التاريخ : 2017-03-15
حكومة الملقي و الفرصة الذهبية .. !!
الرا ي نيوز
كثيرون يسألون و يستفسرون لماذا تستمر الأوضاع في الأردن على هذا النمط الذي هي عليه، حالة اقتصادية دائما دون المستوى ، حكومات غير قادرة على إرضاء الناس و لو مرة واحدة ، مناكفات مستمرة بين مجلس النواب و الحكومة ، ثلاث بقع تلوث اجتماعي تعصف بالنسيج الوطني باستمرار الفقر و البطالة و العجز و حكومة بعد حكومة تأتي و تروح ولا يتغير أي شيء حتى باتت الغالبية العظمى من الأردنيين مستسلمة تماما معتبرة أن ما يحدث قضاء و قدرا لا مفر منه و أن الحل و الربط ليس بيد أحد، بل بيد الله سبحانه و تعالى.
و حتى نكون منصفين و عقلانيين في التحليل ، و يكون فائدة لما نقول و لا نبدو متحاملين ، حالمين دائما ، فإننا نشهد أن الدولة الأردنية تمكنت وعلى مدى عقود طويلة مضنية من تأمين حالة الأمن التي يتمتع بها المواطنون و ابقاء الأوضاع الأمنية مستقرة في اقليم ملتهب على الدوام و في سلسلة من الحروب و الدسائس و المؤامرات و رغم وجود اسرائيل جارة غير مطمئنة على الحدود الأردنية الطويلة و الأطول .
كما أن الدولة الأردنية تمكنت من تأمين الحد الأدنى من الحريات العامة و الحد الأدنى من حرية التعبير و الحد الأدنى من الحريات السياسية مما سمح للمجتمع الأردني بالبقاء متماسكا و متمسكا بالأمل و لو بحده الأدنى أيضا في التغيير الإيجابي نحو الإصلاح ، و هذا ساهم في أن يكون الأردن متميزا بين غالبية دول المنطقة التي تبحر في متاهات متلاطمة من الحروب و الطائفية المذهبية و العرقية و التطرف و الإرهاب و الانصياع الكامل أو التصادم المباشر مع قوى إقليمية و عالمية مما عاد عليها بالخراب و الدمار و التفتت.
مقابل ذلك فشلت الدولة الأردنية ممثلة بحكوماتها المتعاقبة على خلق بيئة استثمارية مناسبة رغم الإلحاح الشديد للملك على هذا الموضوع ، مما يخلق الكثير من التساؤلات حول من يقف وراء إبقاء البيئة الاستثمارية وعرة و غير قابلة للاستصلاح، كما فشلت الحكومات المتعاقبة على خلق وسائط سليمة نظيفة للتواصل و التعاون المهني مع مجلس النواب و وسائل الإعلام المحلية ، و فشلت أيضا و هذا الأهم في إبداع حلول جديدة تخفف من وطأة الفقر و البطلة التي تكاد تخنق الشعب و باقي مكونات الدولة معا .
لقد تمنينا كثيرا أن يقوم الرئيس بعمل لقاءات ليس بالضرورة رسمية ، كل فترة و أخرى مع مجموعات صغيرة جدا من الإعلاميين و المفكرين و حتى المعارضين ، على عشاء ، على سهرة ، على نفس ارجيلة ، لقاءات ليست ملزمة و ليست للاستهلاك الإعلامي و ليست للمزاودة و لا للتنظير الطويل الممل المعاد ، بل لعصف ذهني و تفكير بصوت عال ، فقد تخرج فكرة من هنا أو هناك تفتح أفقا ما و ' ما خاب من استشار ' و بكل الأحوال مثل هذا المقترح إذا لم يفد فإنه بالتأكيد لن يضر ، وما نزال نلح في هذا الطلب لأننا نعتقد انه مفيد للوطن.
لقد كان الأردن بالتأكيد ضحية لمشاريع و مخططات كثيرة غالبيتها أكبر منه و من إمكاناته ، كان ضحية في سايكس بيكو و كان ضحية مع الدول الأوروبية و أمريكا وهم حلفاء بعد ذلك ، و كان على طول الوقت ضحية مع إسرائيل التي كان من المفترض أن تكون أكثر واقعية و امتنانا للأردن ، و الأسوأ من كل ذلك أنه كنا دائما ضحية مع أخوانه وأشقائه الذين وقف معهم دائم و بدون تردد و لم يقفوا معه إلا على استحياء و بالحد الأدنى ، إن أمال و طموحات الأردنيين بالانضمام إلى مجلس التعاون ألخليجيي التي جاءت بدعوى من أكبر الدول الخليجية الست تبخرت عندما تحول الحلم إلى كابوس و خابت آمال الأردنيين ، كما أن المساعدات الخليجية كانت دائما دون المستوى و ' بالقطارة ' كما يقول الأردنيون ، و هذا جعل موقف الأردنيين اليوم مترددا و يميل إلى التخلي عن العواطف و الكلمات الرنانة و النظر إلى ما يصلح حاله و يخرجه من المأزق الكبير الذي هو فيه.
حكومة الملقي اليوم أمامها فرصة ذهبية حقيقية لو التقطتها لدخلت التاريخ من أوسع ابوابه رغم الحالة السوداوية التي تمر بها المنطقة ، فلتبحث الحكومة عن الحل فقد يكون أمامها و لا تراه ، فهل تتنبه الحكومة لذلك..
عدنان الروسان
عدنان الروسان