الرأي نيوز - لا يمكن أن يمر في أي شارع بالوطن العربي إلا ويلاحقه اسم «عصام»، تلك الشخصية التي برع في أدائها في مسلسل «باب الحارة»، وشكّلت علامة فارقة في مسيرته، وفي الوقت نفسه هو أحد أبطال الدراما الاجتماعية في أعمال عديدة، من «سكر وسط»، إلى «منعطف خطر»... وغيرهما من الأعمال. هو من الأسماء التي يطلبها صنّاع الدراما من دون تردد. يبرع في أداء شخصياته ويقدّمها بخلطة بين البساطة والحرفية في الأداء. النجم السوري ميلاد يوسف ضيف مجلة «سيدتي» لهذا العدد؛ حيث تحدّث عن الكثير من التفاصيل المتعلقة بحياته المهنية، وعن كواليس وأسرار من مسلسل «باب الحارة»، فكان الحوار الآتي.
يتكلم العمل عن دخول تنظيم «داعش» الإرهابي إلى مدينة الموصل في العراق، وهذا الحدث الذي كانت له تداعيات على مستوى المنطقة ككل، وكنت أؤدي شخصية «سمير»، وهو أحد العوائل الموصلية التي عانت من دخول «داعش» إلى المدينة.
«ليلة السقوط» عمل يضم نجوماً من الوطن العربي، ومن إنتاج شركة «بلا حدود»، التي أمّنت إنتاجاً ضخماً جداً، وكذلك المخرج ناجي طعمي الذي قدم جهوداً كبيرة على مستوى الصورة والممثلين، وربط العلاقات، وكانت مشاركتي في العمل مميزة جداً.
بداية الحلم بهذه المهنة
ماذا عن مشاركتك في الفيلم السينمائي «بوح» والشخصية التي تؤديها؟
كنت محظوظاً بالجانب السينمائي خلال الفترة الماضية؛ حيث إن السينما هي ركنٌ تلجأ إليه لتحقيق المتعة التي تفقدها في الأعمال الدرامية الطويلة. وكان لديّ أكثر من مشاركة. فشاركت في فيلم «مفتاح الحب»، الذي تمّ تصويره في الإمارات. كما أنهيت تصوير فيلم «بوح»، من تأليف وإخراج أيهم عرسان، وهو تجربة مميزة جداً بلغة سينمائية ليست بعيدة عن الجمهور.
كنت من أوائل مشيّعي المخرج الراحل بسام الملا، هل هو من باب الوفاء، وما تأثير الراحل في مسيرتك؟
بالنسبة إلي ومن بداية الحلم بهذه المهنة، فإن شخصية المخرج بسام الملا وكلماته كانت حاضرة معي، بدءاً من مسلسل «الخوالي» في العام 2000. فأنا والأستاذ بسام علاقة طويلة امتدت على أكثر من عشرين عاماً، ومن ضمنها تجربة مسلسل «باب الحارة» الذي حفر في ذاكرة المشاهد، إضافة إلى أهمية التجربة الأولى في مسلسل «الخوالي» بشخصية «طلبة»، التي علقت بذاكرة المشاهدين، وقدمتني بطريقة مختلفة. وبرأيي، كان هذا المسلسل هو المؤسس لسلسلة أعمال الدراما الشامية اللاحقة التي شاركت فيها.
وبالتأكيد، بسام الملا حاضرٌ في ذاكرة ميلاد يوسف ووجدانه. وبالتالي، حضوري في جنازته هو جزء من الوفاء لما قدمه هذا الرجل لي على الصعيد الشخصي، وللدراما السورية ككل.
