التاريخ : 2014-10-06
اولاد الحرام
الراي نيوز- سهير جرادات
جاء وقت الحصاد ، وقرر الأب كما هو الحال في كل موسم أن ' يُعزب ' ، أي أن ينصب بيت شعر في الحقل، الذي تعود ملكيته له ، ليقوم بجمع الحصاد نهارا بمساعدة الزوجة والأبناء الذكور الثلاثة ، وحراسة ما جمعه من المحصول ليلا،حرصاعلى ملازمة الحقل والمبيت هناك بمصاحبة أحد أبنائه ، ليشد من أزره، وليشكلا قوة في مواجهة أي خطر قد يداهمهما ، وللتسامر سوية، حتى لا تغفل عين أحدهما عن حراسة محصول الموسم.
وما إن أبلغت الأم الأبناء بقرار والدهم بأن يتناوب الأخوة الثلاثة حراسة المحصول مع أبيهم ، بحيث يكون اثنان في حراسة المحصول بالحقل، واثنان في المنزل حماية للأم والأخوات ، حتى قرروا عقد جلسة تشاورية للتباحث بشأن والدهم،الذي يحرص على الأموال التي يجنيها من محصول الحقل ، وكان يبخل في الإنفاق على الزوجة والأبناء الذين كانوا يعملون معه في الحقل،الذي يعد موردهم الوحيد.
وخلال الجلسة التي عقدها الأبناء ، سمعت الأم نيتهم على قتل والدهم ، وبيع المحصول والإستيلاء على ما يجنى من موارد وانفاقه على أنفسهم ، جزعت الأم لهول ما سمعت ، وقررت بعد تفكير أن تخبر الزوج عن نية الأبناء على ارتكاب جريمتهم .
وعندما أخبرت زوجها بنية أبنائه قتله والحصول على الأموال وتوزيعها فيما بينهم ، طلبت منه أن يحتاط وأن يبقى السلاح تحت وسادته ، إلا أن الزوج قاطعها متسائلا : اليوم الدور على من ؟ فقالت له : الإبن البكر .. عندها قال لها : أريد أن أسألك سؤالا واحدا فقط ، هل هو ابن حلال ؟ أجابت الأم فورا : طبعا يا رجل .. حينها رد قائلا: اذهبي إلى المنزل ولا تقلقي ، وأنا بانتظارك غدا صباحا ومعك الإفطار .
في صباح اليوم التالي حضرت الأم وهي ترتعد خوفا ، لتسمع صوت زوجها مستفسرا عن سبب حضورها المبكر ، وما إن انتهى النهار ، سأل الزوج زوجته : على مين الدور اليوم ؟ ، أجابت الأم : 'الوسطاني' ، عندها قاطعها الزوج : هل هو إبن حلال ؟ ، أجابت بنبرة غاضبة : أكيد يا رجل .
وفي صباح اليوم التالي حضر الأبناء إلى الحقل ليتأكدوا من أن شقيقهم نفذ المهمة ، إلا أنهم امتعضوا من عدم قدرة الأخ الأوسط من قتل والدهم كما حصل في الليلة التي سبقتها مع الأخ الأكبر ، وبعد سجال من العتاب بين الأخوة على عدم تنفيذ ما خططوا له ، أجهش الأكبر والأوسط بالبكاء وهما يعترفان للأصغر أن يدهم لم تطاوعهما على قتل والدهما ، فوقف الأصغر متعهدا بأخذ هذه المهمة عنهما في هذه الليلة.
هرعت الزوجة للحقل للإطمئنان على زوجها ، لتتأكد بأنه بخير ، وبعد أن حمدت الأم ربها ، سألها زوجها : عن الدور لمن سيكون الليلة ؟، أجابته : الصغير ، وعندما بادرها الزوج بالسؤال المعهود : هل هو إبن حلال ؟ ، تأتأت الزوجة عند اجابتها ، ليقول لها الزوج : اتركي 'الفرد' الذي تخبئينه في جيب ثوبك عندي، قبل أن تذهبي إلى المنزل في هذا المساء ، لأن هذا هو الذي من نخاف منه!! .
نعم ، أبناء الحلال نأمن جانبهم ولا نخاف منهم ، ومن يخشى منهم،هم أولاد الحرام.
ربي بارك لوطني بأبنائه، أبناء الحلال ، وهب له الأبناء المخلصين ، وبارك بقلوبهم المحبة لوطنهم ، الذي يحرصون عليه لأنهم جزء لا يتجزأ منه ، يحبونه بصدق ولا 'يبوقون ' به وبمصالحه ،لأن أبناء الحلال لا يخونون وطنهم .
ربي ابعد عن وطني أبناء الحرام الذين ينهبون خيراته ومقدارته ، وابعد قلوبهم المليئة بالحقد والكراهيه عنه ، وخيب آمالهم وسعيهم إلى دماره، وجمع قلوبهم على حبه .
ربي احفظ هذا البلد آمنا ، واحفظه لأبنائه الأوفياء.
Jaradat63@yahoo.com