حدث في تونس ، ويحدث في مصر الآن ، وسيحدث في غير هذه وتلك أيضاً ، سقوط النظام الأمني التقليدي العربي ، حيث إرهاب الناس وبثّ الرعب في قلوبهم ، وقطع أرزاقهم ، والتفكير عنهم ، وبتر عقولهم ، وكلّ ذلك تحت شعار التنمية والتحرير والمستقبل الأفضل.
السقوط سريع ، والتهافت مروّع ، وفي لحظة يصبح الحاكم وعصابته وحيدين أمام سيل الجماهير الذي يجتاح كل شيء ، ولا بدّ أن قضم الأظافر ندماً هو عنوان عمل هؤلاء بعد أن كان خلع أظافر البشر عنوان حياتهم التي تنتهي أمامهم وهم بلا حول ولا قوة.
أجهزة الأمن العربية التي كانت الجدار الذي تستند إليه الأنظمة التسلطية يثبت أنه جدار ساقط على من يحتمي به ، فالرصاص الحيّ الذي ملأ شوارع تونس ومصر ، وقتل ويقتل المئات ، وجرح ويجرح الآلاف ، هو الرصاص الذي يرتد إلى أصحابه ، ومقار الشرطة والمباحث التي شهدت قمع الشعب هي أول المباني التي تحترق.
يثبت الآن أن أجهزة الأمن لا يمكن أن تحمي الأنظمة ، ولا حتى بإمكانها حماية نفسها من شرّ أعمالها ، فنهر الغضب يتحوّل في لحظة إلى شلال لا تقف أمامه قنابل مسيلة للدموع ولا رصاصات حية ولا صواريخ عابرة للقارات.