التاريخ : 2016-07-27
امصال ضد الثانوية السّامة !!
الراي نيوز
- خيري منصور
لم اكن قبل عامين قد قرأت ان طالبة عربية انتحرت بمسدس ابيها لمجرد ان أخيها داعبها وهو يقول لها بأنها رسبت بمادتين، وهي في الحقيقة حصلت على مجموع يقارب التسعين بالمئة ولم اكن قد سمعت عن طالب مصري ألقى بنفسه من الدور السابع لأن مجموعه لا يؤهله للقبول في كلية الهندسة وبالرغم من ذلك كتبت ان للثانوية العامة العربية فيروسا تربويا واجتماعيا حوّلها الى ثانوية سامّة !
ويخطىء كثيرا من يحمل هؤلاء الشباب عبء ما يقترفون بحق انفسهم لأنهم نتاج ثقافة اجتماعية تحول الفشل الى فزّاعة، وكأن الانسان لاعب سيرك غير مسموح له بالفشل ولو لمرة واحدة، فإما القفز برشاقة على الحبال والتصفيق او السقوط مضرجا بدمه !
ان الخوف المبالغ فيه من الفشل هو احد اسباب غياب المغامرة والمبادرات الفردية، وكأن الانسان مطالب بالحصول على بوليصة تأمين ضد الفشل في كل ما يحاول ان يفعله !
وقد يستغرب بعض الاباء ممن حولوا الخوف من الفشل لدى ابنائهم الى فوبيا مُزمنة اذا عرفوا ان التعريف الدقيق للعلم هو تاريخ الاخطاء، وقد يتعلم الانسان من الفشل ما لا يتعلمه من النجاح السريع وهو تجنب اسبابه كي لا يتكرر، اضافة الى الخبرة في التدارك والاستباق !
ان تحول الثانوية العامة الى رياح موسمية سامّة ، يفتضح ثقافة قائمة على الترويع والافراط في الحذر الذي يفضي بالضرورة الى تعثّر، فلو طلب احد منا من ابنه ان يناوله انية ثمينة قابلة للكسر وحذّره اكثر من مرة فإن الانية سوف تنكسر حتما، لأنها لا تمكث بين اصابع مرتعشة !
وللتلقيح المبكر ضد هذا التسمم لا بد من امصال تربوية مدروسة جيدا ولها خبراء سايكولوجيا الطفل بحيث لا يصل الخوف من الفشل حد الشّلل ولا يتوهم شاب دون العشرين من عمره ان امتحانا كالثانوية العامة هو فرصته الاخيرة في العُمر !!