التاريخ : 2014-09-21
كي لايتدخل الملك مرة أخرى
الراي نيوز:بقلم فهد الخيطان
قوبل قرار الملك برد قانون التقاعد المدني للمرة الثانية بارتياح واسع ما يزال صداه يتردد في الأوساط الشعبية حتى الآن. وأطلق القرار الملكي موجة انتقادات غير مسبوقة بحق النواب والأعيان الذين صوتوا لصالح القانون. لكن ثمة خسائر كبيرة تترتب على هذه الحملة الشعواء ضد المؤسسة التشريعية كنا في غنى عنها.
والسؤال، هل كان بالإمكان تجنب الأزمة قبل أن تبلغ مرحلة يضطر معها الملك لاستخدام صلاحيات في مواجهة قرار للسلطة التشريعية؟
أعتقد أن ذلك كان ممكنا. الحكومة كانت تعلم بموعد الجلسة المشتركة للأعيان والنواب، والديوان الملكي يعلم، وأجهزة الدولة الآخرى تعلم، رؤساء هذه السلطات والإدارات الرسمية يجتمعون بشكل دوري، ويتداولون بأمور كثيرة أقل شأنا في بعض الأحيان من موضوع التقاعد المدني.
خطوط الاتصال بين الحكومة ومجلس الأمة مفتوحة، وطالما أخذ النواب بوجهة نظر الحكومة فيما يخص الأولويات التشريعية، وتوقيت المناقشات تحت القبة، بل أكثر من ذلك،التصويت لصالحها.
يعرف القاصي والداني أن لدى الدولة أغلبية نيابية تستطيع تفعيلها متى شاءت، وقد ظهر ذلك جليا في مناسبات عديدة، كان آخرها التصويت بأغلبية ساحقة لصالح التعديلات الدستورية.
لماذا اختفى نفوذ الدولة وعلى نحو مفاجئ في مجلس الأمة عند مناقشة قانون التقاعد المدني؟
لم نسمع من الحكومة ولا من زعماء مجلس النواب عما حصل في الأيام القليلة التي سبقت الجلسة المشتركة، هل جلسوا معا وناقشوا الموضوع؟ هل اقترح طرف تأجيل الجلسة المشتركة لمزيد من المشاورات؟ كانت هناك اجتماعات عديدة من قبل آخرها اجتماع لأقطاب المجلس مع رئيس الوزراء وعدد من الوزراء، تمخض عن تفاهم حول الصيغ المطروحة لتقاعد النواب. هل كان الديوان الملكي بصورة هذه التفاهمات، وهل أطلع عليها صاحب القرار؟
تقفز كل هذه الأسئلة للسطح، لسبب وجيه؛ فقد بدا لجميع الأطراف وكأنهم فوجئوا بانعقاد الجلسة، وبالصيغة التي تم اعتمادها في قانون التقاعد. وذلك يعني أمرين لا ثالث لهما؛ إما أن تكون خطوط الاتصال بين حلقات القرار في الدولة مشوشة حتى لا نقول مقطوعة، أو أن طرفا أراد لمجلس النواب أن يقع في الشرك، ليتحول إلى شيطان في نظر الشارع الأردني.
من لديه احتمال آخر يفسر ماجرى فليدلنا عليه.
لقد هوت شعبية النواب إلى أدنى مستوى لها، ولو أجري استطلاع رأي اليوم، لسجلت النتائج رقما قياسيا لم يسبق لمجلس نيابي أن بلغه. ما مصلحة الدولة في ذلك؟!
لقد تنبه الملك في وقت مبكر لهذا الوضع الخطير، وبعث بإشارة خلال لقائه شخصيات سياسية ودينية قبل أيام تدل على رغبته القوية بوقف الهجمة الشعبية والإعلامية على مجلس النواب.
لكنْ ثمة مسألتان تستحقان المعالجة الفورية؛ الأولى، الكيفية التي يمكن من خلالها إعادة بناء الثقة بمجلس النواب، بالقدر الذي يمكنه من الصمود لسنتين مقبلتين. والثانية مراجعة آليات التنسيق المشترك بين مؤسسات الدولة، وسد الثغرات، كي لا يكون خيار التدخل الملكي هو الخيار الوحيد المتاح.