شراء الأصوات بالمال كان دائماً جريمة يعاقب عليها القانون، ولكن شراء الأصوات كان يتم دائماً، ويصعب إثباته شأن أي تواطؤ بين طرفين.
يبدو أن الحكومة جادة في منع شراء الأصوات في هذه الانتخابات، ولكن النص المشدد في القانون لا يحقق هذا الغرض، كما أن وزير الداخلية يتحدى مطلقي الإشاعات أن يقدموا الأدلة.
الأسلوب العملي لتحقيق هذا الهدف هو العمل تحت ستار، فهناك قدرة على تكليف عملاء بطلب الرشوة من مرشحين أو عرض الرشوة على ناخبين وخاصة زعماء وقادة احياء يدّعون أن أصوات العشيرة في جيوبهم.
بهذه الطريقة ينكشف المرشح المستعد لتقديم المال ثمناً للأصوات، وينكشف الناخب الجاهز لبيع صوته.
سيقال أن الحكومة في هذه الحالة تكون قد نصبت ِشركاً أدى إلى إيقاع مرشحين وناخبين أبرياء في الفخ، وهذا صحيح، ولكن الذين سقطوا في الفخ ليسوا أبرياء وليست لديهم حجة يدافعون بها عن أنفسهم الأمارة بالسوء.
هذا الأسلوب معمول به في الدول الديمقراطية، حيث يقوم رجال أمن تحت ستار يدّعون أنهم يمثلون دولا خليجية بجس نبض نواب وشيوخ لبيع ذممهم مقابل تبني قضايا معينة، فيما عرف بفضيحة عرب جيت، وكانت النتيجة إسقاط عضويتهم وتحويلهم إلى المحاكم.
عندما اشتبه مكتب التحقيقات الفدرالي بأميركا في سلوك أحد الشبان العرب نتيجة اعتراض رسائله بالانترنت التي تشتم منها رائحة الإرهاب أرسلوا له مندوبين تظاهروا بأنهم يمثلون القاعدة، وأعطوه قنابل وهمية ليزرعها في إحدى ناطحات السحاب، فاستجاب للطلب ووقع في الفخ، أي أنهم لم ينتظروا حتى تأتيه المتفجرات من مصدر إرهابي حقيقـي.
هذا الأسلوب في كشف الجرائم قبل حدوثها معمول به، ويمكن استعماله لمحاربة الفساد وكشف الفاسدين. وإذا كان جلالة الملك يتخفى في هيئة مواطن عادي ليكشـف سوء معاملة المواطنين في بعض المستشفيات والدوائر الرسمية، فإن الأولى أن يتخفى رجال الأمن والضابطة العدلية لكشف مواطن الفساد والرشوة سواء تعلقت بالانتخابات أو بغيرها.
الإعلان عن نتائج هذا الأسلوب يحمي ذوي المناعة المحدودة ضد الفساد، لأنهم لا يعرفون ما إذا كان من يعرض عليهم الرشوة مقابل خدمة هو صاحب حاجة أم ممثلاً للسلطة؟!.