التاريخ : 2011-11-24
دولة ظالمة ودولة راكعة
الراي نيوز - لا نريد لدولتنا أن تكون دولة ظالمة تتجاوز على حقوق الناس وتهدر كرامتهم وتعتدي على إنسانيتهم, لكننا أيضاً لا نريد أن تكون دولتنا دولة راكعة ذليلة مستباحة حتى من بعض أبنائها, والحل ليس سحرياً بل هو دولة القانون التي تحمي حقوق الناس وتحفظ للدولة هيبتها.
وسواء كنا في هذه المرحلة السياسية أو غيرها فإننا لا نحب أن يمارس بعضنا عملية إذلال للدولة وتركيع لها حتى في قضايا عادية أو سياسية, ولا يجوز أن يكون بيننا من يستقوي على الدولة سياسياً أو تحت أي عنوان وأن يبقى يمارس كل الضغوطات حتى تمارس الدولة انصياعاً له حتى لو كانت شروطه مخالفة للقانون أو لا منطق لها إلا منطق استغلال وضع عام أو حالة استثنائية.
القانون هو من يحمي المواطن, وحتى استجابة الدولة فإنها تتم وفق القانون وليس عبر تجاوزه, لأن إجبار الدولة على تجاوز القانون مرةً بعد أخرى لمصلحة أي طرف فإنها تلحق ضرراً بآخرين وربما يكون إرضاء جهةٍ يوماً بتجاوز القانون على حساب جهةٍ أخرى.
إذلال الدولة وتركيعها حتى وإن كان احد المسؤولين أو إحدى الجهات أخطأت ليس هو الحل بل الحل في الاحتكام إلى القانون, وأي حكومة أو مسؤول يفتح الباب لحل المشكلة من خلال إذلال الدولة وتحويلها إلى طرف ضعيف قد يتجاوز مشكلة آنية لكنه يزرع كارثة على الجميع, ولهذا لا بد من فعل أدواته القانون وليس التوسل وتقديم التنازلات خطوة خطوة.
وحين نتحدث عن القانون فلا نقصد به القوة والعنف بل إعطاء المواطن حقه من خلال القانون وليس من خلال التوسل والاسترضاء, ويعني أن تكون حلول المشكلات واضحة ومنطقية لا أن نبدأ بحل غير سليم ثم بآخر مثله ثم نحاول الاستدراك عبر تجاوز القانون لإرضاء هذا الطرف السياسي أو الاجتماعي أو الأفراد.
الدولة الظالمة كارثة على نفسها وشعبها لكن الدولة الراكعة لمن فيها أيضاً كارثة على الجميع, لأن من يستطيع إرغام الدولة على أمر سيفعل, بل ربما يأخذ اكبر من حقه بل حقوق الآخرين, ومن لا يستطيع حتى وإن كان صاحب حق فإنه سيفقد حقه لأنه لم يستطع أن يرفع صوته أو يهاجم مؤسسات رسمية أو يغلق شارعاً, أو يهدد بأي فعلٍ تخاف الدولة من تداعياته.
إذا كان الاستقواء على الدولة قد يحقق فائدة اليوم لشخص أو مجموعة فإن على هؤلاء أن يدركوا أنه فعل ينقض عرى القانون, ويفكك قواعد المؤسسية, لأن البديل عن القانون هو قدرة أي طرف سياسي أو اجتماعي على إغلاق الطرق ورفع سقف المطالبات والإساءة لرموز الدولة واستثمار فسحة الإعلام.
هيبة الدولة التي ننادي بها جميعاً ليست قراراً بل ممارسة, ومن يحاول الحصول على ما يريد حتى لو لم يكن حقاً له بلغة القوة وفرض الشروط هو من يمس هيبة الدولة, ومن يعتقد أن الإساءة لمؤسسات الدولة أو مهاجمة دوائر حكومية أو حرق مبانٍ رسمية أو شتم رموز الدولة لا تضعف الدولة وتنهك صورتها فإنه واهم وهو يقدم خدمة لأعدائنا جميعاً حتى لو كان صاحب نوايا حسنة أو يقوم بهذا تحت لحظة غضب.
القانون هو الفيصل بيننا وبين الجهات الرسمية, والحق الذي يأتي باليد والقوة يضيع مقابله حقوق أخرى, وكما نطالب الناس بالقانون فإن المسؤول أيضاً مطالب بأن يحسن إدارة المشكلات وأن لا يعطي إلا وفق القانون.
الرأي