التاريخ : 2017-10-08
رجل بوزن " عبد الهادي " جدير بأن يستثمر رأيه ! .
الراي نيوز
- بقلم : شحاده أبو بقر
قالت 'الراي نيوز' ما فحواه أن هناك توجها لحل حزب ' التيار الوطني ' الذي يرأسه طيب الذكر عبدالهادي المجالي , عارضة الاسباب التي جاء ' أبو سهل ' على ذكرها , وهي في مجملها وكما فهمتها , حالة يأس من جدوى العمل الحزبي غير المرحب به من قبل الدولة كما نسب إليه القول .
وبمعزل عن رأيي في الأمرين سواء التوجه نحو الحل أو الأسباب , فإنني أرغب في التداخل هنا لعرض بدايات فكرة تأسيس الحزب إبتداء , وكذلك معرفتي الشخصية التي لا تخيب بإذن الله بهذا الإنسان الذي أجزم أن أصدق وأدق وصف له هو , النقي الوفي المحترم , فلقد عملت معه مستشارا له مقربا جدا منه زهاء عشر سنوات في مجلس النواب , إلى أن تدخل أولاد الحلال في علاقتي الرسمية به , لأنسحب بعدها من تلقاء نفسي محافظا على خصوصية الإحترام الذي أكنه له ما حييت .
إنطلقت فكرة تأسيس الحزب بداية من مكتبه الخاص , فقد بثني شكواه من تشتت وتعدد أحزاب الوسط أو ما كان يطلق عليه أحزاب وطنية , وإفتقارها إلى فكر وبرامج حزبية واضحة يمكن أن يلتقي عليها قطاع واسع من الناس , من خارج الأطر الحزبية التقليدية التي كانت محظورة قبل العام 1989, ومنها ما هو يساري وقومي ومنها ما هو ذو إرتباط خارجي , مؤكدا الحاجة إلى حزب كبير يكون سندا قويا للعرش وللوطن , يتنافس ديمقراطيا مع سائر الاحزاب الموجودة على الساحة الأردنية ! .
إقترحت عليه تأسيس حزب يجد كل حامل للرقم الوطني الأردني ومن أي منبت كان نفسه فيه , وقال هذا ما أتمناه وأريده , فقلت , نأخذ من كل لون سمة , فالأردنيون بطبعهم وطنيون قوميون متدينون , على أن يكون الحزب برامجيا له رؤيته المكتوبة في سائر تجليات الحياة وتفاصيلها المتصلة بشؤون الوطن كمجموع والمواطن كفرد , وفيه مساحة سياسية رحبة تتسع للمسلم وللمسيحي ولغير المتدين ولكل أصل وفصل , بما في ذلك العربي من غير الاردنيين .
وافق أبو سهل على الطرح وطلب أن أكتب ورقة أولية مختصرة تتضمن المباديء العامة آنفة الذكر لعرضها على آخرين , وهكذا كان , وكان الرأي أن يفاتح بداية طيب الذكر طاهر المصري بالفكرة طالبا منه دعمها والتوافق معها , وهكذا كان كذلك , ولم أعرف سببا لعدم إنضمام أبي نشأت للفكرة إلا متأخرا حينما سألته , وقال إن أبا سهل جاءني بورقة عامة غير مفصلة وأجبته بأنني سأفكر , ولم نتواصل بعدها .
المهم , ظهرت الفكرة للعلن وإنضم إليها مؤسسون كثر أذكر منهم مع حفظ الألقاب كمال ناصر ومحمد الذويب والمرحوم مروان دودين ونصوح المجالي وصالح إرشيدات وآخرون لا يتسع المقال لأسمائهم , وإنهالت طلبات الإنتساب بالآلاف وهو ما كنت لا أرغب به , وأفضل التريث أكثر في قبول الإنتساب لقناعتي بأن الكثرة ليست دائما في مصلحة العمل , وإنعقد المؤتمر الأول للحزب في قاعة كبرى بجامعة عمان الأهلية وزاد الحضور عن خمسة آلاف , وهو ما جعلني أشعر بأن الفكرة التي أرادها وسعى لها أبو سهل قد تشتتت , وهو ومعه أسباب إدارية أخرى ما دعاني للإنسحاب من الحزب وزعل مني أبو سهل حينها وزعله عندي غال جدا ! .
