يشارك الأردن العالم، الأحد، الاحتفال باليوم العالمي للسكان، في وقت يشهد في العالم ارتفاعا في أعداد سكانه إلى 7,5 مليار نسمة، ومتوقع أن يصل إلى نحو 8,5 مليار نسمة في عام 2030.
وجاء موضوع اليوم العالمي للسكان، الذي يصادف 11 تموز/يوليو من كل عام، حول "الحقوق والخيارات هي الإجابة: سواء كانت طفرة المواليد أو تحديد النسل، فإن الحل لتغيير معدلات الخصوبة يكمن في إعطاء الأولوية للصحة والحقوق الإنجابية للجميع".
الأمينة العامة للمجلس الأعلى للسكان عبلة عماوي، قالت في ورقة أعدها المجلس بهذه المناسبة لرصد آثار جائحة فيروس كورونا على أعداد المواليد في الأردن، استناداً إلى بيانات دائرة الأحوال المدنية والجوازات لأعداد المواليد حسب الأشهر لسنة 2020 والمحدثة لتاريخ 9/2/2021، ومقارنتها بما يقابلها من أعداد المواليد حسب الأشهر لعام 2019، إن "أعداد المواليد الأردنيين اتجهت إلى الانخفاض على امتداد 12 شهرا لسنة 2020 مقارنة بعام 2019".
وأضافت: "إلا أن حدة الانخفاض في أعداد المواليد في شهر كانون أول/ديسمبر والذي يسجل ولادات الأحمال في شهر آذار/مارس 2020 (بدايات الحظر في جائحة فيروس كورونا في الأردن)، كانت أعلى من باقي الأشهر، فقد انخفضت من 14506 ولادات في شهر كانون أول/ديسمبر عام 2019، إلى 12946 ولادة في شهر كانون أول/ديسمبر 2020، بنسبة انخفاض بلغت 10.8%، خلافاً للتوقعات، حيث كان متوقعا ارتفاع أعداد المواليد في هذا الشهر جراء الحظر".
وبحسب مسح السكان والصحة الأسرية (2017-2018)، فإن 21% من السيدات اللاتي سبق لهن الزواج وأعمارهن (15-49 سنة) تعرضن لعنف جسدي مرة واحدة على الأقل منذ أن كن في سن الخامسة عشرة، و2% تعرضن لعنف جسدي أثناء الحمل، في حين تعرضت 26% من السيدات اللاتي سبق لهن الزواج وأعمارهن من (15-49) سنة للعنف الجسدي، أو الجنسي أو العاطفي، وتعرضت 21% من السيدات إلى العنف العاطفي، و18% للعنف الجسدي، و5% للعنف الجنسي من القرين.
ولفتت النظر إلى أن العديد من التقارير والدراسات الدولية على المستوى الإقليمي والمحلي بينت أنه في الغالب تتزايد الحاجة إلى خدمات الصحة الجنسية والإنجابية أثناء الأزمات وحالات الطوارئ والصراعات وتتفاقم في ظل انتشار جائحة فيروس كورونا، وبحكم الآثار السلبية لهذه الظروف على كفاية البنية الصحية وتقديم الرعاية الصحية بشكل عام والصحة الجنسية والإنجابية بشكل خاص، تتراجع القدرة على الوصول إلى خدمات الصحة الجنسية والإنجابية".
وبينت عماوي أن "النساء الحوامل يواجهن خطر التعرض للمضاعفات التي تهدد الحياة بشكل متزايد، كما لا تستطيع الكثير من النساء الحصول على خدمات تنظيم الأسرة؛ مما يعرضهن إلى الحمل غير المرغوب فيه في ظروف خطيرة، وتتزايد الممارسات الضارة مثل زواج الأطفال، كما يؤدي انهيار نظم الحماية إلى زيادة في العنف القائم على النوع الاجتماعي في كثير من الأحيان، وإضافة إلى هذا، فإن أعباء رعاية النساء بأطفالهن وبغيرهم يجعل من الصعب عليهن العناية بأنفسهن".
