قد يكون الإعلان الأميركي عن فشل مسعى واشنطن في تجميد الاستيطان، هو أفضل ما يمكن للدور الأميركي أن يفعله في هذه المرحلة. فلم يكن من المفهوم سبب تجميد المسعى الأميركي طيلة عشرة أشهر من تجميد الاستيطان. ولم يكن من المفهوم سبب عدم اقدام السلطة الوطنية على التفاوض المباشر؛ طيلة هذه الفترة!!. ولماذا تركز الإلحاح الفلسطيني والأميركي والعربي على تمديد التجميد ولو ثلاثة أشهر.. في حين بقيت كل المسرحية التفاوضية تدور بين الأميركيين والفلسطينيين على فرضية أن نتنياهو سيقبل النتائج كما هي.

فراغات مفزعة في مسيرة تفاوضية ماراثونية استمرت من بداية أوسلو إلى تعيين ميتشل.. وإخفاقه.

فعام 2000 أعلن شارون إنتهاء اتفاقات أوسلو لكن أحداً لم يتنبه إلى أن لإسرائيل سياستها خارج أوسلو. وحين قرر شارون تدمير كل ما أسسته السلطة وحاصرها لثلاث سنوات.. لم يفعل العرب سوى تقديم مبادرتهم في بيروت، لكن أحداً في واشنطن أو في تل أبيب لم يتعب نفسه بقراءتها. وجرفت حرب العراق كل شيء في طريقها. وغاب شارون، وتصوّر الناس في التفاوض أو في مقاعد المتفرجين أن مفاوضات أبو مازن – أولمرت قد تؤدي إلى شيء، وهي أجواء بيتية جرت في منزل رئيس الوزراء بالقدس، لكن الخطر جاء من حكومة الديمقراطية، وما تبعها من انقلاب حماس في غزة، ومذبحة الرصاص المصهور.. وذهاب أولمرت مجللاً بعار الفساد... ووصول نتنياهو إلى السلطة!!.

.. هناك فراغات لم نستطع فهمها.. ولعلنا الآن ونحن نسمع أن السيد صائب عريقات ذهب إلى واشنطن ليبلغ وزيرة الخارجية أن لا مفاوضات قبل تجميد الاستيطان، أن الكلام «غير راكب»، فكل يوم يقول أبو مازن مثله في القاهرة وفي عمان وفي تركيا واليونان.. وربما إذا اجتمع وزراء الخارجية العرب يوم الخميس القادم سيسمع الوزراء ذات الجملة المحيرة، فهل مقنع أن يسافر د. عريقات كل أسبوع إلى واشنطن ليقول: لا مفاوضات قبل وقف الاستيطان؟!.

أغلب الظن أن ملاحظة د. نبيل شعث: أننا نتعامل مع كذبة كبرى. صحيح إلى حد بعيد. والكذبة الكبرى لا تتوقف عند مفاوضات السلطة. وإنما تتعدى ذلك إلى اشياء اخرى!.