التاريخ : 2018-06-06
الملك وولي العهد والحالة الوطنية .. وملامح التحرك العربي
الراي نيوز
د. عدنان سعد الزعبي
لا يمكن الفصل بين ما نشط به الملك امس وتصدره مشهد الحالة الوطنية الراقية التي عكست انحياز مطلق للملك للشعب ، وبين الحالة التي رسمها ولي العهد بتفقده ساحة الاحتجاجت في الدوار الرابع فكلتا الحالتين نبعا من سراج واحد اساسه العلاقة الاسرية بين الاسرة المالكة والوطن الاردني بكامل مكوناته .
فمن الطبيعي جدا ان يتواج ولي العهد في الدوار الرابع ليتفقد واقع الحال للمحتجين ولقوات الدرك , فالحالة السلمية والوعي الكبير الذي ساد العلاقة برهنت على رقي الفكر السياسي الاردني وسعة افقه في التعامل، مع رفضه وإحتجاجاته على سياسات الحكومات التي يقر الجميع انها انهكت الناس وقست عليهم .
من الطبيعي أن يتواجد ولي العهد بين المحتجين ورجال الدرك ويصافحهم ليؤكد على سلامة الحالة الأحتجاجية ومنطقية المطالب وقبل هذا وذاك اقرار الاسرة المالكة للاسلوب الديمقراطي الحضاري للتعبير , وبيان ما يعانية
المواطن والتقصير الذي ظهر بالحكومات ,التي ركزت بمعالجة التحديات الاقتصادية على جيوب الناس وخاصة الفقراء .
وقبل وهذا وذاك الحالة التؤمية بين القيادة والشعب .
ما قام به ولي العهد صورة اردنية متطورة وحالة راقية لا يمكن ان تجدها في أعتى الدول الديمقراطية , فحالة الهيجان الشعبي واستنفاره وغضبه لم يترجم الى حالة من الفوضى أو التخريب أو الإساءة , فالمواطن الأردني واع ويدرك أن عمليات الضغط على الأردن ذات ابعاد سياسية , وما نعانية هو جزء من هذا المخطط الذي يهدف الى اجبار الاردن التنازل عن ثوابته , والهروب من اولوياتها .
لقاء ولي العهد بالمحتجين والمتظاهرين انما بين صورة التصالح العام بين القيادة والشعب وهو السر واكسير الحياة الذي يمنح الاردن الحياه ، كل ماحاول البعض التآمر والنيل منه .
من استمع لكلام الملك بالامس في لقائه مع الإعلاميين يدرك تماما أن الرقي والتطور المنهجي في علاقة الملك مع الشعب هي علاقة نبضية واحساس روحي قائم على المسؤولية المطلقة والمحبة والثقة المتبادلة , فالملك انحاز للمواطن وتحدث بلسان كل اردني , تلفظ بعبارات هي لسان حال كل مواطن ليجدها قواعد ثابتة عند الملك الذي عكس افتخاره واعتزازه بالوعي الكبير للمواطن الأردني وإدراكه لكل تفاصيل المشهد السياسي داخليا واقليميا ودوليا. وهذا ما فوت ويفوت كل فرص التخريب والإساءة لحاضر ومستقبل الوطن وانقاذنا من الإنزلاق في منعطفات مدمرة , أو الدخول في نفق مجهول ! .
الملك المتصالح مع نفسه وشعبه لم ولن ينكر صعوبة الحالة الوطنية وخاصة الإقتصادية التي سببتها الحالة الإقليمية الملتهبة وانغلاق الحدود وموضوع انقطاع غاز مصر وبنفس الوقت استضافتنا للأعداد الكبيرة من اللاجئين , مصارحا شعبه وبدون وعود رنانه أو وهم مريح ، بل وبكل جرأة القائد الواثق كرر أن المرحلة القادمة ليست سهله وتحتاج الى مرحلة جديدة بوجوه وأدوات جديدة تتلاءم مع هذه الحالة الوطنية التي بينت للعالم حقيقة علاقة الاردنية بوطنه وقيادته , فاستشراف المستقبل وتحدياته ومعالجتها سمة الشعوب الحية المتطورة ونحن في الاردن نملك المقومات واثبتنا ذلك وعلى ارض الواقع , الأمر الذي دفع بالملك لان يطالب بحكومات وأحزاب وكتل برلمانية لتحمل مسؤولياتها الحقيقية واعادة رسم الذات بما ينسجم مع تطلعات الوطن والمواطن وتحملهما في سبيل البقاء والقيام بالدور الريادي على المستوى المحلي والدولي.
فنحن مع الملك نرى بأننا بأمس الحاجة للجهد الخالص وبمنهج جديد مبني على حوار وطني يؤكد على أولوياتنا الوطنية والتفاعل معها باعتبارها رواسي يعمل من اجلها الجميع , ولهذا فمهمة الحكومة الجديدة يجب ان تكون أشمل واعظم مسؤولية في التعامل مع كل هذه المفاهيم والمتغيرات وخاصة بث الروح لمفاصل الجهاز الأداري بالدولة وتمكين الشباب بالنظرة الحديثة المتفائلة بعيدا عن الكلاسيكية . والاستفادة من الخبرات الشابة المؤهلة , معلنا وبكل وضوح اننا سنستمر في برنامج التصحيح الاقتصادي حيث مضينا مشوارا طويلا وشاقا في انجازه وتحقيقه .
وفي هذا الخضم الصعب يتلقى الملك الهواتف منالقيادات العربية ويستقبل نائب رئيس الوزراء الكويتي ويتابع تصريحات المسؤولين في قطر ولبنان واليمن وغيرها و التي عبرت عن دعمها للاردن . حيث ادرك الجميع ان الواقع الاردني واقع تماسك , وان أي خلل في هذا البناء سيؤثر بالحتميه على بقية الدول المجاورة وغير المجاورة وأن الاضرار من تصدع الواقع الاردني لا سمح الله سيستجر بالضرورة تداعي واقع الاحوال بالدور العربية وخاصة التي تعتقد بانها تعيش بحالة استقرار ، فحالة تعبير زعماء عرب عن قلقها لما يجري بالداخل الاردني أنما هو ترجمة على مراجعة النفس والتأكيد على المواقف الاردنية الثابة والمشرفة للأمة باسرها , وان صمود الاردن وتصديه للأعاصير وحده ، يجب ان لا يثنى العرب من الوقوف مع الاردن وتمكينه تجاوز مثل هذه التحديات ..
نتأمل ان يدرك العرب ان المنظومة الامنية العربية هي وحدة واحدة ويجب ان تبقى متماسكة وإلا تناثرت حبات المسبحة , وهذا ما تسعى اليه الصهيونية العالمية ، من هنا فاننا امام مفترق طرق , اما ان يأخذنا ألى مشروع إعادة اللحمة العربية وهو الأسلم لكل دولة أو التفرقة والتمزق والتشرذم , وعندها سنأكل كما اكلت سوريا والعراق وليبيا واليمن ... والدور على الجميع دون استثناء . فهل يدرك العرب الدرس , ويعود الجميع للرشد..