التاريخ : 2010-12-25
ويكيليكس والدبلوماسية الأميركية
الرأي- هناك من يرى أن تسريبات ويكيليكس تشكل فضيحة لأميركا، وتدل على أن دبلوماسييها حول العالم جواسيس يجمعون المعلومات ويكتبون التقارير. لكن هذه هي مهمة الدبلوماسيين في كل زمان ومكان، فمن واجبهم أن يرسلوا تقارير لوزارة الخارجية عن كل ما يرونه ويسمعونه مما يهم بلادهم ومصالحها وسياساتها.
بهذا المعنى فإن تسريبات ويكيليكس شكلت خدمة للدبلوماسيين الأميركيين، ودلت على أنهم يقومون بواجباتهم الدبلوماسية خير قيام. ولو أن وزيرة الخارجية الأميركيـة لم تقرأ معظم هذه الرسـائل، وليس لديها وقت كاف لذلك، فالرسائل تذهب لموظفين من الدرجة الثانية يتخصص كل منهم ببلد معين، ويتابع شؤونه، ويعتبر مرجعاً جاهزاً للإجابة على استفسارات الوزيرة.
أما المعلومات الواردة في الرسائل، والتي كشف ويكيليكس عنها، فلا جديد فيها، وقد تناولتها الصحف في حينه، ويعرفها الرأي العام، بل إن الرأي العام العربي بالذات يعرف أن الأمور قد تكون أسوأ حتى مما جاء في رسائل الدبلوماسيين الأميركيين إلى رؤسائهم في واشنطن.
من ناحية أخرى فإن الرسائل المنشورة التي سماها البعض وثائق، تدل على أن جميع المسؤولين حول العالم يتطلعون إلى أميركا لتحل مشاكلهم وتزيل المخاطر التي تهددهم، فالفلسطينيون يريدون من أميركا أن ترفع الاحتلال الإسرائيلي وتقيم الدولة الفلسطينية، والعرب يريدون من أميركا أن تضع حداً للخطر النووي الإيراني، والمصريون يريدون من أميركا أن تضغط من أجل الديمقراطية في بلادهم وما ينطبق على العرب ينطبق على غيرهم بدرجات متفاوتة.
تجاه هذه المنافع التي حققها موقع ويكيليكس للدبلوماسية الأميركية هناك ضرر وحيد هو أن الدبلوماسيين الأميركيين سيواجهون بعد الآن صعوبة في لقاءاتهم مع الشخصيات العامة، لان من الطبيعي أن يتحفظ هؤلاء طالما أن ما يقولونه في السر سوف يظهر في العلن.
250 ألف رسالة نشرها الموقع وأثارت ضجة كبيرة حول العالم، فشعر البعض بالحرج، واحمرت بعض الوجوه، ولكن الحقيقة أنها لم تقدم مفاجأة واحدة، ولم تكشف النقاب عن حقيقة لا نعرفها أو نتوقعها أو كنا نستبعد حدوثها.
مهمات الدبلوماسي لا تنتهي بتسليم أوراق اعتماده والعمل كمضيف للزائرين، فعلى كاهله تقع مسؤوليه الترويج لمصالح ومواقف بلده، وتنوير المسؤولين عنه بما يحدث في العالم.