لا علينا , واصل أبو سهل المهمة بصبر وجلد ومثابرة عز نظيرها , وفي ذهنه كما أعرفه وأشهد به صادقا بإذن الله , حزب كبير واسع الإمتداد إلى المدينة والمخيم والقرية والبادية يكون وبحق , سندا قويا للعرش وللنظام السياسي الاردني برمته وللوطن كمجموع , ولهذا إختار هو له إسم التيار الوطني , ولم يقبل بإقتراحي تسميته بحزب الرسالة بإعتبار أن هناك حزبا آخر بهذا الإسم , برغم إقتراحي بمفاوضة ذلك الحزب لضمه إن أراد إلى الحزب الجديد .
أعرف أن أبا سهل تحمل أعباء مادية ومعنوية وجسدية كبيرة جدا لإنجاح الحزب , لكنه لم يجد التجاوب المطلوب ولم ييأس ولم يتردد أو يمل , وكنت وبرغم إبتعادي عن الحزب أتمنى له النجاح ولو كفكرة تجمع ولا تفرق , تجسد الوحدة الوطنية في أصدق صورها , وترى في العرش الهاشمي مظلة وطنية وقومية ودينية راسخة يحظر المساس بها , وتسعى جاهدة لإجتراح حلول إبداعية لكل مشكلات الوطن في سائر ميادين الحياة بلا إستثناء , وتفتح الأبواب رحبة للجميع للمشاركة في الرأي والرؤية على قاعدة ديمقراطية سلمية لا تطرف فيها ولا شطط ولا تهميش ولا إقصاء ولا جدال إلا بالتي هي أحسن ! .
ختاما وبرغم كثرة ما يمكن أن يقال , عبدالهادي المجالي رجل سياسة وحنكة وخبرة واسعة في الشؤون الوطنية والإقليمية وحتى الدولية , وله إحترام واسع في كل تلك الأوساط وأنا أعرف ذلك جيدا , فقد رافقته في عشرات المؤتمرات البرلمانية العربية والدولية ولمست كم يحظى بإحترام وتقدير الهيئات البرلمانية كلها , عربيا وأوروبيا وعلى كل مستوى وصعيد , وهو وطني لا يعرف للجهوية والإقليمية والعنصرية البغيضة سبيلا أبدا , وهو أول وربما آخر رئيس برلمان عربي يزور فلسطين على رأس وفد حرص على تشكيله من كل الاردن , وأذكر كيف كيف فرح الأشقاء بالزيارة وكيف ضاق المحتلون بها , والذين تكالبت عليه وعلينا معه قطعان مستوطنيهم في باحة الحرم الإبراهيمي في الخليل وكيف إعتدوا على الوفد تحت بصر جنود الإحتلال ! , وهو قبل هذا وذاك , إنسان نقي السريرة لا يضمر شرا لأحد ويقابل السيئة بما هو أحسن منها , ولا أنسى ما قاله لي يوما رجل دولة كبير تقلد أرفع المناصب , يا أخي هذا الرجل حتى وإن إختلفت معه , لا تملك إلا أن تحبه وتحترمه . عبدالهادي كبير يؤتمن جانبه تماما في كل ظرف وكل زمان وكل مكان , ورأيه جدير حقا بأن يسمع , ورؤيته جديرة بأن تحترم , ولا أخال منصفا يخشى الله يمكن أن ينكر ذلك . وأخيرا لا مصلحة لي عنده , فقط أردت قول كلمة حق قلتها في غيره سابقا , فرجل بوزنه جدير بأن يستثمر رأيه أمد الله بعمره وعافاه . والله من وراء القصد .