى 15.7%، وتمثل 1.069 مليون أردني، فيما بلغت نسبة فقر الجوع (المدقع) في الأردن 0.12%؛ أي ما يعادل 7993 فردا أردنيا، وفق آخر مسح خاص بدخل ونفقات الأسرة نفذته دائرة الإحصاءات العامة (2017-2018)، بينما توقع البنك الدولي "ارتفاع نسبة الفقر في الأردن بنسبة 11% إضافية من جراء جائحة كورونا".
- احتساب خط الفقر -
مع تطور الفروق في مستويات الأسعار عبر بلدان العالم، يلزم تحديث خط الفقر العالمي دورياً لكي يعكس هذه التغيرات. ومنذ عام 2015، الذي جرى فيه آخر تعديل، استخدم البنك الدولي 1.90 دولار للفرد في اليوم باعتباره خطَ الفقر العالمي. واعتباراً من خريف 2022، سيتم تحديث الخط العالمي الجديد إلى 2.15 دولار.
وخط الفقر العالمي الجديد محدد بمبلغ 2.15 دولار للفرد في اليوم باستخدام أسعار 2017. وهذا يعني أن أي شخص يعيش على أقل من 2.15 دولار في اليوم يُعد شخصاً يُعد في حالة فقر مدقع. وفي 2017، كان هناك ما يقل قليلاً عن 700 مليون شخص في هذا الوضع على مستوى العالم.
ويتم تحديث خط الفقر العالمي دوريّاً ليعكس التغيرات في الأسعار حول العالم. وتعكس هذه الزيادة في خط الفقر الدولي الزيادة التي حدثت في تكاليف الاحتياجات الأساسية من مطعم وملبس ومسكن في البلدان منخفضة الدخل بين عامي 2011 و 2017 مقارنة بسائر بلدان العالم.
بعبارة أخرى، نقول إن القيمة الحقيقية لمبلغ 2.15 دولار بأسعار 2017 هي نفسها القيمة البالغة 1.25 دولار بأسعار 2011، وفق البنك الدولي.
وخط الفقر يحدده كل بلد ويعكس عادةً المبلغ الذي لا يمكن لأي شخص تحته تلبية الحد الأدنى من احتياجاته للمطعم والملبس والمسكن. وليس مستغرباً أن البلدان الأكثر ثراء تعتمد خطوط فقر أعلى، أما البلدان الأفقر فتعتمد خطوط فقر أدنى.
وعندما نريد تحديد كم شخصاً في العالم يعيشون في فقر مدقع عبر البلدان، لا يسعنا الاكتفاء بجمع معدلات الفقر الوطنية لكل بلد. فهذا سيكون مشابهاً لاستخدام مقياس مختلف في كل بلد لتحديد مَن الفقير. ولهذا نحتاج إلى خط فقر يقيس الفقر في جميع البلدان بالمعيار ذاته.
في عام 1990، درست مجموعة من الباحثين المستقلين والبنك الدولي خطوط الفقر الوطنية في بعض من أشد بلدان العالم فقراً وتحويل هذه الخطوط إلى عملة مشتركة باستخدام أسعار صرف تعادل القوة الشرائية. وتُحسب أسعار صرف تعادل القوة الشرائية لضمان تسعير الكمية ذاتها من السلع والخدمات بشكل متكافئ عبر البلدان.
وبعد تحويلها إلى عملة مشتركة، وجدوا أنه في ستة من هذه البلدان شديدة الفقر إبان ثمانينيات القرن العشرين، كانت قيمة خط الفقر الوطني نحو دولار واحد يومياً للشخص (بأسعار 1985). وهذا شكّل الأساس لأول خط فقر دولي وقدره دولار واحد في اليوم.
وحُسب خط الفقر الدولي البالغ 1.90 دولار، الذي سيُستخدم حتى خريف 2022، كمتوسط لخطوط الفقر الوطنية لخمسة عشر بلداً فقيراً في تسعينيات القرن العشرين، مقوّمة بتعادل القوة الشرائية لعام 2011.
واستند اختيار هذه البلدان الفقيرة الخمسة عشر إلى بيانات محدودة في ذلك الوقت. ومع جمع وتحليل بيانات جديدة من بلدان أخرى منخفضة الدخل، قمنا بتوسيع المجموعة المرجعية.
ويُحسب خط الفقر الدولي الآن باعتباره وسيط خطوط الفقر الوطنية لثمانية وعشرين بلداً من أفقر بلدان العالم، مقوّمة بتعادل القوة الشرائية لعام 2017.
وارتفعت القيمة الاسمية لخط الفقر الدولي من 1.90 دولار بأسعار 2011 إلى 2.15 دولار بأسعار 2017، بيد أن القيمة الحقيقية لخط الفقر الدولي تبقى دون تغيير يُذكر. بعبارة أخرى، ستتكلف سلة السلع والخدمات التي كانت تُقدر بما قيمته 1.90 دولار في 2011 في بلد عادي منخفض الدخل 2.15 دولار في 2017 في المتوسط.
ويرجع التغير في خط الفقر الدولي في جانب كبير منه إلى التغيرات في قيم تعادل القوة الشرائية للبلدان منخفضة الدخل بين عامي 2011 و 2017 (أي التغيرات في الأسعار في البلدان منخفضة الدخل بين عامي 2011 و 2017 مقارنة بسائر بلدان العالم). وليس التغير في خط الفقر الدولي مدفوعاً بزيادات حقيقية في خطوط فقر البلدان منخفضة الدخل ولا مجموعة البلدان التي تتوفر لها خطوط فقر وطنية.
