محمد محيسن
وسط الجدل المتنامي حول استغلال الحكومات العالمية لجانحة "كيوفيد 19" ، تصر الحكومات العربية، ومن بينها حكومتنا الرشيدة، على ان الظرف الراهن فرصة لمواصلة ما اعتادت أن تفعله ، وما تتقنه جيدا.
جيوب الطبقة الوسطى هي الحلول التي تفننت الحكومات المتعاقبة فيها ،كأسهل وسائل وأسرعها وكثرها جلبا للمنفعة ورضا لصندوق النقد الدولي. ولكنها لم تعد مقبوله او ممكنه ، بعد ان بات انزلاق الكثيرين من أبناء الطبقة الوسطى إلى الفقر المطقع وشيكا ، فيما انحدر جزء من الطبقة البرجوازية إلى الطبقات الفقيرة أو المتوسطة في أحسن الأحوال .
فهذه الجائحة أتت على البقية الباقية من مدخرات المواطنين، بل وفقد الكثيرين مصدر رزقهم ، وبحسب التقارير العالمية فأن مصائب الوباء لم تقف عند حد، فإلى جانب مصائبه على الدول والبنى الصحية وارتفاع معدلات البطالة، يبدو أنه يضرب الفقراء ليس في مجال العلاج فحسب، بل في دخلهم مدخراتهم.
ومنذ تفشي جائحة كورونا وانهيار الاقتصاد العالمي، اضطلعت الحكومات بصلاحيات جديدة باتت تسمح لها بالتتبع والتعقب والسيطرة، ومع غياب الرقابة البرلمانية الهشة أصلا والغياب المتقن والمبرمج لوسائل إعلام مهنية ، بات من السهل على الحكومات السيطرة على مداخل ومخارج السياسة والاقتصاد الذي توقفت عجلته، الأمر الذي أدى إلى تعزز سلطة الحكومات بشكل دائم ومطلق.
التميز الذي طبع الإجراءات الحكومية على مدى الأشهر الماضية حقق حالة شعبية نادرة يمكن استغلالها جيدا من خلال الحفاظ على تنمية المجتمع ، وخلق ديمومة اقتصادية تحافظ على الطبقة الوسطى وتقلص الفجوة وتقترب من الفقراء الذين يعتمدون في معيشتهم على العمل اليومي.
ألا أن الحكومة وبدلا من الحماية الاجتماعية والاقتصادية ودعم المتضررين، وضعت العمال في مواجهة أصحاب العمل، وكلاهما متضرر، وتنصلت من دورها في دعم الطرفين.
ولكن وحتى نكون متميزين فعلا كما يؤكد ذلك العديد من الوزراء والمسؤولين ، على الحكومة ان تتخلى ولو مؤقتا عن اللجوء الى جيوب الطبقة الوسطى والفقراء والعبث فيها وتقليبها إذا اقتضت الضرورة ذلك .
كما يفرض التميز كما يشير الى ذلك تقرير المرصد العمالي تطويـر وتطبيق سياسات وإجراءات تسهم فـي تقليل خسائر مختلف الاطراف، فالعاملون بمختلف أنواعهم وأشكال عملهم بحاجة الى استمرار دخولهم للإيفاء بالتزاماتهم العائلية الاساسية المختلفة، ومنشآت ألعمال على اختلاف احجامها بحاجة الى دعـم قدرات مؤسساتهم لتقوى على الصمود والبقاء والحفاظ على العامليـن لديهـا.
الخطر الذي يجب ان تقلق عليه الحكومة هو تنامي معدلات الفقر والبطالة التي باتت مؤشراتها تتصاعد بوتائر متسارعة .
يقول تقرير لمنظمة هيومن رايتس ووتش ، إن فقراء الأردن سيدفعون ثمن حماية الشركات، بعد تعديل الحكومة قوانين العمل والضمان الاجتماعي ضمن التدابير الاقتصادية المتخذة وسط تفشي وباء فيروس كورونا.
ومن المؤكد ان أوامر دفاع والتعديلات عليها وخصوصا أمر الدافع رقم 6 والتعديلات التي أجريت سيؤدي الى ارتفاع البطالة إلى نسبة غير مسبوقة الخطر الذي يجب أن يقلقنا ويقلق الحكومة أكثر من غيره من المخاطر.
التميز الحقيقي يعني حماية المجتمع وابرز مكوناته وهي الطبقة الوسطى ...