كتب فهد الخيطان
لا يمكن القبول بهذه النهاية لمشروع الإصلاح السياسي. وأعتقد أن الملك عبدالله الثاني لن يرضى أو يستسلم لخريطة المواقف الحالية من الانتخابات النيابية. لأكثر من سنة ونصف السنة، بذلت جهود كبيرة ومخلصة لإنجاز حزمة متكاملة من الإصلاحات، لكن عندما حانت لحظة القطاف، جاء من يريد أن يحرق البيدر.رجال الدولة الذين واصلوا الليل بالنهار لإنجاز تعديلات الدستور، لا يريدون أن تذهب جهودهم سدى؛ وأعضاء لجنة الحوار الوطني، من شتى الأطياف والمشارب، يتحسرون على أيام طويلة من الجدل انتهت إلى توصيات ذهبت أدراج الرياح.آلاف الشباب الذين نزلوا عشرات المرات إلى الشوارع من أجل مستقبل أفضل، يطمحون إلى المشاركة لا المقاطعة.نهاية غير منصفة لأفكار طموحة تبناها الملك مع أول ثورة من ثورات الربيع العربي. يومها قال إنه لن يسمح للقوى المحافظة أن تعطل مشروعه الإصلاحي كما فعلت من قبل. بلور خطة واضحة للإصلاح، وجداول زمنية للتنفيذ، وخاض سجالات طويلة مع حكوماته ليضمن التزامها بالتنفيذ. وعندما كان يشعر بأن هناك مماطلة وتسويفا، لم يكن يتردد في إجراء تغيير حكومي أكثر من مرة، رغم ضجر أغلبية الأردنيين من التغيير المستمر في الحكومات.قاد الملك بنفسه عملية ترويض النواب لتمرير تعديلات الدستور، وإقرار تشريعات ستعجل برحيلهم. اجتمع بهم أكثر من مرة؛ جامل وتعامل بصبر مع مراوغاتهم، وفي أحيان هدد بالخطة "ب".التقى عشرات الشخصيات السياسية والحزبية، استمع لآرائها ومقترحاتها بشأن عملية الإصلاح، وزار المواطنين في مواقعهم، وتلقى دعما مطلقا لبرنامجه الإصلاحي.هل يعقل أن تتم التضحية بهذه الجهود من أجل الصوت الواحد؟!القوى التي راهنت على مشروع الملك الإصلاحي وساندته متنوعة؛ منها الليبراليون واليساريون والإسلاميون والمستقلون. هل من الإنصاف أن تحرم هذه القوى من المشاركة في الانتخابات وإحداث التغيير، لصالح أقلية لا تؤمن بالإصلاح أصلا؟!كنا نفخر بالنموذج الأردني للإصلاح السلمي، ونستعد لتصديره إلى دول عربية تأمل شعوبها بالتغيير من غير إراقة دماء. ما الذي يمكن أن ننصح به الأشقاء اليوم غير وصفة الصوت الواحد اللئيمة، والتي تكفل إبعاد الناس عن الانتخابات، وإقصاء التيارات السياسية عن البرلمان؟!أدرك أن الخيارات المتاحة لتصويب الخلل محدودة ومحرجة أيضا؛ فبعد إقرار مجلس الأمة لقانون الانتخاب المعدل، يعتقد بعض الساسة أن من الصعوبة بمكان إعادة القانون إلى النواب مرة أخرى. ليست لدي اقتراحات محددة للخروج من المأزق، فقد أهدرنا فرصا ومخارج عديدة في الأشهر الماضية، لكني على ثقة أن الملك لن يقبل هذه النهاية لمشروعه الإصلاحي، وسيجد المخرج المناسب