- 1.3 مليار شخص يعيشون في فقر متعدد الأبعاد -
وبالالتزام بالقضاء على الفقر وبحماية الكوكب وبضمان تمتع جميع الناس في كل مكان بالسلام والازدهار، أشار جدول أعمال 2030 مرة أخرى إلى الوعد المنصوص عليه في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان. ومع ذلك، يُظهر الواقع الحالي أن 1.3 مليار شخص لم يزلوا يعيشون في فقر متعدد الأبعاد، ونصفهم تقريبًا من الأطفال والشباب.
وتتزايد سنويا التفاوتات في الفرص والمداخيل تزايدا حادا وتتسع الفجوة بين الأغنياء والفقراء. وفي العام الماضي، سجلت قوة الشركات وثروة طبقة الملياردير ارتفاعًا غير مسبوق في حين كابد الملايين للبقاء في ظل تآكل الحقوق العمالية ونوعية الوظائف.
وقضيتا الفقر وغياب المساواة ليستا قضيتين حتميين، بل هما نتيجتان لقرارات مقصودة أو تقاعس عن العمل مما أضعف الفئات الأشد فقرا وتهميشا في مجتمعاتنا وانتهك حقوقهم الأساسية. إن العنف الصامت والمتواصل للفقر - الإقصاء الاجتماعي والتمييز الهيكلي وغياب التمكين - يُعجز المحاصرين في براثن الفقر المدقع عن الهروب ويُنكر إنسانيتهم.
وسلطت جائحة كورونا الضوء على هذه الدينامية فكشف عن فجوات وإخفاقات نظام الحماية الاجتماعية فضلاً عن غياب المساواة وأشكال مختلفة من التمييز التي تعمق الفقر وتديمه. وفضلا عن ذلك، تشكل حالة الطوارئ المناخية عنفًا جديدًا على الفقراء، حيث تُثقل كواهل هذه المجتمعات بأعباء بسبب تكرار الكوارث الطبيعية والتدهور البيئي، مما يتسبب في تدمير منازلهم ومحاصيلهم وسبل عيشهم.
- انخفاض دخل الفئات الأشد فقرا -
وبحسب تقرير "الفقر والازدهار المشترك" الصادر عن البنك الدولي، تتمثل أبرز التحديات المتعلقة بالفقر حول العالم في تفاقم معدلات الفقر المدقع على مستوى العالم نتيجة تفشي جائحة كورونا، حيث ارتفع معدل الفقر العالمي من 8.4% في عام 2019 إلى قرابة 9.3% في عام 2020، مما يعني أن ما يزيد على 700 مليون شخص في العالم عانى من الفقر المدقع بحلول عام 2020، حيث بلغت النفقات اليومية للفرد الواحد أقل من 2.15 دولار.
إضافةً إلى ذلك، انخفض دخل الفئات الأشد فقراً، في العام 2020، بشكل مضاعف عن مستوى انخفاض دخل الفئات الأغنى، مما أدى إلى ارتفاع حجم التفاوت العالمي في الدخل لأول مرة منذ عقود. وارتفعت احتمالية بقاء ما يزيد على 7% من سكان العالم، والذين يشكلون قرابة 574 مليون شخص تحت خط الفقر المدقع في عام 2030.
ويعاني الأشخاص الذين يعيشون في فقر من عديد أشكال الحرمان المترابطة والمتعاضدة التي تمنعهم من إعمال حقوقهم وتديم فقرهم، بما فيها؛ ظروف العمل الخطيرة، غياب السكن الآمن، غياب الطعام المغذي، ووجود تفاوت في إتاحة الوصول إلى العدالة.
وتحل في هذا العام الذكرى السنوية الخامسة والثلاثون لليوم العالمي للتغلب على الفقر المدقع والذكرى الثلاثون لليوم الدولي للقضاء على الفقر. ولذا، سيُشاد في هذا اليوم بالملايين الذين يعانون الفقر وما يتحلون به يوميا من شجاعة، كما يُقر فيه بالتضامن العالمي الأساسي والمسؤولية المشتركة التي نتحملها للقضاء على الفقر ومكافحة جميع أشكال التمييز.
البنك الدولي، قال في تقريره إنه "لولا استجابات المالية العامة التي عبَّأتها البلدان في شتَّى أنحاء العالم -في شكل برامج للتحويلات النقدية، وإعانات دعم للأجور، وإعانات البطالة، وتدابير أخرى، لكان تأثير جائحة كورونا على أوضاع الفقر أسوأ بكثير".
وحتى أيلول/ سبتمبر 2021، بلغت استجابة المالية العامة للتصدي للجائحة أكثر من 17 تريليون دولار أو 20% من إجمالي الناتج المحلي العالمي في 2020. ولولا استجابة سياسات المالية العامة، لكان معدل الفقر في الاقتصادات النامية قد زاد في المتوسط 2.4 نقطة مئوية عما كان عليه في 2020. ولكن التقارير تظهر أن تأثير تدابير المالية العامة تفاوت تفاوتا كبيرا من بلدٍ لآخر.
المملكة