وأشارت إلى أن المجلس الأعلى للسكان يولي هذه القضايا أهمية كبيرة من خلال برامج عمله، ولكن هناك حاجة لتوحيد الجهود الوطنية وتعزيزها خلال السنوات المقبلة لتحقيق هذه التطلعات، مؤكدة ضرورة تعزيز التشريعات والقوانين التي تدعم تمكين المرأة وتساعدها على القيام بدورها المهم والمحوري في المجتمع وتضمن حمايتها وسلامتها، وأهمية إيجاد وتفعيل السياسات والاستراتيجيات الوطنية التي تضمن لها المشاركة العادلة في كافة المجالات، وتسهيل وصولها لكافة الخدمات.
وتشير نتائج المعدل الوطني لاستخدام وسائل تنظيم الأسرة الحديثة (CPR) حسب نتائج مسح السكان والصحة الأسرية (2017-2018) أن 52% من السيدات المتزوجات حاليا يستخدمن وسيلة لتنظيم الأسرة، وأن 37% منهن يستخدمن وسائل تنظيم أسرة حديثة، و14% وسائل تقليدية، وفي ظل جائحة كورونا، فقد تنتقل فئة السيدات اللواتي يستخدمن وسائل تنظيم الأسرة الحديثة إلى دائرة الحاجة غير الملباة لتنظيم الأسرة، حيث إن هناك 14% (7% للمباعدة و 8% للحد من المواليد) من السيدات المتزوجات لديهن حاجة غير ملباة لتنظيم الأسرة، أي أنهن يرغبن في مباعدة الأحمال أو الحد من الولادات، ولكنهن لا يستخدمن وسائل منع الحمل، ولذا ستكون هناك أحمال غير مرغوب بها كون هذه الوسائل تحتاج إلى تزويد شهري.
ووفقاً لتقرير حالة سكان العالم 2021 الصادر عن صندوق الأمم المتحدة للسكان، فإن الافتقار إلى الاستقلالية الجسدية ربما قد تتفاقم خلال جائحة فيروس كورونا، مما يعرض أعداداً قياسية من النساء والفتيات لخطر العنف القائم على النوع الاجتماعي والممارسات الضارة مثل الزواج المبكر.
ضمان الحقوق والقدرة على الاختيار
في العام الثاني من جائحة كورونا، لم نزل نراوح في حالة ما بين البينين؛ ففي حين تخرج أجزاء من العالم من فترات الإغلاق بسبب الجائحة، لم تزل أجزاء أخرى في غمار مكافحة فيروس كورونا، في حين لم تزل إمكانية الحصول على اللقاحات غير متاحة كليا، وهذا واقع قاتل، بحسب الأمم المتحدة.
وأضرت الجائحة بأنظمة الرعاية الصحية ولا سيما في مجال الصحة الجنسية والإنجابية. كما أنها كشفت أوجه التفاوت بين الجنسين وفاقمت منها، حيث زاد العنف القائم على النوع الاجتماعي في ظل موجة الإغلاق، كما زاد خطر زواج الأطفال وتشويه الأعضاء التناسلية للإناث كذلك؛ حيث تعطلت برامج إلغاء الممارسات الضارة.
وخرجت أعداد كبيرة من النساء من القوى العاملة؛ حيث ألغيت وظائفهن التي هي في الأصل من الوظائف منخفضة الأجر في كثير من الأحيان، أو زادت مسؤولياتهن في ما يتصل بتقديم الرعاية للأطفال بسبب التعليم عن بُعد، أو رعاية المسنين في المنزل؛ مما أدى إلى زعزعة استقرار مواردهن المالية في الوقت الحالي، وعلى المدى الطويل.
وتُعرب عديد البلدان عن قلقها المتزايد بشأن تغير معدلات الخصوبة. فتاريخيا، لطالما أدى القلق بشأن معدلات الخصوبة إلى إلغاء حقوق الإنسان.
