التاريخ : 2015-09-21
الزرقاء : نواب غائبون ومديونية كبيرة وواقع مُر
الراي نيوز
بقلم : محمود ابو هلال
- لن أعود كثيراً في التاريخ لأبين كيف كانت الزرقاء أجمل مدن الأردن، لا بل أجمل مدن الشرق، لن استذكر شيبب والأسود والينابيع والنهر العظيم. فقط سأعود أربعين عاما !!! ..حين كانت النضارة تضج في وجناتها والصَّباح يصل إليها باكراً متعرقا بنداه وحين كانت أشجارها بجذوعها الضخمة تتعالى سامقة مختالة قبل أن تمتد إليها فأس، أو تتسرب إليها مخلفات المصانع .. وحين كان الأطفال يقطعون مسافات بغية الإمساك بقوس قزح وحين كانت الزرقاء مقصدا لمن يعشق الطبيعة وجمالها؟ وحين كان أعيان الأردن ومسؤوليها يأتون للمتنزهات المقامة على ضفاف النهر قبل أن يتحول لمجرى لمجاري عمان! كيف سرقت مدينتنا؟! أو كيف تم الاعتداء عليها لتحويلها إلى هذا الشكل القاتم؟! مجلس بلدي ومديونية كبيرة وواقع مُر تعيش مدينة الزرقاء منذ سنوات أوضاعا قاسية رمتها في ظرف وجيز إلى الترهل نتيجة سوء إدارة مجالس البلديات السابقة الذين أنتجوا ترهلا وعاشوه وحملوها بأثقال وأوزار لسياسات خاطئة، أثرت بشكل واضح على المحيط المعيشي في المدينة .
أخطاء بعضها فوق بعض في بحر لجي أدت إلى تراكمات مركبة وسنوات من جمود التنمية أنتج تخلفا كبيرا في كل المجالات وألقى بظلاله الثقيلة على يوميات المواطنين الحالمين بنظافة الشارع والطريق المعبد كونهم فقدوا أغلب المرافق الضرورية التي لا تتحقق الحياة الكريمة للسكان إلا بوجودها.
من تلك الأخطاء تضخم الجهاز الوظيفي في البلدية بحيث أصبحت تضم جيشا من الموظفين يجهوزن على 84% من موازنتها كرواتب، وزيادة مديونيتها وأيضا بفعل المجالس البلدية المتعاقبة لتصبح عائقا يحول دون قيامها بالعمل الخدمي الواجب تقديمه للمواطنين في المناطق التابعة لها والذي انعكس سلباً على جملة الخدمات المقدمة.
في ظل هذا الواقع المر تسلم المجلس البلدي الحالي قبل أكثر من عام مهام عملهم وسط تفاؤل بأن يطرأ تحسن ملموس على الزرقاء المدينة الأقل حظا، وبدأ بعد انتخابه، بهمة وعزيمة ومثابرة في سباق ضد الزمن من أجل اللحاق بالركب الذي تجاوز سكان مدينة الزرقاء بسنوات، لكنه اصطدم بواقع مُر وتركة ثقيلة ينوء بها أولي العصبة فأصبح كمن ينحت في الصخر في محاولة للتغلب على هذا الواقع الذي تفاقم مع لجوء أكثر من 150الف سوري إلى مدينة الزرقاء وما ترتب على البلدية من خدمات تقدم لهم. نواب غائبون .. غاب نواب الزرقاء عن الزرقاء فهم موجودين وغير موجودين كما قال المثل الشعبي 'لا للهدِّة ولا للسدة ولا لعثرات الزمن' فلا هم ضربوا على منصة الكلام في مجلس الأمة ولا هم أداروا ظهر المجن للحكومة حتى تلبي مطالب المدينة، واقتصر عملهم على العطوات والصلحات والجاهات وحفلات الطهور بانتظار الانتخابات القادمة ليبدأوا حملة انتخابية أخرى بالتباكي على المدينة وحالها فلم نسمع بنائب وضع منح الثقة للحكومة مقابل تسديد أو التخفيف من الديون المتراكمة على البلدية، أو طالب ببناء مدرسة أو مركز صحي ولا حتى بتخصيص حصة خاصة بمحافظة الزرقاء مما تدفعه مصفاة البترول للدولة كون أبناء الزرقاء هم من يعاني من التلوث على سبيل المثال.
