التاريخ : 2014-12-08
عشيرة وجيش وحياء
الراي نيوز - سميح المعايطة
قصة حقيقية سأتجاوز فيها الاسماء على فضل اصحابها وكلهم من رجالات الجيش العربي الكرام لان جوهر الحكاية يتحدث عن نفسه ويقدم النموذج.
وتقول الحكاية التي سمعتها وآخرون من ضابط اردني كبير ومحترف ان احد قطاعات القوات المسلحة التي كانت متجهة الى دولة عربية شقيقة لمساندة جيشها في مواجهة قوات الاحتلال الصهيوني افتقدت احد جنودها وكان ضابط صف بمهنة سائق ، وكان قائد تلك المجموعة العسكرية من ابناء العشائر الكريمة وممن يعرفون الناس وقيمهم واخلاقهم وعاداتهم ، ويدرك قيم الحياء الايجابي لدى ابناء الاصول ، فعندما علم ان هذا الجندي غير موجود سأل الجنود: من أي بلد وعشيرة هو ، فأخبروه ، وعندما سمع اسم عشيرته وقريته قال بكل ثقة هذا الجندي سيعود ، وقبل ان تتحرك المجموعة العسكرية نحو البلد الشقيق لمشاركته الحرب ضد المحتل الصهيوني كان هذا الجندي يدخل المعسكر مسرعا وعلى وجهه كل الخجل والحياء ، وتقول الحكاية ان هذا الجندي بقي خلال المعارك يحاول التكفير عن تأخره وقاتل قتال الابطال حتى نال الشهادة رحمه الله.
انها القيم التي تجعل هذا الجندي يخجل من نفسه ان يتخلف عن واجب ، ويستحي على اسمه واسم عشيرته وما سيلحق بأبنائه وبناته لو لحق به عار التخلف عن افعال الرجال وواجبات وطنيته واخلاق الجندية ، ولو بقي في قريته جالسا بين اقاربه ورفاق السلاح يقاتلون ويستشهدون لبقي مسكونا بالخجل والعار طوال حياته ، ولالحق باسم عشيرته ايضا سمعة لا تليق بهم ، لان قصة تخلفه سترتبط بعشيرته أكثر من اسمه الذي قد ينساه الناس ، لكنه داخل قريته سيضيف الى اسمه واسماء اقاربه وذريته صفة التخلف عن الواجب او عار هذا الفعل.
انها القيم الكريمة التي تضاف الى الخلق والدين في الترفع عن الصغائر والرذائل ، والخجل والحياء الذي يعني الرجولة ، ويعزز الانتماء الفطري للبلد واهله فتمنع احدنا من الردة على نفسه ليتحول الى حارق للاطارات على ابواب قريته اذا ما تقاعد من وظيفته ، او يستعمل ما لديه من معلومات ليقدم نفسه رمزا للشرف ومكافحة الفساد ويتصل بفضائيات ووسائل اعلام بعد ان يخرج من وظيفته ـ ولو بقي في مركزه لما تحدث عن فساد ولما سمع منه الناس نعيا للبلد وانها على وشك الانهيار والضياع.
قد لا يعجبنا اداء حكومة ، او قرار مسؤول ومن الطبيعي ان نؤدي واجب النصح والنقد ، لكنني اتحدث عمن ينقلبون على وطن هم كانوا قبل ايام حملة اوسمته والقابه وينعمون بخيراته.
القيم التي تنظم علاقاتنا داخل عشائرنا وعائلتنا جزء من ضوابط علاقاتنا مع اوطاننا ، وعندما تضيع الناس من اطرها الاجتماعية ، وتصبح هويتنا رقم هاتف او اسم شارع او اسما وهميا على شبكات التواصل فاننا نفقد جزءا من ضوابط سلوكنا ومواقفنا.
الحكاية والقيم التي رافقت الحكاية مثال ، لكن كل القيم الاخرى نحتاجها ، واحيانا نفتقدها من احترام للكبير والتكافل ، وغياب الانتهازية والنفعيه التي ساهمت اداراتنا الرديئة لمواسم السياسة وغيرها تعزيزها من رشاوى الانتخابات التي تسمى ظلما المال السياسي وغيرها من قيمنا الكريمة.