نقف عند أبناء عشيرة الزيود، ومع بزوغ فجر هذا اليوم ندرك أنكم على موعد مع الوطن ومع وداع الشهيد، ترفعون أياديكم بالدعاء بأن يحفظه آمنا مستقرا.. وترخون له أوردة القلب عشقا وانتماء ، وتقبلون التراب الذي بنيتم فوقه شواهد رفعتكم وبخشوع قلوبكم آمنتم أنه آخر مستقركم، وتودعون اليوم ( راشد ) وندرك أن أصايلكم حملت لنا الف (راشد) ترفرف اوراحهم في سماء الاردن .. فهذا ديدن الشرفاء من أبناء الاردن الاحرار.. فالوطن ليس ورقة نقاشية، وليس مؤتمر ، وليس ندوة، بل قلوب لاتهاب الموت حتى يبقى الوطن.
ونقف عند ام (راشد)، فمن العيب ألا تأخذنا الكلمات إليكِ، وأنتِ من سطور إيمانك أستشرفنا الأمل، وحين حبست الدموع في الجفون، أدركنا معنى ان يكون الوطن سجادة صلاة، نركع ونسجد خاشعين عليها.. ما أصدق إيمانك.. حين أدركت أن الموت (حق) وأن الجنة (حق) وأن الآخرة (حق) وأن الدفاع عن الوطن هو الآخر واجب و(حق).
أعلم وجع الأم.. فهي مستودع العشق والحنان، وهي جدائل شابت من السهر والصبر، وهي قلب ينبض في جسدها ويتوجع لما أصاب غيرها.. لم تكن (الجنة) جزاء الصابرين المؤمنين تحت أقدام الأمهات، إلا لأنها من تنجب الصالحين، وتربي حماة الوطن والدين، وتصبر صبر سيدنا يوسف على الشدائد والمحن. لك أن تتخيل عظمتها وأنها سنديانة المجد، حين يقولون لها: ابنك أصبح في عليين.. لا تنوح، ولا تجوح، مثلما كانت تفعل نساء الجاهلية الاولى.. بل احتسبته عند رب العالمين، فداء للوطن والدين. مثل تلك الأمهات، هن لسن ثمار المنتديات والندوات والمسلسلات.. هن ثمار السجادة وصلاة الفجر، وقول الحق في محكم تنزيله: 'ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة'.
أدرك أنك الآن مع الأقارب والأصدقاء والجيران.. يطيبون خاطرك.. ومن مثلك لا يطيب له خاطر، وقد أصبحت تفاخر الدنيا بأنها أم الشهيد. هم لا يعلمون أنك مدرسة الرجولة والبطولة، لم تنجبي، ولم تربي، ولم تسهري.. إلا ليكون الولد فداء للبلد. لن توفي الكلمات من حقك شيئاً، ولكن.. ننحني إجلالا لعظمتك، وصبرك، وقد أصبحنا كلنا أبناءك.
ونقف عند أبناء الجيش والامن ، وندرك من أصيل موروثنا انكم كلكم ( راشد ) .. من كرامتكم، وكرمكم، وشجاعتكم، وصبركم ، وفضلكم الذي لن نجاريه .. سيبقى الاردن شامة عز وفخار على جبين الأمة.