ويحذر صندوق الأمم المتحدة للسكان من ردود الفعل السياسية، التي يمكن أن تكون ضارة للغاية إذا انتهكت الحقوق والصحة والاختيارات. ويؤكد ضرورة تمكين المرأة تربويا واقتصاديا وسياسيا لممارسة حقها في الاختيار في ما يتصل بجسدها وخصوبتها.
الاتجاهات السكانية العالمية
استغرق وصول عدد سكان العالم إلى مليار نسمة مئات الآلاف السنين، ثم زاد سبعة أضعاف خلال 200 سنة فقط. ففي عام 2011، وصل عدد سكان العالم إلى سبعة مليارات نسمة، واليوم يتزاوج ذلك العدد سبعة ونصف مليار نسمة.
ومن المتوقع أن يصل إلى زهاء ثمانية ونصف مليار نسمة في عام 2030، كما يُتوقع أن يزيد عن تسعة ونصف مليار نسمة مع حلول عام 2050، وأن يقارب 11 مليار نسمة في عام 2100.
وكانت زيادة عدد من وصولوا إلى سن الإنجاب هي السبب وراء هذا النمو في عدد السكان، كما صاحبت هذا النمو تغيرات كبيرة في معدلات الخصوبة، وزيادة التحضر وتسريع الهجرة. وسيكون لهذه الاتجاهات آثار طويلة الأمد على الأجيال المقبلة.
وشهد الماضي القريب تغيرات هائلة في معدلات الخصوبة ومتوسط العمر.
ففي أوائل السبعينيات، كان متوسط عدد الأطفال لكل امرأة هو 4.5 طفل، وبحلول عام 2015 انخفض إجمالي الخصوبة للعالم إلى أقل من 2.5 طفل لكل امرأة. وفي الوقت نفسه، ارتفع متوسط العمر على الصعيد العالمي، من 64.6 سنة في أوائل التسعينيات إلى 72.6 سنة في 2019.
وإضافة إلى ذلك، يشهد العالم مستويات عالية من التحضر وتسارع الهجرة. وكان عام 2007 هو أو عام يزيد فيه عدد سكان المناطق الحضرية عن عدد سكان المناطق الريفية. ومن المتوقع أن يعيش نحو 66% من سكان العالم في المدن بحلول عام 2050.
هذه الاتجاهات الهائلة لها آثار طويلة الأمد. فهي تؤثر في التنمية الاقتصادية والعمالة وتوزيع الدخل والفقر والحماية الاجتماعية. كما أنها تؤثر في الجهود المبذولة لضمان حصول الجميع على الرعاية الصحية والتعليم والإسكان والصرف الصحي والمياه والغذاء والطاقة. ولتلبية احتياجات الأفراد بشكل أكثر استدامة، يجب أن يطلع صانعو السياسات على عدد من يعيشون على الأرض وأماكنهم وعدد من سيخلفونهم فيها.
حقائق وأرقام
لا تتمتع النساء في عديد بلدان العالم إلا بنسة 75% من الحقوق القانونية التي يتمتع بها الرجال بالرغم من الضمانات الدستورية للمساواة بين الجنسين.
تشير الدراسات الاستقصائية إلى أن 4 إلى 29% من النساء اللواتي يتسخدمن وسائل منع الحمل يفعلن ذلك بدون علم أزواجهن.
نسبة النساء اللواتي يمتلكن القدرة على اتخاذ قرارات تتعلق بأجسادهن لا تتجاوز 55%؛ مما ينبغي أن يكون بمثابة جرس تنبيه للحكومات وصانعي السياسات ومؤسسات التنمية.
يقدر أن 58% من القتيلات قُتلن بأيادي عشرائهن أو قريب لهن، وهي نسبة تساوي 137 قتيلة يوميا. وتفاقم هذا العنف أثناء جائحة كورونا؛ مما أدى إلى اعتبار ذلك العنف "جائحة الظل".