هل تعتقد أن شخصية «عصام» كانت سبباً في شهرتك عربياً؟
حالة مسلسل «باب الحارة» التي استمرت لفترة طويلة وإصراري على المشاركة في الأجزاء التسعة، وهذا الزمن الطويل والنجاح الكبير الذي حققه في الوطن العربي، وحتى لدى الجاليات العربية في العالم، كل ذلك ساهم في تكريس ميلاد يوسف وتقديمه بطريقة مختلفة، وبكل تأكيد شخصية «عصام» تطورت على مدى الأجزاء المختلفة. ويمكنني القول إنه نشأت علاقة بين شخصية عصام وبين الجمهور، وهذا العمل على الرغم من عديد الإشكاليات التي مر بها، فإنه يبقى جزءاً من ذاكرة الدراما السورية. وبكل تأكيد له دور في تكريس ميلاد يوسف بوصفه ممثلًا في دراما البيئة الشامية.
عندما قرأت شخصية «عصام» للمرة الأولى، كيف فكرت في بنائها الدرامي على صعيد الشكل والأداء؟
أتذكر أن النص وصلني عبارة عن جزأين من 62 حلقة. وكان في ذلك الوقت تقليداً مهنياً مهماً جداً، وهو «بروفات الطاولة» والأستاذ بسام الملا - رحمه الله - كان يصرّ عليها. ومن خلال تلك البروفات تتلمس من المخرج ملامح الشخصية، وطريقة الأداء، وتصوّر الشخصية، والشكل، والملابس، والمكان. ومن خلال «بروفات الطاولة» والمخرج والزملاء الحاضرين تشكّلت ملامح شخصية عصام.
وبرأيي، تقليد «بروفات الطاولة» افتقدناه بشكل كبير حالياً، وليس ذلك فحسب، بل بتنا مع حالة جديدة، وهي إرسال الشخصية التي سيؤديها الممثل فقط من دون نص المسلسل كاملاً. وهذا الأمر يتبع لطبيعة الممثل. لكن أنا من الأشخاص الذين يصرّون على معرفة كل خطوط العمل وأحداثه كاملة. وأنا أتمنى أن يعود تقليد «بروفات الطاولة»؛ لأنها كانت شكلاً فنياً مهماً جداً لتطوير الشخصيات وتشكيلها.
هل ترى أن مسلسل «الهيبة» حقق جماهيرية تشبه جماهيرية «باب الحارة»، وهل تابعته؟
حقق هذا العمل جماهيرية كبيرة، ولا أريد أن أقارن جماهيريته بجماهيرية «باب الحارة»؛ لأننا أمام حالتَيْن مختلفَتَيْن وموضوعَيْن مختلفَيْن وبيئتَيْن متباينتَيْن. ولكن هذا العمل كان له وقع كبير لدى المشاهد العربي بشكل عام، وأصرّ صنّاع العمل على التغيير وتطوير هذا العمل. وبالتأكيد، إن كانت هناك انتقادات للعمل أو آراء رافضة له، فإن ذلك لا ينقص من قيمته. وبرأيي، نجح صنّاع المسلسل في تقديم أجزاء متلاحقة من عمل مميز. وهذا جهد كبير يجب أن نحترم القائمين عليه بكل تأكيد.
هل ترى أن الدراما المشتركة حالة يمكن أن تزول أم أنها تتطور باستمرار؟
الدراما المشتركة لن تزول، ومن الممكن أن تتطور؛ لأن مجتمعاتنا أصبحت مجتمعات مختلطة. وهناك نوع من الانفتاح بين بعضها البعض مع التطور الحاصل في العالم. والدراما هي انعكاس للحالة الاجتماعية. وبالتالي أصبح من الممكن إقامة علاقات بين شخوص من جنسيات مختلفة ضمن مسلسل درامي.
هل ترى أن هذه الدراما ظلمت عدداً من الفنانين والفنانات السوريين؟
هو ليس موضوع ظلم، بل برأيي هو موضوع توزيع الفرص، ودائماً هناك فنانون في مراحل معينة تمرّ عليهم فترات من التهميش «إن صح التعبير»، أو النسيان، أو غضّ النظر عنهم بسبب مزاجية الفنان نفسه، أو مزاجية شركات الإنتاج. ولكن برأيي الإصرار من الفنان نفسه قادر على أن يفتح له أبواباً أو مشاريع يفرض نفسه من خلالها.