احتياجات المدينة .. أقيمت قبل فترة ندوة أو ورشة عمل بحضور وزير التخطيط ومحافظ الزرقاء السابق وبعض الأمناء العامين للوزارات المعنية كممثلين عن الحكومة لمناقشة احتياجات محافظة الزرقاء وما هي المخصصات التي ستقدمها الحكومة للمحافظة من المنحة الخليجية، حيث فوجئنا بضئالة المبالغ المخصصة لقصبة الزرقاء تحديدا في الأعوام القادمة! والتي اقتصرت على بناء سوق للخضار ومعرض للمنتوجات وبعض الحاجيات التي لا تساعد في تنمية أو حتى تلبية الخدمات الأساسية! في السياق يحق لنا هنا أن نسأل لماذا غيبت بلدية الزرقاء عن مشاريع التنمية؟! ولماذا استثنت وزارة التخطيط بلدية الزرقاء من مشروع الدعم المقدم للبلديات التي تستضيف لاجئين حين قدمت في وقت سابق دعما ل13 بلدية كإربد الكبرى وبلدية غرب اربد والرمثا الجديدة وسهل حوران والشعلة والمفرق الكبرى وبلعمة الجديدة والزعتري والمنشية والسرحان علما أن الزرقاء يوجد بها أكثر من 150 ألف لاجئ سوري كما أسلفنا!.
لا نود أن يتكرر ما جرى من ظلم وقع على بلدية الزرقاء فالبلدية بحاجة ماسة لإعفاءات أو التخفيف من حجم الديون التي تثقل كاهلها إضافة لرفدها وتزويدها بآليات وضاغطات كي تتمكن من تقديم الحد الأدنى من الخدمات حتى لا نصل لمرحلة قد تلجأ البلدية للاقتراض مرة أخرى للقيام بالتزاماتها المتعلقة بالنظافة وبعض الخدمات الأساسية. نحن نطالب بحق المحافظة قياسا بما قدمته للدولة من خلال رفد خزينتها لعقود خلت، ومساواتنا مع باقي المحافظات في باقي القطاعات .
ففي القطاع الصحي وعلى سبيل المثال لا الحصر منطقة متداخلة كمنطقة حي رمزي وحي معصوم زاد عدد سكانها عن ال 120 ألف نسمة لا يوجد بها مركز صحي! مما يعني زيادة الضغط على المستشفى الحكومي الذي يعاني أصلا نقصا في كوادره. فالمطلوب إيجاد مراكز صحية ورفد المستشفى الحكومي بالكوادر الطبية وبعض الأدوية التي لا تتواجد فيه. أما القطاع التعليمي فحدث ولا حرج فلا زال نظام الفترتين قائما فيما بلغ متوسط عدد الطلاب في الغرفة الصفية الواحدة خمسون طالبا تقريبا!! وهذه النسبة غير موجودة في أي محافظة من محافظات المملكة.
لذا لا بد من العمل على بناء المزيد من المدارس ليتساوى متوسط عدد الطلاب في الغرفة الصفية الواحدة مع أشقائهم في باقي المحافظات. طبعا لم نتطرق لموضوع الحدائق لأننا نطالب بالحد الأدنى من الخدمات ولم نصل لمرحلة أن نتجرأ ونطالب بحدائق عامة كباقي خلق الله نتمنى على محافظ الزرقاء الجديد والذي نتفاءل به خيرا من خلال ما شاهدناه عليه من عمل دؤوب ومتابعة ميدانية العمل مع المجلس البلدي الحالي وباقي القطاعات لإيجاد تصور ورؤى تساهم في تنمية المدينة وتقدمها وأن يتم التعامل مع الملاحظات التي أسلفناها على درجة من الأهمية فربما تساعد في ذلك.
وفي السياق نشير إلى أن أندية الزرقاء الرياضية لم تدعى لمناقشة خطة التنمية القادمة ونتمنى أن يتم دعوتها فهي أقدر على تقديم احتياجاتها. حمى الله الأردن .