التاريخ : 2014-09-15
الدولة كلها تدفع الثمن
الراي نيوز-سميح المعايطة
الجلسه المشتركة لمجلس الأمة قبل أيام التي أعادت للنواب والأعيان حق الحصول على تقاعد كانت الحلقة الأخيرة حتى الآن في هذه الحكاية، ومن الطبيعي أن تثير كل هذا الغضب الشعبي الكبير لأن المجلس هو ممثل الناس، والمجلس هو الرقيب على أداء الحكومات والمعني بالضبط وتقديم النموذج، ولعلنا هنا نسجل الملاحظات التالية :-
1- أن هذه القضية كانت من القضايا التي أضعفت مكانة مجلس النواب في مراحل سابقة، وكانت ومعها قضايا أخرى جزءاً من عوامل رسم صورة سلبية لمجالس النواب، والأهم أضعاف مكانة هذه المؤسسة لدى الأردنيين، وهنا ﻻ نتحدث عن الأشخاص بل عن المؤسسة.
2- ونتذكر ان الصورة الضعيفة لمجلس النواب صنعت حالة من اللامباﻻة لدى الناس تجاه فكرة اﻻنتخابات، ومع كل موسم انتخابات تحتاج الدولة إلى بذل جهود جبارة لإقناع الأردنيين بالذهاب إلى صندوق اﻻقتراع.
والمشكلة الكبرى أن الناس تعتبر الأمر نوعاً من الفساد، وتراه فعلاً مناقضاً لكل ما يقال عن الوضع اﻻقتصادي الصعب، وفي المحصلة يكون الأثر على المؤسسات المفصلية للدولة من حيث مصداقيتها وتأثيرها.
الأشخاص يغادرون لكن الأثر الأكبر يبقى على المؤسسات وقوتها وخطابها وعلى المسار اﻻصلاحي للدولة، فالناس لن تتعامل مع أي فكر اصلاحي ما دامت تقيم الأداء باعتباره باتجاه مخالف.
3- ونتذكر أن الصورة الضعيفة لمجلس النواب كانت من أسباب حل المجلس نهاية عام 2009، وكان موضوع التقاعد جزءاً من كتاب التكليف الملكي لحكومة سمير الرفاعي، وكان القانون المؤقت عام 2010 تنفيذاً لهذا التوجه وخطوة لقيت إستحساناً شعبياً، وكانت الرؤية أنها تساعد على إستعادة مكانة مؤسسة المجلس والعملية اﻻنتخابية، فالقضية لم تكن راتباً لشخص بل حرص على صورة المجلس وقناعة الأردنيين بدوره وأدائه.
4- وحين نستمع إلى أهل الدستور فهناك رأي دستوري هام يتعلق بوصف ما يتقاضاه عضو مجلس الأمة وأعتباره مخصصات أي ليس راتباً مثل أي وظيفة حكومية، لأن النائب أو العين ليس متفرغاً فمن حقه أن يمارس عمله طبيباً أو مهندساً أو رجل أعمال أو أي مهنة غير حكومية بينما هذا ﻻ يجوز لأي موظف بما فيه الوزير.
ومن جهة أخرى فإن عضو مجلس الأمة كان وما يزال يجمع بين راتبه التقاعدي ومخصصاته من عضوية المجلس، فكيف يتم الجمع بين الراتب وتقاعده.
أحد خبراء الدستور يقول أن قانون التقاعد لو عرض على المحكمة الدستورية لردته باعتباره متعارضاً مع أحكام الدستور.
5- وبغض النظر عن أي إعتبارات تخص الأشخاص فإن البعد السياسي والشعبي وتوقيت إقرار القانون يضعف موقف الدولة في ملفات عديدة، كما يضعف موقف المجلس ولعل أول الآثار وربما أقلها ما نراه من مقارنة مع مطالب المعلمين، وما سنراه من أي حديث نيابي عن المديونية والوضع اﻻقتصادي وأي ملف مرتبط بهذا.
كما أن هذا الأمر سيجعل المجلس يحمل ذات الصورة التي حملتها مجالس سابقة، وكلنا سنكون عاجزين عن إيجاد مسار يقنع الناس بفكرة اﻻنتخابات ودور مجالس النواب وحتى جهود اﻻصلاح، فجوهر اﻻصلاح هو مجلس الأمة فهو ممثل الناس وهو الذي يمثل المنطلق والمعيار للمشاركة الشعبية والحكومات البرلمانية وغيرها من الأفكار الكبيرة التي سيدير الناس ظهورهم عنها غضباً من أي ممارسة تشريعية من هذا النوع سواء صدرت من مجلس أمة أو أي حكومة.
مرةً أخرى القضية ليست راتباً لأشخاص بل حكاية سياسية كبيرة، وجزء من إدارة العلاقة بين الدولة والأردنيين. - See more at: http://www.rumonline.net/index.php?page=article&id=177573#sthash.UJMREZzk.dpuf