وبكل تأكيد، هذا التهميش قد يكون عفوياً، وقد يكون مقصوداً، وأحياناً تسأل نفسك: أين الفنان أو الفنانة الفلانية، ولماذا هذا الغياب القسري أو العفوي؟
من الممثلة التي ترى أن هناك كيمياء خاصة بينكما في الأداء؟
لي تجارب كثيرة مع العديد من الصديقات الممثلات، وأنا دائماً أبحث عن مفاتيح في شخصية الممثلة التي أتشارك أنا وإياها عملاً معيناً. وأنا قريب من كل الزميلات، ومنهن: إمارات رزق، ونادين تحسين بيك، وسلاف فواخرجي، وجيني إسبر، وليليا الأطرش... والكثير من الصديقات الممثلات. والأمر برأيي يعود إلى إيجاد مفتاح الشراكة مع الممثلة، وفي الوقت نفسه يعود إلى وجود علاقة طيبة مع الشريكة الدرامية؛ لأنه عندما يكون هناك توتر بين الممثل والممثلة فإن ذلك سينعكس على الشاشة.
البساطة في الأداء
هل الأجر وترتيب الاسم على الشارة عامل أساسي في الموافقة أو رفض أي عمل؟
هذا جزء من المهنة، وهو حق من حقوق الممثل، وله دور في الموافقة أو الرفض، ولكن في الوقت نفسه أرى أن هذا الموضوع مرن، ويمكن النقاش به. وأنا لا أملك حساسية تجاه موضوع الأجر المادي وترتيب الاسم على الشارة، وأحب أن أحصل على الأجر المناسب وغير المبالغ فيه. والأمر يتبع لعوامل عديدة، منها: الخبرة، وأيام التصوير، وعدد المشاهد، ومواقع التصوير. وعندما يعرف الممثل كل هذه التفاصيل يمكنه التفاوض على الأجر المناسب، وموقع اسمه على شارة المسلسل.
في ظل المنافسة الكبيرة يميل البعض من الممثلين إلى الاستعراض للفت النظر، هل أنت مع الاستعراض في الأداء، ولماذا؟
هذا الموضوع يحكمه تفكير الممثل وآليته في تنفيذ الشخصية. وأنا بوصفي ممثلاً لا أبحث عن الاستعراض ولا المبالغة، أنا أبحث عن الإقناع، وهذا لا يأتي إلا من خلال الطبيعية والبساطة في الأداء.
الدراما الخليجية
ما رأيك في التطور الحاصل في الدراما الخليجية، وهل يمكن أن نراك هناك؟
الدراما الخليجية لها حضور مميز جداً تعمل في جو من الاحتراف الكبير جداً. وكان لي مشاركة في مسلسل «ملامح بشر» مع محمد القفاص. وهي من التجارب التي أعتزّ بها في الدراما الخليجية، وكذلك مسلسل «سبعة». وبرأيي، تصرّ الدراما الخليجية على فتح مواضيع جديدة وعدم التكرار، وهناك مستقبل كبير لهذه الدراما.
لا نرى عائلتك على «السوشيال ميديا»، ما السبب؟
أنا مقلّ في ذلك؛ لأن «السوشيال ميديا» أصبحت فضاءً خطيراً جداً يحتاج إلى التعامل معه بحذر، كما أنه أصبح منصة لبعض الأشخاص المتنمرين أو الحاقدين. وفي الوقت نفسه، هي مكان لأشخاص محترمين ومشاهدين ومتابعين ومحبين وجمهور ينتقد بموضوعية. وفي ظل حساسية هذه المنصات، أنا فضّلت أن أبعد عائلتي عن «السوشيال ميديا» حتى يعيشوا بشكل طبيعي، ومن دون حساسيات أو تأثيرات في حياتهم.
هل ترى أن «السوشيال ميديا» أصبحت معياراً للانتشار والشهرة؟
بكل تأكيد، وصانعة لنجوم في مجالات مختلفة. وهي فضاء كبير فيه كل شيء، وأتمنى أن يتحول إلى فضاء مضبوط أخلاقياً بشكل أكبر؛ لأنه فضاءٌ مؤثرٌ جداً.
سيدتي