التاريخ : 2016-03-12
الانتقال إلى الحكومات البرلمانية
الراي نيوز
بقلم : د.عبدالله محمد القضاه
من المعلوم أن الطريق الأفضل للوصول إلى حكم ديمقراطي هو في التعددية الحزبية؛ وهي ضرورة أساسية لتطبيق الديمقراطية بشكل أسلم، لأنها تعطي الحق للمواطنين بالانتساب أو لتأييد الحزب الذي يرونه أصلح للحكم أو للمشاركة فيه. والتعددية ينبغي أن تكون مبدأ عاما ملزما للجميع يتيح إمكانية تداول السلطة بين الأحزاب عن طريق انتخابات عامة ونزيهة.
الملكية الدستورية التي تحدث عنها الملك في الأوراق النقاشية التي طرحها للرأي العام الأردني قبل نحو أربع سنوات ، تمثل رؤية إستراتيجية بعيدة الأمد لنظام الحكم في الأردن. وتعتمد هذه الرؤية على الأخذ بأفضل التجارب العالمية مع مراعاة ثقافة وخصوصية الشعب والدولة الأردنية.
لقد أشار الملك بأن مسار تعميق ديمقراطيتنا يكمن في الانتقال إلى الحكومات البرلمانية الفاعلة، بحيث نصل إلى مرحلة يشكل ائتلاف الأغلبية في مجلس النواب الحكومة. والتساؤل : هل نحن جاهزون لتحقيق الرؤية الملكية ؟!، وهل حل مجلس النواب الحالي قبل إنتهاء موعده الدستوري يخدم هذه الرؤية ؟!، ثم هل الظروف المحيطة ذات تأثير سلبي أم إيجابي على الإنتخابات المبكره ؟!.
قد أكون الكاتب الأردني الوحيد الذي يطالب بعدم حل مجلس النواب قبل إنتهاء عمره السياسي ، والسبب من وجهة نظري : إعطاء الفرصة الكافية للإحزاب السياسية الأردنية لإعداد برامجها لترتقي إلى برامج حكومية قابلة للتطبيق ، فإن كان إعداد الخطة الإستراتيجية لمؤسسة وطنية يتطلب جهدا يمتد لحوالي ستة شهور ، فما هو الوقت الذي يتطلبه إعداد برنامج لإدارة الدولة لفترة أربع سنوات قادمه؟!، والأصل أن يفترض كل حزب أنه سيحصل على الأغلبيه النيابية وبالتالي تشكيل الحكومة البرلمانية القادمة التي ستلتزم بتنفيذ هذا البرنامج، وفي حال عدم حصول الحزب على أغلبية أو دخوله في إئتلاف الأغلبيه ، فسينتقل للمعارضة وهذا يتطلب منه تشكيل حكومة ظل تستمر بالمطالبة ببرنامجها أو معظمه، إضافة إلى متابعة ومراقبة عمل الحكومة الرسمية ومعارضتها بطريقة وطنية وطرح البدائل بعيدا عن الإستعراضات السياسية عديمة القيمة والتأثير.
البرلمان القادم لا قيمة له من غير تعددية حزبية ، ولا قيمه للأحزاب من غير برامج وطنيه ذات أهداف محددة وقابلة للقياس والتطبيق ومؤطرة زمنيا ولها مؤشرات للأداء يمكن لأي جهة وطنية قياسها ولأي ناخب تقييمها.
كما أن المرحلة القادمة تتطلب من النائب أن يعمل ضمن تيار سياسي معلوم ، فالنائب المستقل لن يكون فاعلا مهما بلغ نفوذ وحضور عشيرته أو ثروته!.
الإنتقال إلى الحكومات البرلمانية يتطلب إستثمار العمر المتبقي لمجلس النواب الحالي وبالتالي الحكومة الحالية ؛ لبناء وتعزيز الثقافة السياسية والإنتخابية لدى الناخب الأردني ، حيث أن آلية الإنتخاب إختلفت تماما عن سابقتها في ظل القانون الجديد ، كما أنه من الأنسب إعطاء الفرصة الكافية للأحزاب الوطنية لبناء برامجها الوطنية للمرحلة القادمة ، مع الأخذ بالإعتبار أن الظروف المحيطة بالمملكة وتداعيات الأزمة السورية على الأمن الوطني الأردني تجعل من الأنسب إستمرار مجلس النواب لموعده الدستوري وأن يعلن رسميا عن ذلك.
كاتب ومحلل سياسي اردني
a.qudah@yahoo.com