القرض الذي عقدته الحكومة في العام الماضي بشكل سندات سيادية بمبلغ 750 مليون دولار ، سـيبقى معنا لمدة خمس سـنوات ، يعمل خلالها كميزان حرارة يقيس موقف سـوق الائتمان العالمي تجاه أوضاع الأردن المالية من الآن وحتى نهاية سـنة 2015 ، ذلك أن سـندات القرض تتداول في سـوق لندن بأسعار متحركة ذات دلالة.
القرض المذكور صدر بخصم 12ر1% مما يرفع سـعر الفائدة الحقيقي إلى 4% تقريباً ، ولكن نظرة السـوق الدولية للمخاطرة الأردنية تغيرت خلال سـنة مما خفـّض سـعر تداول السندات بنسـبة كبيرة حيث يتعامل بها الوسـطاء في لندن بسعر 54ر91% للشـراء و46ر92% للبيع ، وبذلك يصبح العائد الصافي حتى تاريخ الاستحقاق 6% إلى 25ر6% ، وهو مؤشـر سلبي.
عندما طرحت الحكومة سـندات الدين بالدولار في السوق الدولية كان الهدف تحسـين صورة الأردن الائتمانية ، وتأكيـد أنه استرد كفاءتـه وأصبح مقبولاً للمستثمرين. لكن التطورات المالية السلبية اللاحقة غيرت الصورة.
لو عاد الأردن لسـوق اليورو دولار مرة أخرى في العام القادم كما كانت تنوي الحكومة السابقة ، فإن سعر الفائدة على الدولار سيكون في حـدود 25ر6% على الأقل ، وهو سعر عال جـداً إذا أخذنا بالاعتبار أن سـعر الفائدة على الدولار بين البنوك في لندن لا يزيد كثيراً عن 5ر1% وما زاد عن ذلك يمثل عنصر المخاطرة.
وكالات التصنيف الدولية أعطت هذا القرض مرتبـة BB وهي الحد الأدنى للأوراق المؤهلـة للاستثمار ، أي أن هذا التصنيف وضع الأردن عند الحد الفاصل ، وأي انخفاض آخر يجعل من الصعب على وزارة المالية أن تجد مكتتبين إذا أرادت طرح سـندات جديـدة بالدولار.
تقييم مخاطر السـندات الأردنية السـيادية يستفيد كثيراً من حجـم الاحتياطي بالعملات الأجنبيـة لدى البنك المركزي ، فهو يؤكـد قدرة الأردن على خدمـة قروضه الخارجية ولو على حساب الضغط على موارده المحلية.
إذا كانت الحكومة حريصة على مركز الأردن المالي على الصعيد العالمي فعليهـا أن لا تضعنا مرة أخرى تحت الاختبار بالبحـث عن اقتراض تجاري آخر في سـوق اليورو دولار ، فالوضع والوقت ليسا ملائمين للدخول في اختبار كهـذا نتائجه غير مضمونـة.
عندما يتعلق الأمر بتقييـم السياسة المالية لبلد ما فإن السوق العالمي أصدق إنباء من التصريحات والردود في الصحـف.