التاريخ : 2015-10-04

الراي نيوز- خالد فخيدة

لماذا يغضب اصحاب دولة ومعالي وسعادة من سؤال من اين لك هذا؟. ولماذا يكثر طلبهم على ' الاسبرين ' اذا حدث احدهم عن نعم الله عليهم، فهل وراء الاكمة ما يقلقهم عند العودة الى التاريخ لتحديد مصدر ثرواتهم. في ظل تعديلات دستورية وتشريعات تعزز العدالة والمساواة وتحارب الفساد ونظام سياسي يكرس الشفافية والمساءلة للمضي نحو المستقبل على نور خال من ظلمات الشبهات التي تعطل مسار التنمية، يحق السؤال عن ثروة اي شخص حمل امانة المسؤولية العامة بارادة ملكية او بقرار من مجلس الوزراء او عين بالوظيفة الرسمية من خلال التنافس عبر ديوان الخدمة المدنية او حسب الانظمة والتعليمات المتبعة للتعيين في الوزارات والمؤسسات الرسمية خاصة اذا كان تاريخه يؤكد ان دخله الوحيد هو راتبه الذي يتقاضاه من خزينة الدولة. وهذا السؤال كان كفيلا في وقت سابق بـ ' مرمطة ' الصحفيين في المحاكم من قبل المسائل قبل تعديلات اجراءات التقاضي والمحاكمة التي تمت في عهد الملك عبدالله الثاني الذي وجه في اكثر من مناسبة بعدم المساس بالحرية المسؤولة والمهنية بان حفظ للصحافة قوتها كسلطة رابعة. ولكن بعض هؤلاء لا زال يعيش في ذلك الماضي الذي خرج فيه اغلب الصحفيين من قاعة المحاكمة بالبراءة او عدم المسؤولية في محاولة لابعاد الرأي العام عن جوهر القضية من خلال التركيز على الدلالات او المؤشرات التي فجرت السؤال المحرج ' من اين لك هذا؟'. واصل الاشياء في النهج الاصلاحي الذي خطه جلالة الملك عبدالله الثاني ان اي مسؤول حينما يكلف بتشكيل حكومة او اداء القسم الدستوري بتقلده منصبا وزرايا ان يبقى منسوب تجارته في حدوده الطبيعية مع ان ذلك مخالف للعرف والقانون، وكذلك تجارة اي شخص تربط بينهما صلة قرابة، لانه خلاف ذلك سيصبح الامر له علاقة بسوء استخدام المنصب او السلطة. والسؤال عن الثروة يصبح اكثر شرعية، اذا كانت السجلات الرسمية تؤكد ان احدا من افراد عائلته سجل شركات تجارية وحققت ارباحا طائلة، او ان قريبا له اغدقت عليه العطاءات الحكومية اضعاف ما كانت عليه قبل ان يصبح هذا الشخص رئيسا للحكومة او وزيرا او مسؤولا في القطاع العام. وكل شخص حظي بالوظيفة الرسمية من رتبة رئيس وزراء الى مراسل تحت المساءلة ما دام هناك من القرائن ما يدل على ان الحال اصبح غير ذلك الحال الذي كان قبل الوظيفة والواقع الذي يمكن ان يغيره راتب هذه الوظيفة وامتيازاتها. وعدا عن ان القانون يحمي سائل هذا السؤال في السلطة الرابعة بعيدا عن التجريح واغتيال الشخصية، فان على اي مسؤول قبل بحمل امانة ادارة شؤون البلاد والعباد ان يستقبل هذا الاستفسار بصدر رحب وان يكون ركيزة في ارساء سياسة المساءلة والشفافية لتعزيز البنيان المجتمعي والوطني ما دام ديدنه الانتماء للوطن و الولاء للملك الذي بدأ بارساء هذه الثقافة بالاصلاحات التي اجراها في الديوان الملكي الهاشمي العامر في بداية تسلمه سلطاته الدستورية بايقاف اعفاء السيارات وتقليل عدد السيارات والخادمات المرافقة للامراء ووقف المصروفات الشهرية عن الاشراف على اساس المساواة بينهم وبين ابناء الشعب الاردني في الحقوق والواجبات. ومع عدم الاعتذار الى الذين يزعجهم هذا السؤال، صمتنا امام ظواهر ثراءكم مساهمة في تقويض منجزات الوطن، ومدعاة لكل المتربصين بامن واستقرار الاردن بالعزف على سيمفونية انتشار الفساد المشروخة. فاذا كان هناك تشهير وخطأ بالتقدير من وجهة نظركم ، فالمطلوب منكم التصويب، بالاجابة على السؤال الذي ازعكم بالقول : ' هذا شليلنا '، وليس استنهاض ما تبقى لديكم من ' قوة ' لمزيد من تكميم الافواه التي فشلتم في ' اخراسها' وانتم في السلطة.