التاريخ : 2019-02-17
الشرفات يكتب: ملاحظات على بيان تائه .. !!!
الراي نيوز
د. طلال طلب الشرفات
الحقيقة التي يجب الاعتراف بها هي أنني ـ وعلى خلاف العادة- أعدت صياغة هذا المقال أكثر من مرة قبل إخراجه، والسبب أن بعض القائمين على البيان الذي وقعه مجموعة من الأشخاص، ويحمل مضامين الرسائل التحريضية تربطني معهم مودة خاصة، ولا أريد أن أغادر مساحة الود معهم قبل أن أعرف مدى مشاركتهم في صياغة البيان، أو الرسالة، أو المنشور، ومدى قناعتهم بمضمونه المنفلت من عقال الحكمة، والرزانة، والموضوعية.
والملاحظة الأولى: إن لغة البيان لا تليق في مخاطبة أولي الأمر، وتحوي استعراضاً واضحاً، ومحاولة بائسة للفت الانتباه، واختبار غير لائق لمدى قدرة الحكومة على احتمال الخطاب، واستقواء على هيبة الدولة، والحكم؛ نرفضه بكل الوسائل، والأدوات، وفيه ثقافة مؤلمة لم يعتادها الأردنيون في النكران، ولست في هذا أصادر حق هؤلاء في التعبير عن آرائهم السياسية، والذي هو حق مكفول لهم بشرط أن لا يمس الدستور، وأحكامه، وأن لا يكون مدعاة للفتنة الوطنية دون مبرر.
والملاحظة الثانية: فالبيان يفتقد للانسجام في ثقافة، ومبادئ، وثوابت الموقعين عليه فيما بينهم من جهة، وصدور هذا البيان باسم شخص واحد، مع أنه في العادة، والأصول أن لا يصدر البيان باسم نهج، أو مؤسسة، أو حزب. وباستعراض الأسماء الموقعة تتضح لنا بوادر لملمة التواقيع؛ لتقوية لغة البيان المترنحة أصلاً، والتي تخلو من ثوابت الاختلاف السياسي، وأخلاقيات المعارضة التي تحترم قواعد وأصول التخاطب، وتدرك الفرق بين الخاص، والعام في لغة السياسة.
والملاحظة الثالثة: أن نضالات "الفيسبوك" وبعض وسائل التواصل الاجتماعي قد جاءت بعد أن خسر بعض منهم مواقعهم الحزبية بسبب فردتيهم، وخطابهم المأزوم الذي غادر اللغة السياسية -وقتذاك- إلى لغة الوقيعة السياسية، والاستقواء على الدولة، ولم يعد لهم منبراً سوى رفع سقف الخطاب لمستويات لم يألفها الناس لعل في ذلك استدراج لبعض الغاضبين على سياسات الحكومة؛ لتأسيس منبر جديد قد يعيدهم للموقع العام ولو بعد حين.
والملاحظة الرابعة: تلك التي تكمن في مدى جدوى هذا الخطاب العدمي الذي لا يمكن أن يفضي إلى شيء سوى لمزيد من الإحباط، والقلق، والبحث عن قيادات جديدة أكثر واقعية، وحكمة، وعقلانية، وبذات الوقت لا يعطي انطباعاً عن وطنية الخطاب، والقائمين عليه، ويؤشر لحالة من المقامرة السياسية التي لا تفيد الوطن، ولا تقدم أصحاب هذا الخطاب البائس إلا بقالب الانتهازية السياسية، أو الفراغ العام الذي يتطلب تدخلاً علاجياً في الحال.
والملاحظة الخامسة: تتمثل في أن السياسي يجب أن يكون ملّماً بالتاريخ، والجغرافيا، والبادية وأبنائها لا يحتاجون لشهادة حسن سلوك من أحد، ودماء شهدائهم ما زالت تنزف على ثرى القدس، والكرامة، وقلعة الكرك. وأسهموا كغيرهم في تأسيس الدولة وبنائها، وأراضيهم وقراهم شاهدة عليهم منذ مئات السنين، وقبل أن يأتي من يُزاود عليهم بكثير، وهم بذلك يردون الزعم بالحجة والبادئ أظلم.
من يظن أنه وصيّ على الدولة فهو لم يغادر مساحة الوهم بعد. والتوطين، والتجنيس لهما أهلهما، وأبناء البادية ليسوا منهم.
وللحديث في القريب العاجل بالتأكيد بقية ...!!!