التاريخ : 2018-07-17
العدالة وتكافؤ الفرص..!
الراي نيوز
الأستاذ الدكتور يحيا خريسات
إن الله حرم الظلم على نفسه وجعله محرما بين خلقه، وللظلم أشكال وصور: فقد يظلم الانسان نفسه بإتباعها هواها أو تحميلها فوق طاقتها، وقد يظلم الإنسان ربه بكفره به أو إشراك آخر في عبوديته، وقد يظلم الإنسان غيره وهو أشد أنواع الظلم تأثيرا على العباد وذلك من خلال أكل أموالهم بالباطل أو التعرض لأعراضهم بالقول أو النظر وقد يصل الظلم الى أعلى سقوفه بسفك الانسان دم غيره من البشر دون وجه حق.
وإذا انتشر الظلم بكافة أشكاله عمت الفوضى وغابت العدالة وانتقلنا من صورة البشر الى صورة الحيوان والذي نظلمه بهذا التشبيه فظلم الحيوان لغيره منسجم مع فطرته واستمرارية حياته ومرتبط بقدرته على الحصول على قوت عيشه، أما ظلم البشر فغير مرتبط بالحاجة بل على النقيض من ذلك قد يكون من التخمة المفرطة وحب التملك والسيطرة في حال غياب العقاب والمسألة.
قد يظلم المرء زوجه بالتقصير والحرمان سواء كانت النفقة الشرعية أو المعاملة البشرية، وقد يظلم المرء زوجاته بتفضيل إحداهما على الأخرى وقد يظلم المرء أولاده بالتمييز بينهما وقد تصل به الأمور الى التفريق بينهما بناء على الجنس، فيحرم الأنثى من الميراث ويمنح كل شيء لديه للذكور. وقد يصل الأمر الى ظلم الجار بالاعتداء عليه أو النظر الى محرماته أو أكل ماله زورا وبهتانا.
وقد تصل الامور بالمدرسين الى التفريق بين طلبتهم وتفضيل بعضهم على بعض بمنحهم الدرجات التي لا يستحقونها.
وقد يظلم المشرع الشارع بسن القوانين التي تقوي القوي وتضعف الضعيف. الأمر قد يصل الى ظلم العباد بتنصيب من هم غير قادرين على ادارة أمور العباد ومراعاة العدالة والمساواة بينهم.
ربنا العالم بتركيبة خلقه والحكيم بعباده جعل انتشار الظلم سببا قويا لإنتقامه واستبدال قوم بآخرين، ولو عمت العدالة وكان الناس جميعا متساوين بالفرص والحقوق والواجبات وكانوا أمام القانون سواء لكانت الحياة مثالية ولم تكن هنالك جدوى او معنى من وجود حياة العقاب والحساب أو وجود الجنة والنار. فالبشر مجبولين على المعصية والنفس تحب هواها والعاقل من الزم نفسه حدودها والشقي من أتبع نفسه هواها.
نسأل الله الهداية لخلقه وأن يحيٌ الضمائر لديهم وأن يرحمنا برحمته التي وسعت السموات والأرضين.