طارق مصاروة
.. تعلّمنا من اللبنانيين المخرج – الشعار لا غالب ولا مغلوب بعد «ثورة» 1958، وأكمل وقتها ريمون إده الديمقراطي الفذ النتيجة النهائية: إذن لا ثورة!!.
الآن وصل اليمنيون الى حالة اللاغالب ولا مغلوب، وكنا لمسناها لمس الأصابع قبل ربع قرن هنا في عمّان، حين دعا الحسين رحمه الله زعماء الشمال والجنوب لمنع الحرب بينهما. وقتها جلسنا دون مواعيد مع المشير السلال في فندق الأردن، وباسنبروه، وعلي صالح وكان الهدف – المخرج: لا غالب ولا مغلوب، والمحافظة على الوحدة اليمنية!!.
الآن وبعد «ثورة» عاش فيها شعب اليمن في الشارع، وسال الدم غزيراً، وصلنا بمبادرة دول الخليج العربي إلى : لا غالب ولا مغلوب.. وصار من المنطقي أن يكتمل الشعار: .. إذن لا ثورة!!.
- الطريف الآن ان هناك رئيسا لكن بلا صلاحيات.. ولا حكم!!.
- وأن هناك نائب رئيس انتقلت إليه السلطات بوجود الرئيس!!.
- وأن أحد قادة المعارضة صار رئيساً للوزراء وتم اقتسام الوزارات بين النظام والمعارضة!!.
ولعل باسنروه او هادي يستطيعان اكمال الشعار: لقد ربح الجميع الحكم والمعارضة.. وخسر الشعب اليمني!! فاليمن الان صار بحاجة الى معجزة لكي ينهض: فلا ماء في دور اليمنيين ولا كهرباء، ولا عمل للعاملين، والمدارس والجامعات مغلقة. فالباقي من «الثورة» اثنان: «السلاح القات!! والثابت فيما بعد الثورة: الفوضى، والفقر!!
الوضع الان في ليبيا يختلف من حيث الشعار فهناك غالب ومغلوب، وهناك ثورة انتصرت لكن استمرار الثوار في شوارع طرابلس قلب المعادلة: فقد تخلص الشعب الليبي من الديكتاتور.. لكن الخليفة كانت الفوضى، وتم استبدال النهب القذافي بالنهب الاميركي – الاوروبي، فتجميد حساب ليبيا في كل مكان يعود الى الليبيين بالقطارة، ولا بد للنظام الجديد من جيش جديد وسلاح جديد، ولا بد من اصلاح آبار ومرافئ النفط، واذا احتسبنا كل ذلك فان نفقات «حماية الشعب الليبي» ستبتلع ارصدت ليبيا. فالعراق ما يزال بعد تسع سنوات لم يسترد امواله المجمدة، وثمن نفطه ما يزال يذهب الى التعويضات ونسمع الان ان هناك سبعة مليار دولار طارت مع ولاية بريمر، ومجلس الحكم.. وما يزال مال العراق يتطاير في كل مكان!!
الثورات العربية المكتملة وغير المكتملة انتهت بسقوط الطغاة لكنها الان بحاجة الى التقييم من جديد، ولا ينفع كل هذا الافيون الذي تنفثه الفضائيات.. فقد صار من اللازم ان نفهم ان الافيون اياه بقي يفتك بجسد الامة.. حتى وقعت كارثة حزيران وبقية الكوارث!!
نفرح مع الثورات التي تنتهي بالانتصار على الطغاة، ونفرح اكثر بسرعة انتقالها من الثوة الى الحكم، ونتوجب كثيرا من حالة اللاغالب ولا مغلوب لاننا نصل الى.. اللاثورة!!