التاريخ : 2016-12-21
عملية أمنية وليست إحتفالية
الراي نيوز
د. ابراهيم العموش
ما حدث في مدينة الكرك خلال الايام القليلة السابقة حدث ويمكن أن يحدث في أي دولة في العالم. حدث في فرنسا وبلجيكا وغيرهما من الدول الاوروبية وبعض الدول العربية. إنْ هي إلا مداهمات أمنية لأوكار ارهابيين وخارجين على القانون هدفهم زعزعة أمن واستقرار هذا البلد الصابر الصامد وترويع المواطنين الآمنين. كذب إعلام عصابات الاجرام الذي يقول أنها ثورة، وبئس الإعلام المغرض الذي يتبنّى هكذا ترهات.
ايضاً ما جرى في الكرك من أحدات ومواجهات من عصابات خارجة على القانون ليس احتفالية أو مهرجانا فنيا ليسمح لوسائل الاعلام بتغطيته ببث مباشر، وليس مطلوب من الاجهزة الامنية والحكومة أن تسمح لكاميرات التلفزة بالتواجد في مواقع المواجهات لما للمعلومات المتعلقة بالمكان وحركة قوات الأمن من حساسية وأهمية استخباراتية ولما لذلك من أهمية في الحفاظ على أرواح المواطنين ورجال الامن والدرك.
هل يعقل أن يسمح لكاميرات التلفزة أن تبث الاحدات والعمليات بصورة مباشرة لتتمكن عصابات الاجرام في مواقع أخرى، غير مواقع الاشتباك، من تحديد مكان قوات الأمن فتتاح لها فرصة مهاجمة هذه القوات ومباغتتها؟.
إن المطالبة بالسماح للاعلام وكاميراته بالتصوير والبث من موقع الحدث أثناء العمليات الأمنية هو طلب غير مشروع والاستجابة له تعني تعريض حياة رجال الأمن والمواطنين لمزيد من الخطر.
فالعمليات الامنية لا هي احتفالية ولا هي مهرجاناً فنياً، ومن واجب الاعلام إدراك ذلك وإدراك مخاطر التغطية المباشرة ومن واجبه أيضا تحرّي الدقة واستقاء المعلومات من الاجهزة الرسمية وعدم نقل ما يتداوله الناس من حديث هنا وهناك مما قد يحتاج للتدقيق والتمحيص. من ناحية أخرى، لا يعد نقل معلومة غير صحيحة ونشرها للقراء سبقاً صحفياً. بل حتى لو كانت المعلومة صحيحة وموثوقة، اذا كان في نشرها ما يعرض الأمن والاستقرار للخطر، أو يحدث الارباك لدى المواطنين أو يزرع فيهم الخوف فإن من واجب الاعلام عدم نشرها ونستذكر هنا ما روي من قول حكيم للإمام علي بن أبي طالب رضي الله عنه حيث قال 'ليس كل ما يعرف يقال وليس كل ما يقال حضر أهله وليس كل ما حضر أهله حان وقته وليس كل ما حان وقته صح قوله'. أيضا، ليس من واجب وزير الدولة لشؤون الاعلام الافصاح عن كل المعلومات المتوافرة لديه إذا كان من شأن هذا الافصاح أن يعرض أمن الوطن والمواطن للخطر وليس من العدل أو العقل أن نطلب منه ذلك. نعم المكاشفة والمصارحة والشفافية أمور ضرورية ولكن ليس على حساب أمن الوطن وسلامة المواطنين.
وفي الوقت الذي نعلم فيه جميعاً نخوة الاردنيين وتلاحمهم وتكاتفهم ورفضهم لكل مارق جبان، فإن من واجبنا كمواطنين أن لا نعيق عمل قوات الأمن العام والدرك عند تصدّيها لمثل هذه الاعمال الارهابية.
إن من واجبنا عدم التجمهر حول هذه القوات أو التواجد في مواقع الاشتباك حرصاً على سير العمليات الأمنية وفقاً للخطط التي تضعها الجهات المختصة وتفادياً لوقوع أي ضحايا بين المدنيين أو رجال الأمن والدرك.
إن من واجبنا أن نطلب من القوات الأمنية فرض طوق أمني حول مواقع الاشتباك ومنع وصول المدنيين إليه والطلب من ساكني المنازل الواقعة ضمن مواقع الاشتباك البقاء في منازلهم حرصا على أرواحهم ولتفادي إعاقة جهود الاجهزة الأمنية. فمثل هذه الاحداث ليست حوادث سير عابرة نتجمهر حولها.
سيصمد الاردن في وجه كل قوى التطرف والظلام كما صمد من قبل ولن تُزعزع أمنه واستقراره ثلة من الخارجين على القانون.
حمى الله الاردن أرضاً وقيادة وشعباً، والمجد والخلود لشهدائنا الابرار.
د. ابراهيم العموش