التاريخ : 2016-12-26
عام الحزن الأردني !
الراي نيوز
بقلم : شحاده أبو بقر
بكل مقاييس الحياة التي عرفتها البشرية , يتجلى العام الميلادي الموشك على الرحيل , بإعتباره عام الحزن الأردني وبإمتياز , فهاهي دماء شهداء جيشنا العربي الأردني البطل , وقواتنا الامنية البطلة , وبعض مواطنينا الأبرياء الأبطال , ما جفت بعد على ثرى الكرك وإربد والركبان وعين الباشا , وعلى أيدي نفر فاقدين للصواب من بني جلدتنا ! .
يحدث هذا وغيره كثير , بين يدي فرح إيماني عظيم جعلوه ' لا بارك الله فيهم ' غصة في حلوقنا بمولد نبيين كريمين , محمد نبي الرحمة صلوات الله وسلامه عليه , وعيسى نبي السلام عليه السلام , فها هم المسيحيون الاردنيون يطفئون شموعهم بدموعهم , وها هم المسلمون الأردنيون يلملمون بيوت عزائهم والحسرة تسكن قلوبهم على فلذات أكباد مضت وإرتقت ولن تعود ! .
وإذا ما كان رسولنا العظيم المرسل أصلا رحمة للعالمين بإرادة رب العالمين , وليتممم مكارم الأخلاق كما قال صلوات الله وسلامه عليه , قد سمى العام العاشر للبعثة عام الحزن لفقده عمه أبا طالب وزوجته خديجة رضي الله عنهما , ولما واجه في مكة المكرمة والطائف , من تعاظم صدود وعداء قريش , فإن لنا نحن الأردنيين ودون سائر العرب والمسلمين , ان نسمي هذا العام , عام الحزن الأردني .
ست سنوات عجاف ثقال مضنيات , فتحنا بلادنا فيها لكل عربي فار بروحه وعرضه وعياله من أتون حروب عبثية لم يبق ' هامل ولا مرتزق ' في هذا الكون , إلا وجرب سلاحه فيها بقتل العرب , وإستباحة ديارهم وأعراضهم ودمائهم وبراءة أطفالهم , ونحن صابرون نتجرع ذل فقرنا , وقلة حيلتنا , ونقدم ونجود شعبا وحكومة , وبنفوس لم ولن تعرف الإنسانية عظمة طيبتها , بكل ما نجد وأكثر , ولم نمنن ولم نتبجح كما يفعل غيرنا ممن يقدمون الفتات في أوروبا وغيرها , وباتوا يضيقون ذرعا بمن فروا إليهم عبر البحار في ظلام الليالي , ومنهم كثيرون ضاعوا غذاء لسمك البحر ! .
نعيش نحن الأردنيين ليلنا ونهارنا أسى وحسرة على ما نرى ونتابع مما يحل بجوارنا وأهلنا العرب , ونقابل في المقابل بالنكران والجحود وحتى الشتيمة , فنحن في شريعة ' من شردوا شعوبهم , نتاجر بمصيبة أولئك المشردين ! , ونحن في شريعة الخوارج , كفرة حلال قتلنا وجنودنا ! , ونحن في شريعة مرتزقة الدنيا من دول وعصابات , لا نستحق أي دعم كي يكون بمقدورنا توفير ماء ودواء وغذاء وتعليم وسوى ذلك للملايين التي إستجارت بنا وببلدنا ! , ولا حول ولا قوة إلا بالله ! .
هو عام الحزن الأردني نعم ونعترف ولا ننكر , فلقد تحملنا ما تنوء وناءت دونه أثرى وأكبر دول الارض , وليس هذا بالجديد علينا , فلقد تحملنا وأشقاؤنا الفلسطينيون الذين هجرهم الغاصب المحتل إلينا , ما لم يرد له ذكر في تاريخ البشرية حتى تاريخه .
لقد بتنا اليوم وربما من ' باب رد الجميل ! ' هدفا لمن يسمونهم إرهابيين نعرف من يقف وراء قياداتهم التي غررت بهم , ونعرف من يمولهم ويمدهم بالسلاح ولزوم ما يلزم لقتلنا ونقل الفوضى والشر إلينا ,والغريب أن أحدا من هؤلاء الإرهابيين لم يسأل نفسه يوما , لماذا لم توجههم قياداتهم نحو دول تشارك في الحرب في سورية والعراق وتدعي أن هدفها القضاء عليهم ! , ولماذا لم نسمع عبر ست سنوات عن طلقة واحدة أطلقوها ضد من نعني وهم يعرفونهم !, بدلا من توجيه حقدهم وضرباتهم ضد العرب السنة والمسحيين فقط دون غيرهم ! ! .
عام الحزن الاردني يوشك أن يرحل غير مأسوف عليه , لكننا نأبى ولا نريد ولن نتحمل عام حزن جديد تحت أي ظرف كان , وعلى العرب , كل العرب إبتداء , وسائر القتلة من دول الارض المتناحرين على مصالحهم في أرض العرب , تحمل مسؤولياتهم القانونية والأخلاقية إزاء تلك المصائب التي تسببوا بها .
لم يعد بمقدورنا تحمل المزيد في أن ننوب عنهم , وننسى أنفسنا وفقرنا وشح مائنا ومواردنا وقوتنا وضيق ذات يدنا , وعلى دولتنا أن تتخذ الموقف الواضح والصريح , والمطالبة بإطفاء ديوننا كلها وتحمل كلفة اللجوء كاملة , أو الشروع في تقاسم هؤلاء اللاجئين المساكين حتى يكتب الله لهم العودة إلى ديارهم .
كتب الله لشهدائنا الجنة , والعزاء لكل الوطن , والتهنئة بالعيد للمسيحيين الاردنيين جميعا والله من وراء القصد.