التاريخ : 2018-02-25
التعديل الحكومي.. أسئلة وقصص ومطالبات
الراي نيوز- نضال منصور
حتى لحظة كتابة هذا المقال لم تحسم الصورة النهائية للتعديل الوزاري على حكومة الرئيس هاني الملقي، لكن أغلب المعلومات المتواترة تشير الى نية الملقي تعيين نائبين للرئيس، الأول سيتابع التنسيق بين الوزارات، والثاني سيقود الفريق الاقتصادي، ويترافق مع ذلك تعديل في بعض الوزارات الأخرى.
لم تخرج الحكومة حتى الآن لتشرح للرأي العام لماذا التعديل الحكومي، ما هي الحاجة له، ما هي الأهداف التي يراد أن يحققها، لذلك انشغل الناس ببورصة الأسماء المرشحة لدخول الحكومة والخروج منها، وأضيف لها هذه المرة اشاعات وروايات عن "حرد" بعض الوزراء، وصمتهم وقبولهم تقديم آخرين عليهم في الموقع رغم أقدميتهم، في حين قرر البعض الاستقالة احتجاجاً.
حصدت حكومة الملقي ثقة مجلس النواب قبل فترة وجيزة فما حاجتها للتعديل، هل يحتاج الرئيس الى شخصيات وازنة لمساعدته وهو يواجه عارضا صحيا، أم أن التعديل ضرورة لإطالة عمر الحكومة وقطع الطريق على أجندة تبديلها، أم لامتصاص غضب الناس المحتجة على رفع سعر الخبز وزيادة الضرائب، وما يحدث في السلط والكرك ومعان نماذج لعدم تقبل الناس للوضع الاقتصادي الذي يعيشونه؟!
التعديل الوزاري يثير الشجون، وأول الأسئلة مرتبط بمؤشرات قياس أداء الوزراء، والتي يجهلها الشعب الأردني والمفترض أنها "المسطرة" التي يلجأ لها الرئيس الملقي في قرار اخراج وزير واستقطاب آخر.
الدكتور ممدوح العبادي الوزير رقم (2) في حكومة الملقي، وله سيرة طويلة في العمل العام وحقق قصص نجاح غير مسبوقة حين كان أميناً لعمان، لماذا سيخرج من الحكومة مثلاً؟
لم يُعطَ العبادي لقب نائباً للرئيس وقبل بالأمر، ولم يكلف بمهام وفشل بها، وفي أزمة القدس حين أصدر ترامب قراره بالاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل دعا الناس للخروج للشارع، واستطاع أن يوحد الموقف الشعبي والرسمي.
كنت أتوقع حين اختير العبادي وزيراً بعد غياب أنهم يحتاجون حنكته، ودهاءه، وقدرته على المناورة السياسية مع البرلمان والنقابات والشارع، وبمتابعاتي المتواضعة فإن هذه المهام لم تبرز بشكل جلي على سطح المشهد السياسي؟
وعلى هامش حديث التعديل الوزاري لا بد من الاعتراف أيضاً أن هناك وزراء لهم بصمة وأثر، حتى وإن اختلفت معهم ومنهم على سبيل المثال وزراء المياه والعمل والبلديات والتخطيط والشؤون السياسية والبرلمانية والإعلام، والقائمة قد تزيد أو تقل حسب زاوية التقييم، واللافت أن الشارع يُسلّم أن بعض الوزراء حققوا قفزة وشجاعة في الأداء ومبادرات خلاقة وقوة في الاتصال التواصل مع الناس، وفي هذا أعني الوزيرين أيمن الصفدي وعمر الرزاز، فالإنجاز والتغيير هما ما يقدمانه لتكريس صورة مختلفة للأداء الحكومي.
أكثر ما يقلق في حديث التعديل والإشاعات التي تروج التوجه لاختيار وزير "سلطي" أو وزير "كركي" في محاولة لاحتواء الاحتجاجات والغضب الشعبي على رفع أسعار الخبز وزيادة الضرائب، ولا أتصور أن قيادة الحكومة ومرجعيات القرار ساذجة لتعتقد أن "جغرافيا" الوزراء تحكم معادلات الشارع، والأمر المؤكد أن الناس الغاضبة في المدن الأردنية تريد معالجة جذور المشكلة وإيجاد حلول كريمة لمعيشتهم.
رئيس وزراء أسبق أخبرني في "دردشة" عن الوضع الاقتصادي أن الناس لا يهمها أن تتعافى الموازنة أو تخرج الحكومة من "عنق الزجاجة"، فما يهمها كيف يتحسن حالها الاقتصادي وينعكس على معيشتها وتشعر بقليل من الرفاه، فهي ليست مسؤولة وغير معنية بالمديونية التي تزايدت الضعف في سبع سنوات دون أن تعلم بالأسباب!
الحكومة مطالبة وهي تخضع لجراحة التعديل أن تجيب عن أسئلة أهمها؛ كيف ستحقق النمو بالاقتصاد الوطني، كيف ستوفر فرص عمل لتقلص البطالة، كيف ستجلب الاستثمار، كيف سيتطور المستوى المعيشي للمواطن، كيف ستضمن أن يتلقى علاجاً وعناية صحية حين يكبر بالعمر وليس إلغاء إعفائه في مركز الحسين للسرطان بحجة توفير النفقات دون التمهل والتريث لاحتمالات أن تكون حياته مهددة بالخطر؟!
إذا كان التعديل الوزاري لن يفعل ذلك، ولن يحل مشاكل الناس، فنحن في ذات المربع وإن تغيرت الأسماء والوجوه.