التاريخ : 2018-02-24
التعديلات الست والأوراق النقاشية السبع
الراي نيوز. بسام البطوش
يقال إن هدف التعديل الحكومي العتيد ' السادس' ادخال شخصيات للحكومة تنتمي لبعض المحافظات أو محسوبة على بعض المناطق! يا سلام!! هل مازال لدينا اعتقاد بأن عقلية المحاصصة، وتوزيع المواقع على أسس جغرافية ومجتمعية، قادرة على إخراج الوطن من أزماته؟ أعتقد أنه لم يعد يهم الاردني من أي منطقة يأتي الوزير أو المسؤول. ما يهم الاردنيين الآن وبعد كل التجارب المريرة هو توفر الامانة والقوة في المسؤول، والابداع والتجديد في البرنامج الحكومي، وأن تنحل عقد الاقتصاد وترتفع معدلات الانتاج والنمو، بعيدا عن أسس الاصول والمنابت والشرهات والكوتات والشلليات التي تتخذها الحكومات معياراً لانتقاء الطواقم. لن يساهم في حل مشكلاتنا من يأتي للموقع بالمؤهلات البالية ذاتها، سيما أن معظم من يأتون ويذهبون تم تجريبهم منذ ربع أو نصف قرن، وقدموا ابداعاتهم كلها، لكن يجري تدويرهم واعادة انتاجهم وابتلاء مواقع جديدة بهم، مع أنهم ساهموا في صناعة هذا الواقع الذي يزعمون المجيء لإصلاحه.
لا يهمني، كما كل العقلاء في وطني، أن يكون جميع الوزراء من محافظة واحدة، أو من منطقة بعينها، ما داموا أمناء أقوياء لديهم الوطنية و الكفاءة والرؤية والبرنامج القادر على النهوض بالوطن.
ماذا أفادت المحافظات التي تعاني عسر هضم تنموي مزمن ممن تولوا المناصب باسمها وهم في الحقيقة عاجزون عن تنميتها في اطار مشروع نهوض وطني متكامل؟ ودليل ذلك أن بعض المحافظات نالت نصيب الأسد من المواقع السيادية الكبرى ورئاسة السلطات جميعها، لكن ماهي القيمة المضافة تنمويا التي تحصّلت عليها تلك المحافظات من وجود تلك الشخصيات في الحكومات وغيرها؟ في الحقيقة فان الاعتقاد السائد انهم اهتموا بتنمية مصالحهم وتوريث أبنائهم وأحفادهم. وبعضهم وبدون تعميم ساهموا في نشر ثقافة سوداء في الانتخابات، ومارسوا افساد الضمائر والرقص على جراح الناس، وتلاعبوا بالتناقضات المجتمعية بل أسهموا في تغذيتها وتنميتها خدمة لمصالحهم الانتخابية، ولإيهام عمان بأنهم قادة في مجتمعاتهم ومحافظاتهم! وبمرور الوقت الرديء راح هذا النفر أو البعض _ بعيداً عن التعميم _ ينظرون لأنفسهم بأنهم زعامات وطنية تمثل هذه المحافظة أو الفئة أو تلك، بحكم ما وصلوه من مناصب حكومية جاءت في غفلة من المعايير والعدالة والشفافية. وراحت الخدعة تنطلي على البعض بأن استرضاء محافظة أو فئة أو توسيع القاعدة الاجتماعية للحكومات يتم عبر تولية الزعامات الوهمية مناصب متقدمة لا تستحقها.
الأردن اليوم كما الاردن القادم، بحاجة الى تغيير في مفاهيم ومعادلات وآليات تولي المناصب، وهذا ما أكدته مجمل الرؤى الملكية الواردة بوضوح في الأوراق النقاشية الملكية السبع، والتي عجزت الحكومات عن استلهام مضامينها؛ فبتنا نحتاج وعيا وطنيا شاملا لإسنادها وتبنيها وتحويلها الى برنامج عمل وطني يسعى الجميع لتطبيقه.