التاريخ : 2015-12-12
إقالة النسور… جرعة راحة للشارع تحتاجها البلد
الراي نيوز
محرر الشؤون المحلية
قد لا يكون تشكيل حكومة جديدة منفذا للخلاص من الأحوال الصعبة التي تعيشها البلاد خصوصا على المستوى الإقتصادي، فالحكومات وبصرف النظر عن رئيسها وأعضائها لن تمتلك عصا سحرية لإنقاذ الأوضاع، غير أن رحيل حكومة الدكتور عبدالله النسور سيكون باب لمد الشارع بجرعة من الراحة، وهي جرعة تحتاجها البلد.
أخفق النسور في كل شيء تقريبا بإستثناء قدرته العجيبة على تظليل الناس والنواب والإفلات من المحطات العصيبة التي ألمت بحكومته، لكنه في المحصلة حاز النصيب الأكبر من حنق الشعب وغضبه وبصورة قد لا يكون قد سبقه اليها أي رئيس حكومة منذ عهد الأمارة.
جاء بصفته منقذا وتحدث في بداية حكومته عن قرارات صعبة لا بد منها لإخراج الإقتصاد الأردني من "غرفة الإنعاش” ومنع إنهيار قيمة الدينار، وبقي حتى وقت قريب ينكر تعاظم المديونية في عهده حتى أصبحت الأرقام كجبل كبير و ثقيل لا يمكن إنكاره.
8 مليارات دينار ديون أضافية في عهده، تباطؤ غير مسبوق للنمو وارتفع مهول للتضخم وضنك عيش تسببت به سياسات حكومة النسور الإقتصادية التي لم تعرف إستراتيجية غير إستراتيجية رفع الأسعار والتسلل الى جيوب الفقراء فعاشوا في عهدها ما لم يعيشوه في أي عهد سابق.
فساد إداري تمثل بكم هائل من التعيينات وفق قاعدة "القربى والمنبت” تسببت بحرمان البلد من كفاءات كثر و تقليد المناصب لغير مستحقيها مما إنعكس وينعكس سلبا على آداء عدد كبير من المؤسسات والدوائر الرسمية.
تباطؤ في محاربة الفساد والفاسدين، و غض النظر عن كثير من الملفات المشبوهة بل وإقصاء من عملوا بإخلاص لمحاربته كرئيس ديوان المحاسبة السابق، الذي كان ذنبه الأعظم أنه قدم للناس "جردة حساب” لأخطاء و خطايا بعض الرسميين.
تغول على القانون وقمع كبير للحريات جعل عهد هذه الحكومة الأقرب الى زمن الأحكام العرفية بل وربما تفوق عليها في عدد سجناء الرأي و محاولات تكميم الأفواه و إسكات الصحفيين عبر توقيف عدد كبير منهم والتلويح لآخرين "بعصا القانون” وبأنهم من الزنازن قريبين.
إنقلاب على كل موقف ومبدأ اعلنه الرئيس حين كان نائبا خارج سرب الحكومة، زاد حنق الناس عليه وقلل من إحترامهم لآداءه وثقتهم به.
أخفق في التعاطي مع كل المسائل والقضايا التي شغلت الشارع، فلم يكن لحكومته موقف تذكر به في قضايا مثل مقتل القاضي رائد زعيتر، أو إختطاف السفير الأردني في ليبيا، أو الحرب في سوريا، أو العلاقة مع الجوار العربي، فتخلى في كل هذه القضايا عن ولايته وسلم ملفاتها لمن أحسن إدارتها أكثر بكثير منه.
تراجع حجم الإستثمار، إنحسرت أعداد السائحين، أغلقت في وجه الصادرات الأردنية أغلب المعابر، فما فعلت حكومته شيئا وبقيت متفرجا تنتظر الفرج من خارج مكاتبها أو حتى من خارج الحدود.
لا يغلب من يرغب بتقديم جردة حساب لحكومة النسور في كتابة عرائض طويلة وممتدة من الإخفاقات والعثرات، لكنها برغم كل ذلك صامدة وباقية حفاظا على تجربة يريد صاحب القرار أن يؤسس لها ويجذرها وهي تشكيل الحكومات بالتشاور مع البرلمان.
و لا شك بأن هذه سنة حميدة توسع حجم المشاركة في إتخاذ القرار، لكنها ليست نصا مقدسا لا يمكن المساس به خصوصا وأن ذات النواب الذين زكوا النسور لرئاسة الحكومة قبل ثلاثة أعوام ونيف يسعون لإسقاطه وسينجحون بسهولة لو رفع الغطاء والدعم الخفي عن الرجل.
رحيل حكومة النسور يكاد يكون مطلبا واسع العمومية بل وربما واحدة من آمال قطاعات واسعة من الناس الذين وصل حنقهم على هذه الحكومة حد أنهم لا يريدون لها خروجا طبيعيا بل يمنون النفس برحيلها "بالطبل والزمر”.