التاريخ : 2015-12-19
رسوب أوائل الجامعات
الراي نيوز
محمد سويدان
أثار إعلان ديوان الخدمة المدنية، بأن 30 % من أوائل الجامعات أخفقوا في الامتحان التنافسي للتعيين في الوزارات والدوائر الحكومية تساؤلات كثيرة. وفي نفس الوقت، أثار استغراب الجميع. فنسبة الرسوب ليست قليلة وهي تقريبا ثلث المتقدمين للامتحان، وأيضا فنوعية المتقدمين ليست أي نوعية، إنهم أوائل خريجي الجامعات الأردنية.
التساؤلات التي أثيرت عديدة ومحقة ومتعلقة بالأسباب التي أدت إلى هذه النتيجة غير المتوقعة.
فعندما يرسب خريج من مستوى متوسط أو عادي، فهذا أمر طبيعي، لكن أن يرسب أوائل الجامعات الذين من المفترض أنّ تحصيلهم العلمي واستيعابهم للمناهج متميزان، حيث حصلوا على علامات عالية وضعتهم في مقدمة صفوف الخريجين، فإنه أمر لا يمكن أن يمر هكذا. بل من المفترض أن يثير تساؤلات عديدة، وأن يكون مقدمة لدراسة معمّقة لمعرفة الأسباب والعوامل التي أدت إلى هذه النتيجة المدوية وغير المقبولة
.
طبعا، الكثير من المواطنين، وهم محقون، حمّلوا المستوى الدراسي للجامعات مسؤولية ما حدث. كما أن البعض اعتبر أن المناهج الجامعية أقل من العادي ولا تتناسب مع التطورات العلمية والعملية، في حين، رأى البعض، أن الامتحان لم يكن مناسبا ولذلك أخفق 30 % من أوائل الجامعات.
من جهته، أكد ديوان الخدمة المدنية، أن الامتحان كان "شاملا للمهارات والتخصص والكفايات كل حسب تخصصه"، وذلك حتى لا يحمّل الامتحان مسؤولية الإخفاق، مشيرا إلى أن 204 من المتقدمين البالغ عددهم 291 متقدما ومتقدمة نجحوا، في حين أخفق البقية، وذلك ليشير أيضا إلى أن الامتحان لم يكن تعجيزيا.
في كل الأحوال حتى لو كان الامتحان صعبا، فمن المفترض أن أوائل الجامعات يمتلكون من المهارات والمعرفة والقدرات ما يؤهلهم للنجاح.
لذلك، أعتقد أن المسؤولية في الدرجة الأولى تقع على الأساليب الدراسية في جامعاتنا التي تتطلب إعادة نظر فيها جميعها. فأوائل الجامعات يخفقون، فكيف حال أصحاب العلامات المتوسطة والدنيا؟ فهؤلاء كيف سيواجهون واقع العمل في سوق العمل وفي شركات تتطلب ولا تقبل سوى كفاءة ومعرفة ومستوى عال؟ إن اخفاق 30 % في امتحان ديوان الخدمة المدنية، يجب أن يدق ناقوس الخطر لدى الجامعات والجهات المشرفة على التعليم الجامعي.
هناك ضرورة وحاجة ماسة لإعادة النظر في التعليم الجامعي ومناهجه، باتجاه التطوير وتلافي السلبيات. إن عدم تدارك السلبيات، سيفاقمها، وستنعكس سلبا على خريجي جامعاتنا وعلى مستقبلهم في العمل داخل الأردن وخارجه.
لا يجوز أن ننتظر حتى نفاجأ بنتيجة سلبية أخرى. علينا العمل وبعمق وبطريقة علمية وعملية لتحسين وتطوير التعليم العالي في بلادنا. وأي تباطؤ على هذا الصعيد غير مفيد وضار وخطر.