التاريخ : 2015-03-09
لن ينفع الهروب إلى تركيا ...
الراي نيوز
د.عصام الغزاوي
' آمل أن يصل الدين إلى أهل السياسة، لا يصل أن أهل الدين إلى السياسة ' الشيخ الشعراوي ..
كنت أمر يومياً وأثناء ذهابي إلى المدرسة من أمام مقر جماعة الإخوان المسلمين في شارع السلط وكنت دائماً أُحدق باللوحة الخضراء المثبتة على المدخل، كان يدفعني إلى ذلك إن صديق الطفولة وأخي نايف خليفة كان إبن أخ المراقب العام للجماعة المرحوم محمد عبدالرحمن خليفة،
ورغم إن هذه الجماعة كما علمت في سنوات لاحقة هي فرع وتتبع لتنظيم الإخوان المسلمين العالمي ومقره الرئيسي في مصر، إلا إنها كانت جزء من نسيج المجتمع الأردني وتنبض بالدم الأردني وتدين بالولاء للأردن وكانت دائماً رديفاً للنظام الأردني،
كان ذلك أيام العمالقة عبد اللطيف أبوقورة ومحمد عبدالرحمن خليفة وعبداللطيف عربيّات ويبدو إن الجيل الرابع من قيادات هذه الجماعة كانت من الضعف بحيث سيطر عليها التنظيم الأصل وإرتمت بأحضان الجماعة الأم وإنقلبت أهدافها وبدأت تقوم بحركات تحمل في مضمونها الغلو في الشعارات وإنتقاد النظام وإبتزازه لتحقيق مكاسب سياسية وخاصة في سنوات الربيع العربي،
عندما أنشأ المرحوم حسن البنّا الجماعة كانت فكرته تقوم بجوهرها على مضمون «إحياء الأمة» من أجل أن تنخرط بمجموعها بمشروع نهضوي كبير يستمد فلسفته من الإسلام العظيم، ولم يهدف مطلقاً ولم يخطر في باله أن ينشىء حزباً ينافس بقية الأحزاب على السلطة، ولم يكن يهدف إلى إيجاد طائفة ترى نفسها أنها فوق المجتمع من خلال احتكارها لهذا الدين،
لقد إعتقد القائمون على أمر الجماعة أن الله لم يهدي سواهم، وأصموا آذانهم عن الحوار، وواصلوا اللامبالاة والاستخفاف بكل النداءات من أجل الإصلاح، وتسلحوا بسلاح الأغلبية المتأتية من الديمقراطية المزعومة التي بدأت تظهر في الخطاب، رغم إن بعضهم حتى هذه اللحظة يرى الديمقراطية كفراً بواحاً، لا بل وصل الأمر إلى إقصاء قيادات كانت تعترض على خروج الجماعة عن نهجها الذي تأسست عليه، وبدل من لَم الشمل ورأب الصدع تم فصل القيادات الإخوانية التي كانت تتطالب بالإصلاح،
وكان رد القيادات المفصولة التقدم بطلب ترخيص قانوني لجماعة الإخوان المسلمين وهكذا أصبح في الساحة الأردنية الآن جماعتان تحملان نفس الإسم إحداهما مرخصة والثانية مخالفة، ليبدأ الآن الصراع بين الجماعتين ولا أعرف كيف ستكون النهايات المؤلمة .
إن من أكثر ما يضر الفكر هو أن يصبح غطاء للمصالح ووسيلة للوصول إلى المكاسب، وأستطيع القول بأن ملخص الصراع هو على المناصب، وكحيادي أرى الحل بإقالة كلا القيادتين وعزلهما عن العمل السياسي و انتخاب قيادة وسطية امثال د. اسحق الفرحان .. د.عبداللطيف عربيات.. الشيخ سالم الفلاحات لتصوب المسيرة ولتقود المرحلة المقبلة .
أتمنى أن يشعر المنتسبون لهذه الجماعة ومنهم أصدقاء كُثر أحترمهم بالإستقرار وأن تكون هذه المفارقة بتاريخهم نقطة تحول ليكونوا بخندق الوطن والمواطن وباعتبارات وأجندات اردنية خالصة...
ولن ينفع الهروب إلى القيادات الإخوانية في تركيا طلباً للحل بشئ ..