فرح سمحان
' ابن يقتل والده أو زوج يشوه زوجته أو أب يقتل اطفاله ' عناوين باتت منتشرة مؤخرا في الصحف وعلى وسائل الاعلام بشكل شبه يومي وبالرغم من أن الجريمة تتعدد أشكالها ودوافعها ولكن مفهومها واحد ل ايمكن تغيره تبعا للمجتمعات أو الثقافات، فمن يقدم على ارتكاب جريمة ايا كانت لن يدرك مدى بشاعة فعلته الا بعد فوات الآوان والأسباب تتجه نحو نفسية واقتصادية ودينية، لكن ايا كان السبب هل يمكن أن يضاهي حياة انسان قد تنتهي بسبب أنانية شخص آخر فاقد الاتزان ؟ وهل يمكن للحلول الملائمة أن تضع حدا لارتكاب الجريمة ؟
في صدد ذلك قال اخصائي علم النفس الدكتور عبدالله أبو العدس أن الجنح أو الجرائم هي حالة صرع ذاتي عند الأنسان اذ تتمثل في عدم مقدرته على التعامل مع الأزمات التي تواجهه سواء أكانت سياسية أم اقتصادية أم دينية ، وبالتالي يقوم بتفريغ طاقته على من حوله أو على القوانين المدرجة من خلال التطاول عليها .
'العزلة والغربة والتواصل غير المباشرنتيجة لانشغال الأشخاص بمواقع التواصل الاجتماعي وغيرها'، من الأسباب التي بين أبو العدس انها قد تساهم في لجوء الأفراد الى العنف الجسدي أو اللفظي لافتقادهم مهارات التواصل الفعال والمباشر ، موضحا أن الاثار النفسية التي تترتب على ذلك يتعدى تأثيرها على المجتمع أيضا بطرق سلبية .
وأضاف أن المجتمعات التي يكثر فيها ارتكاب الجريمة نتيجة لأسباب كالبطالة والاكتظاظ وقلة المساحة النفسية للفرد ايضا تأخر الزواج وتعاطي المؤثرات كالكحول والمخدرات وغيرها تجعل الفرد غير قادر على التحكم في نفسه وبالتالي لن يفكر سوى بالعنف سواء أكان لأشخاص مقربين له أو حتى غرباء .
ولفت اخصائي علم النفس الدكتور أبو العدس أنه يقع على عاتق الطب النفسي والمؤسسات كافة الدينية والاقتصادية وغيرها دور في التوعية والوقاية من اصابة الأشخاص بالضغوط النفسية التي تؤدي الى ارتكاب الجرائم وتخطي الأزمات الاقتصادية والاجتماعية , مشيرا الى أن الشباب من عمر 18-35 اكثر اقداما على ارتكاب الجرائم من غيرهم من الأشخاص تبعا لما يعيشونه مشكلات شبابية .
وأشار الى أهمية رفع التوعية لديهم من خلال الخطاب الديني , ودورات يقدمها الاخصائيين النفسيين في كيفية التعامل مع الذات وتخطي الأزمات والمشكلات ، اضافة للدور الملقى على عاتق الأجهزة الامنية ودورها في التوعية بمخاطر ارتكاب الجرائم من ناحية قانونية من أساليب الترغيب والترهيب .
بدوره قال دكتور الاعلام الاسلامي في جامعة اليرموك محمد ربابعة ان مفهوم الجريمة مفهوم قديم وحديث، حيث بدأ قديما منذ قتل أحد ابناء سيدنا آدم لاخيه الآخر وهي اول جريمة وقعت في التاريخ وقد كانت الدوافع لها نفسية وذاتية .
ولفت أن من ابرز الدوافع التي قد تدفع الشخص لارتكاب الجريمة هو اشباعه لحاجات نفسية بداخله كأن يكون عنده نوع من الحقد أو الحسد أو الغيرة من الآخرين ، واحيانا قد يكون الدافع للوقوع في جرائم القتل هو الانتقام من الشخص المعتدى عليه أو الضحية لأسباب متعددة منها اجتماعية أو سياسية أو طائفية وفي بعض الأوقات تكون توهمية .
وبين الربابعة أن ما نشاهده في شاشات التلفاز من قطع للأعناق والاطراف ونحر وحرق ودماربصوراجرامية بشعة جدا في الأغلب تكون ناتجة من دوافع طائفية مغروزة أو سياسية ، اضافة لحب التملك والسيطرة واظهار القوة الذي قد يدفع البعض لارتكاب الجريمة بغيبة التخلص من الطرف الآخر كما تفعل بعض الدول وأكبرمثال مايحدث في غزة وكذلك الدوافع الطائفية كما في العراق .
وأكد أن غياب الوازع الديني يعد السبب الأهم لارتكاب الجرائم لأن بدونه يصبح الأنسان عرضه لارتكاب الأخطاء والآثام كالسرقة والقتل وغيرها وبالتالي اذ وجد الدافع الايماني الداخلي لدى الشخص المؤمن بربه سيحول دون ارتكابه للجرائم بمختلف اشكالها .
وأوضح أن غياب التربية الرشيدة سواء التربية البيتية أو في المؤسسات التربوية بشكل عام ودورها في تسليط الضوء على هذه الجرائم ومخاطر ارتكابها وعواقبها الشرعية والقانونية، وكذلك غياب الاشارة للتجريم القانوني والشرعي في وسائل الاعلام جميعها تساهم في تفشي الجرائم في المجتمع .
وأشار الربابعة أن ما نشهده اليوم من حالات للفساد المجتمعي بمختلف أشكاله والظواهر التي اخلت بآداب المجتمع باتت تدعو الأشخاص في المجتمع لارتكاب الجرائم ، ناهيك عن الوضع الاقتصادي المتردي كالبطالة والفقر وتدني مستوى المعيشة والتي تدفع الفرد لارتكاب جرائم السرقة والاحتيال وغيرها .
وعن تأثير الاعلام والدراما قال الدكتور محمد ربابعة أن هناك دراسات أثبتت أن ماتبثه الشاشات من أعمال تظهر الرعب والعنف كانت سبب رئيس في ازدياد مثل هذه الظاهرة وهذا اثبت قديما ، أما لو نظرنا لما يبث الآن على الفضائيات من افلام بمختلف الثقافات سنجد بأنه من الطبيعي ازدياد وتفاقم اعداد الجرائم في المجتمع لما تنشره في العقول من أفكار وعادات سلبية تبعا لما يظهر فيها من عنف واعمال منافية للآداب خاصة مع غياب التربية الاعلامية .
وتبعا لما أشارت له تقارير صحفية مطلعة فان الجرائم المرتكبة خلال 5 سنوات من العام 2014-2018 بنوعيها الجنحوي والجنائي قد بلغت 128ألف جريمة ، ووفقا لمراقبين فان معدل الجرائم شهد انخفاضا خلال الأعوام من 2014-2017 واضاف المراقبون أن هذه الجرائم تعد ضمن النسب الطبيعية مقارنة بأعداد السكان في الأردن والتي تصل الى 10ملايين نسمة .