التاريخ : 2015-01-29
حداد تكتب :أوعا السكس ...!!!
الراي نيوز: بقلم جمانة حداد
محسوبكم "أبو مقصّ". المستوى العلمي: ماشي الحال. معدل الذكاء: والدتي تقول إنه استثنائي، فيما زوجتي تقسم أنه تعتير. المهنة: رقيب (مش بالجيش، لأ).
شو يعني "رقيب"؟ يعني حارس أخلاقكم، صائن مقدساتكم، وحامي سلمكم الأهلي.
كيف؟ أشاهد كل ما يمكن أن تشاهدوه قبل أن تشاهدوه وأقرر إذا كان مسموحا لكم بأن تشاهدوه. "تكرموا". "واجباتي". "تعوا كل يوم".
أنا الآمر الناهي. لا يُعرَض فيلم أو مسرحية في البلاد من دون أن يمرا على ضميري الساهر. لا تتخيلوا المصائب التي جنّبتكم إياها. سيل شتائم هنا، كلمة معادٍ للسامية هناك، ثم كمية هائلة من المشاهد الإباحية.
سكس؟ أوعا! يا عيب الشوم ع الاجانب. لا يكتفون من العري والخلاعة. لولا مقصّي، العوض بسلامتكم: كان لبنان ليصير ماخوراً. ماذا؟! تقولون إنه ماخور بلا جميلتي؟ غير صحيح. نحن شعب مهذب، طاهر، منزّه من كل هذه الغرائز. نستخدم أعضاءنا الجنسية لحاجاتنا فحسب، وللإنجاب طبعا. لا أحد منا يهمّه الجنس وبالكاد نفهم فيه أصلاً. خصوصا زوجتي، التي تطلب مني أن أُريها المشاهد الممنوعة فقط لتلعن هؤلاء المنحلّين. مرتي الحبيبة العفيفة، طالعة "سكارسا" ع السما.
سياسة؟ أوعا! مرة كدت اختنق بسندويش الطاووق بينما كنت أقرأ أحد النصوص المسرحية: لولا حرصي، كان لبنان خرب. ماذا؟! تقولون إنه خربان بلا جميلتي؟ غير صحيح. لبنان قطعة سما. كلّو تمام، ومن حسن الى أحسن. كل هذا الحكي مؤامرات. مين قدّنا؟
دين؟ أوعا ثم أوعا! أصلاً، تساعدني في أداء مهمتي مجموعة من الخوارنة والشيوخ الأفاضل. كتِّر خيرهم. أحيانا تفوتني أمور، لكن شكاواهم سرعان ما تنبّهني. لولاي ولولاهم، لكان لبنان أرض كفر وانقسامات طائفية. ماذا؟! تقولون إنه كافر ومقسوم بلا جميلتنا؟ باطل ثم باطل. عندنا المسيحي أخو المسلم، والشيعي حبيب قلب السنّي، والكنائس والجوامع تتحاذى بمحبة يحسدنا عليها الجميع. أصلاً، اللبناني في طبعه تقي، مسالم، يكره الكره والتمييز.
ولكن ما النفع؟ كل هذا الجهد، كل هذه التضحية، ولا كلمة يعطيك العافية. الجميع يكرهونني. أو بالأحرى يحتقرونني: الكتّاب، الفنانون، الممثلون، المخرجون، الموزعون و المشاهدون...
حياتي صعبة لكني لن أيأس، لن أرضخ للضغوط، لن أصغي الى المنطق. سأدأب على حمايتكم من كل الاغراءات والدسائس أيها القاصرون العزّل، لأني أفهم منكم وأنضج وأذكى. لن يقنعني أحد بتغيير موقفي (إلا زوجتي، فكلمتها عندي لا تصير اثنتين).
الآن، من بعد إذنكم، هناك مشهد حامٍ يتطلب كل هيجاني... عفواً أقصد تركيزي.
كاتبة وشاعرة لبنانية
Twitter: @joumana333