التاريخ : 2016-11-10
ننتظر سياسة اُم حنونه
الراي نيوز
كتب:عاهد الدحدل العظامات
هناك مثل قديم دائما ما أسمعه على لسان أحد كبار السّن في قريتي عندما يهمسه لي قائلاً "يا ابني الطفل يجي مع الحنان". وفي تفسيره فانه يُخبرني بأن الطفل دائما ما يبحث عن الحنان والحب والرقه في التعامل فمثلا أنطر الى الطفل الصغير عندما تصرخ امه في وجه بأوقات يكاد يُرهقها ويزعجها من تصرفاته المتعبة أجدهُ لا يبتعد عنها لانه ببساطة يدرك جيداً انه لن يجد حباً كحب امه وعطفا كعطف امه وحنانا كحنان امه ودفئاً كدفئ حضن امه .
وما بين الام الحقيقية والام المزيفة هناك فروقات عديدة متباعدة في مواقفها : فالام الحقيقيه تحمل المشقة تسعة شهور اما المزيفة فانها تفرض مشقتها على مر الدهور , الام الحقيقية تُرضع حتى يجف لبنها اما المزيفة توجع حد القهر بل الموت , الام الحقيقية تُطعم وان كانت جائعة اما المزيفة تُجوع لتأكل هيَ , الام الحقيقية تُغطي اما المزيفة فانها تُعري , الام الحقيقية توفر لعائلتها الحياه الهنيئة الرغيدة بينما الاخرة مُهمتها هي أن تُكند أجواء حياتهم ودائما ما تُثير في نفوسهم الخوف والرعب وعدم الراحة أو السكينة.
مثال الطفل الصغير الباحث عن الحنان ينطبق علينا كعرب وأنظارنا تتجه نحو الحدث الأبرز وهو انتخاب الرئيس الامريكي الجديد الذي سيتسلم مقاليد حكم الولايات المتحدة الامريكية والعالم لأربع سنوات قادمة لمعرفة هويته من بين المرشحة الديمقراطية هيلاري كلينتون والمرشح الجمهوري دونالد ترامب. اذ ان الغالبية من العرب تتمنى أن يكون الفوز حليف كلينتون دون ترامب الذي يُبدي كراهيته القديمة الجديدة لنا كعرب ومسلمين وقد لفت انتباه الجميع في احدى تصريحاته العنصرية عندما عارض وجود المسلمين والعرب في بلاده مؤكداً ومتوعداً بأنه سيقوم بطرد المسلمين بما فيهم اللاجئيين السوريين فور استلامه مقاليد الحكم اذا ما فاز بمعركته التي يخوضها ضد هيلاري الذي يستبشر فيها العرب خيراً تجاه قضاياهم اذا ما نجحت هي الاخرة بالمعركة واستلامها هذا المنصب كون لها باعاً طويلا في مجال السياسة كما أن يدها ممددة بالمنطقة منذ ان كانت وزيرةَ للخارجية الامريكية وتعلم مصائب القوم أكثر من أن تعلمُها أنظمتُها التي تنتظر اعلان النتيجة لتذهب وتأخذ معها علبة بقلاوة حمراء دالة على الدماء التي لطختها بلاده بالمنطقة مُنحنيتاً أمام بوابة بيته الأبيض مباركه له الحكم الجديد طالبة بعد ذلك منه الرضى... ثم الرضى... ثم الرضى.
متى سيكيبر الطفل, متى سيدرك أن الحنان لن يكون في حضن القنبلة , متى سنتخلص من خجلنا المُخجل ونعترف لأنفسنا قبل الغير بأن السلطة الخارجية التي تحكمنا في دواخلنا كعرب هي امريكيا المُخترعة كل أساليب الفتن لتأتي بها بعين الشمس وتبذرها في بواطن أرضنا فكانت دماء رجالنا تُسقيها نهاراً ودموع اُمهاتنا تُرويها ليلاً, امريكيا تلك التي نعتبرها بمثابة اُمّنا هي نفسها التي تصادقت مع عدوّنا الاسرائيلي وأمدته بكل ما يحتاج ليفرض نفسه ويستقوي علينا,امريكيا التي احتلت العراق وفعلت به ما فعلت الى ان أوصلته لما هو فيه اليوم,ام امريكيا التي دمرت سوريا والسوريين والمستقبل السوري للأبد.
ماذا ننتظر من الرئيس الامريكي القادم...ننتظر خون بلاده لارضائنا أم ننتظر منه أن يُغيّر سياسات بلاده تجاهنا لصالحنا...هيلاري كلينتون ودونالد ترامب كلاهما من نفس الطينة الامريكية وكلاهما مُخلصين لها فلا أعتقد أن الطين سيطلعُ من ترابه كما لا أعتقد أحداً منهم سيكون أحنُّ علينا من سابقيه.